العراقيون يرفضون علم مجلس الحكم الجديد
زيادة الإقبال على شراء العلم القديم، وعراقيون يهددون بمقاطعة العلم الجديد لشبهه بعلم إسرائيل.
ميدل ايست اونلاين
بغداد - من مراد الأعظمي
أقر مجلس الحكم الانتقالي في العراق علما جديدا بدلا من العلم القديم. ويتضمن العلم خلفية بيضاء يتوسطها هلال تعبير قيل إنه يرمز إلى الإسلام، وخطين أزرقين في أسفله يرمزان لنهري دجلة والفرات، يتوسطهما خط أصفر اللون، يرمز للأكراد.
كما أقر المجلس تغيير شعار الجمهورية العراقية، فبدلا من النسر المعروف، الذي كان يمثل شعار العراق، عاد مجلس الحكم الانتقالي إلى شعار الجمهورية العراقية، التي أعقبت الإطاحة بالملكية على يد عبد الكريم قاسم عام 1958.
وقد أثار العلم العراقي الجديد ردود أفعال غاضبة لدى العراقيين. فقد عده الكثير منهم علما لا يمثل العراق. في حين رفض كثيرون استبدال العلم العراقي القديم الذي يحمل لفظ الجلالة "الله أكبر" بالعلم الجديد، الذي خلا من هذه العبارة.
ويقول المواطن العراقي جمال مصطفى "لا أدري لماذا هذا الإصرار من قبل أعضاء مجلس الحكم على تغيير العلم، وكأنه علم (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين، وليس علم العراق". ويضيف "لقد فتحنا أعيننا على هذا العلم، واليوم يريدون ببساطة أن نغيره كيف يعقل هذا؟". ويقول "أنا لم أكن أحتفظ بالعلم العراقي سابقا في بيتي. أما اليوم وبعد قرار مجلس الحكم الانتقالي فلقد سارعت إلى شراء العلم الذي اعتبره يمثل بلادي، وسوف أرفعه على أعلى مكان في بيتنا في اليوم الذي يرفع الانتقالي علمه الجديد".
أما الباحث العراقي مجاهد عبد الرزاق فقال "أعتقد أن مجلس الحكم الانتقالي وبعد فشله في إدارة أمور البلاد أراد أن يثبت للناس ولنفسه أنه يحقق شيئا ما فقرر أن يستبدل العلم"، متسائلا ألا يفكر المجلس الانتقالي في شيء أكثر جدوى ونفع للشعب العراقي، بدلاً من هذه الشكليات؟.
ويضيف أنه "ليس من المعقول أنه كلما جاء حاكم جديد يعمد إلى تبديل العلم، وكأن العلم العراقي يتبع الحاكم ولا يمثل الشعب". ويقول "هناك مسألة مهمة وهي أن العلم الحالي يحمل عبارة الله أكبر، وهي التي يرى فيها العراقيون أنه من أجمل وأجل ما في العلم، وربما كان الحب الأكبر للعلم قد جاء من هذه اللفظة، لذلك فإن أي تغيير في العلم العراقي سيرى فيه العراقيون مسا بهذا اللفظ العظيم على قلب العراقي"، متوقعا أن "لا يجد العلم الجديد أي قبول لدى العراقيين".
أما السيدة ضياء عبد العزيز الموظفة في مصرف الرافدين فتقول "العلم العراقي ليس علم صدام (حسين) فالعراق اليوم ينظر إلى علمه نظرة إجلال ونظرة حب، فلماذا نعمد إلى قتل هذه الروح لديه؟"، ثم تضيف "أليس من الأجدر بنا أن نفكر كيف نعزز هذا الحب لعلم الدولة بدلا من أن نأتي له بعلم آخر يشعر العراقي أنه غريب عليه؟". وتقول "أنا من ناحيتي لن أرى إلا علم بلادي القديم، فهو الوحيد الذي سوف أبقى أشعر أنه يمثلني، وما عداه فلن يهتز لي جفن لو رأيته يمزق أمامي".
ويجد بعض العراقيين في العلم الجديد شبها كبيرا مع العلم الإسرائيلي، من حيث الألوان، حيث أكد عدد من العراقيين أن الألوان التي تم اختيارها للعلم الجديد تشبه إلى حد كبير ألوان العلم الإسرائيلي.
من جانب آخر وبعد إذاعة نبأ تبديل العلم شهدت محلات بيع الأعلام العراقية في منطقة علاوي الحلة، وسط العاصمة بغداد إقبالا كبيرا لشراء العلم العراقي القديم. فلقد أكد أحد أصحاب هذه المحلات لمراسل "قدس برس" أنه لم يكن في السابق يبيع العلم إلا لدوائر الدولة أو المؤسسات، أو للذين لديهم مظاهرة، أو يريدون أن يعلقوا العلم بجنب لافتة شهيد. "ولكني اليوم صرت أبيع العلم لأناس عاديين، ليس هذا فقط بل إن بعض المواطنين اشتروا أكثر من علم وبقياسات مختلفة".
وفي دلالة سياسية واضحة، وبعد أن شهد المراسل هذا الإقبال الكبير على شراء العلم القديم سأل بعض الزبائن عن سر شرائهم لعلم بات جزء من الماضي، فقالوا إنهم يريدون أن يعلقوه على أسطح منازلهم، بعد قرار مجلس الحكم بتغيير العلم، مشيرين إلى أنهم لا يعترفون بالقرار، ولا يجدون في مجلس الحكم ما يؤهله أن يغير علم العراقيين، وهو مجلس موال لمحتل أجنبي.
ولاحظ مراسل "قدس برس" اليوم في جولة موسعة له في بغداد أن عددا من منازل المواطنين رفعت العلم العراقي القديم. كما أن البعض الآخر قام بإلصاقه على السيارات، في محاولات رمزية للتعبير عن رفضهم للعلم الجديد.
من ناحية أخرى توقع عدد من المراقبين أن يبرز العلم العراقي الجديد إلى السطح مسألة مهمة، وهي إلى أي حد سوف يستطيع مجلس الحكم تنفيذ قراراته، التي تمس المواطن بصورة مباشرة. وأكدوا أن العلم العراقي الجديد لن يقر بقرار مجلس الحكم، ما لم يوافق عليه الشعب العراقي، بحيث يبدأ النظر إليه على أنه علم بلاده، وهو الأمر الذي يرى المراقبون أنه صعب التحقق، خاصة وأن أغلب قطاعات الشعب العراقي لا تنظر بعين الاحترام لمجلس الحكم. كما أن العراقيين قد تأقلموا مع علمهم القديم، الذي يحمل لفظ الجلالة، وسط مشاعر دينية ربما هي الأقوى في تاريخ العراق الحديث.(قدس برس)
منقول