وفاء " من اروع القصص الاسلامية "
الوفاء و يالها من صفه صفه لو كانت لدي كل البشر لتغيرت شاكلة الأرض
هذه نماذج للوفاء الذي نتمنى أن يسود عالمنا فهل يسود يوم ما ؟
الزوج الوفي
كانت أم المؤمنين السيدة خديجة- رضي الله عنها- مثالا للزوجة الوفية مع النبي صلى الله عليه وسلم ؛ تفرح لفرحه، وتحزن لحزنه، وتسانده في الشدائد، وتتحمل معه الكثير من المتاعب في سبيل الله، فكان صلى الله عليه وسلم يقدر لها هذا العطاء، ويعرف لها هذا الفضل.
وبعد أن ماتت- رضي الله عنها- بقى صلى الله عليه وسلم وفيًا لها؛ يكرم صديقاتها، ويفرح إذا رأى أحدًا من أهلها، ويذكرها دائمًا بالخير، ويثنى عليها.
وذات مرة، أكثر صلى الله عليه وسلم من الثناء عليها أمام أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها-فأخذتها الغيرة، وقالت له:هل كانت إلا عجوزًا أبدلك الله خيرًا منها؟
فغضب صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا، وقال لها: (والله ما أبدلني الله خيرًا منها؛ آمَنَتْ بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء).
الوفاء للوطن
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب مكة حبَّا كبيرًا، فهي بلده الذي ولد فيه، وفيها بيت الله الحرام، وعلى أرضها نزل الوحي لأول مرة.
ولما اشتد إيذاء المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته في مكة، أمره الله -تعالى- بالهجرة إلى المدينة.
فلما خرج صلى الله عليه وسلم من مكة نظر إليها نظرة المحب الوفي، وأخذ يودِّعها، وهو يقول: (والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أُخرجت منك ما خرجت).
وبعد ثماني سنوات، كتب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يعود إلى مكة فاتحًا ومنتصرًا، بعد أن اضطر إلى الخروج منها، فدخلها النبي صلى الله عليه وسلم فرحًا مسروراً، وعفا عن أهلها برغم ما فعلوه معه.
وهكذا يكون الوفاء للوطن، والمسلم يكون محبَّا لوطنه، حريصًا على مصلحته، وفيَّا له.
الأوفياء
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته على القبائل القادمة إلى مكة لزيارة البيت الحرام، في مواسم الحج.
وفى أحد المواسم، أقبلت جماعة من المدينة، فقابلهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاهم إلى الإسلام، فشرح الله صدورهم للإيمان.
فقال لهم صلى الله عليه وسلم : (ألا تبايعون رسول الله؟).
فقالوا:علام نبايعك؟
فقال لهم: (على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، والصلوات الخمس، ولا تسألوا الناس شيئًا).
فبايعوا النبى صلى الله عليه وسلم وعاهدوه على ذلك، وصدقوا في بيعتهم، ووفُّوا بعهدهم، حتى إن بعضهم كان إذا سقط منه سوطه، لا يسأل أحدًا أن يناوله إيَّاه؛ وذلك وفاء لعهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يسألوا أحدًا شيئًا.
الأجير الوفي
عندما وصل موسى صلى الله عليه وسلم إلى مدين بالشام، شاهد زحامًا كبيرًا من الناس على بئر يسقون منه أغنامهم.وبعيدًا عن البئر، رأى فتاتين، تنتظران حتى ينتهي الزحام فتسقيا أغنامها، فتطوع موسى صلى الله عليه وسلم وسقى لهما.
فلما عادت الفتاتان إلى المنزل، عرف أبوهما الشيخ الكبير بما فعله موسى صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إحداهما أليه تدعوه لمقابلته؛ حتى يكافئه على ما صنع.
فلما حضر موسى صلى الله عليه وسلم شكره الأب، وعرف منه قصة فراره من فرعون ومجيئه إلى مدين، فطمأنه الأب، واستضافه وأكرمه، وعرض عليه أن يزوجه إحدى ابنتيه، مقابل أن يعمل عنده ثمانية أعوام، وإن شاء أكملها عشرة.
فوافق موسى صلى الله عليه وسلم ، وقضى الأعوام العشرة، فأوفى بوعده على خير وجه.وبعدها عاد بزوجته إلى مصر.
الزوجة الوفية
في غزوة بدر، أسر المسلمون عددًا كبيرًا من المشركين، وكان من بين هؤلاء الأسرى أبو العاص ابن الربيع زوج السيدة زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم .
وكان الإسلام قد فرق بين زينب- رضي الله عنها-وزوجها؛ لأنه مشرك، فلما وقع في الأسر، خلعت عِقْدها الذي أهدته إليها أمها السيدة خديجة رضي الله عنها- عند زواجها، وأرسلته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتفتدى به أبا العاص وفاء له.
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم العقد عرفه، وأحس بوفاء ابنته لزوجها، فاستشار أصحابه في أن يطلق سراح أبى العاص، واستأذنهم في إعادة العِقْد إلى زينب - رضي الله عنها-، فوافق الصحابة.
فأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم سراحه.فلما عاد أبو العاص إلى مكة أعلن إسلامه، ثم ذهب إلى المدينة، فأعاد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم زوجته الوفية زينب- رضي الله عنها-.
نذر ووفاء
كانت امرأة عمران عقيمًا لا تلد، فدعت الله -تعالى-أن يرزقها بمولود، فاستجاب الله -عز وجل-دعاءها، فحملت.
فنذرت أن تجعل هذا المولود خادماً لبيت المقدس.قالت: رب إني نذرت لك ما في بطني محررًا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم، ولم تكن امرأة عمران تعلم نوع الجنين الذي في بطنها؛ ذكرًا كان أم أنثى فلما وضعتْها قالت رب إني وضعْتُها أنثى والله أعلم بما وضعتْ.
وبرغم ذلك، عزمت امرأة عمران على أن توفى بنذرها، فسمت المولودة مريم، وأعاذتها وذريتها بالله من الشيطان الرجيم، وفرَّغتها للعبادة وخدمة بيت الله، فتقبل الله-تعالى-مريم، وأنبتها نباتًا حسنًا، وجعلها من الصالحات القانتات العابدات، وجعلها من سيدات نساء أهل الجنة.
وفاء وإيثار
في أحد الأيام، اشتد الجوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر- رضي الله عنهما-، فانطلقوا إلى بيت أبى الهيثم بن التَّيِّهان الأنصاري- رضي الله عنه-وكان رجلا غنيَّا؛ فأطعمهم طعامًا شهيَّا، فوعده النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه خادمًا عندما تأتى الغنائم والسبي (الأسرى من الرجال والنساء).
ومرت الأيام، وجاء ثلاثة من الأسرى للرسول صلى الله عليه وسلم ، فأعطى اثنين منهم للمسلمين؛ فاتخذوهما كخادمين، وبقى واحد.
فجاءت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم تطلب خادمًا؛ لكي يساعدها، ويخفف عنها متاعب العمل، فرفض صلى الله عليه وسلم أن يمنحه لها؛ لأنه وعد به أبا الهيثم- رضي الله عنه - من قبل.
وقال: (كيف بموعدي لأبى الهيثم؟)، وآثره بالخادم على ابنته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على الوفاء بعهده ووعده.
وفاء عند الموت
يحكى أن رجلا قابل عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما-وطلب منه أن يزوجه ابنته، فرد عليه عبد الله- رضي الله عنه-قائلا:إن شاء الله.وهو بذلك لم يوافق، ولم يرفض.
وبعد فترة، حدث أن رقد عبدُ الله- رضي الله عنه-على فراش الموت، فقال لمن حوله:انظروا فلانًا، فإني قد قلت له في ابنتي قولا يشبه الوعد (أي:لم أصارحه بالموافقة أو الرفض) فما أحب أن ألقى الله بثلث النفاق، فأشهدكم أنى قد زوجته ابنتي.
يقصد أن إخلاف الوعد من صفات المنافقين، فقد قال صلى الله عليه وسلم : (آية المنافق ثلاث:إذا حدث كَذَب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائْتُمِن خان).
وفاء مع المشركين
في العام السادس الهجري، عقد المشركون مع المسلمين صلح الحديبية، وكان من شروط الصلح أنه إذا أسلم أحد من المشركين، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم رده إلى قومه.
وبعد عقد الصلح مباشرة، جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو- رضي الله عنه-وأعلن إسلامه، فلما رآه أبوه قام إليه وعنفه، ثم طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرد أبا جندل؛ تنفيذًا لشروط الصلح فوافق صلى الله عليه وسلم .
فقال أبو جندل- رضي الله عنه-:يا معشر المسلمين، أأُرد إلى المشركين يفتنوني عن ديني؟
فأخبره صلى الله عليه وسلم :بالعهد الذي أخذه على نفسه، وأنه يجب عليه الوفاء به، فقال: (يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، وإننا قد عقدنا بيننا وبين القوم صُلْحًا).
الخليفة الوفي
ذات يوم، قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله- رضي الله عنه-: (لو قد جاء مال البحرين (أي:الزكاة التي تجمع من البحرين) أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا).ومات الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن تصل أموال الزكاة من البحرين.
فلما تولى أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- الخلافة، وجاءت الأموال من البحرين، أمر رجلا أن ينادى:مَنْ كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد وعده بشيء فلْيأتِ.
فذهب جابر- رضي الله عنه-إليه، وأخبره بوعد الرسول صلى الله عليه وسلم له أن يعطيه من مال البحرين إذا جاء (ثلاث مرات)، فأعطاه الخليفة- رضي الله عنه- كيسًا من المال.فعدها جابر- رضي الله عنه-فإذا هي خمسمائة، فأعطاه الخليفة مثلها مرتين؛ وفاءً بوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الوعد المخلوف
بعد أن أُغرق فرعون وجنوده، عاش بني إسرائيل سعداء بنعم الله-تعالى-التي رزقهم بها.
وعندما ذهب موسى صلى الله عليه وسلم ليتلقَّى رسالة ربه، أمر قومه أن يطيعوا أخاه هارون صلى الله عليه وسلم ، وأخذ العهد عليهم أن يظلوا متمسكين بإيمانهم.
وبمجرد أن تركهم موسى صلى الله عليه وسلم ، صنع رجل منهم يسمى السامرى عجلا من الذهب، وأتقنه بطريقة خاصة، فكان إذا دخله الهواء خرج منه صوت يشبه صوت العجل، فعبدت بني إسرائيل هذا العجل من دون الله، ونسوا عهدهم لنبيهم، فنصحهم هارون صلى الله عليه وسلم أن يعودوا إلى الإيمان فرفضوا.
فأخبر الله موسى صلى الله عليه وسلم أثناء مناجاته له أن قومه قد نقضوا عهده.فعاد موسى صلى الله عليه وسلم إليهم وهو حزين على ما قد صنعوا، وغضب عليهم ولامهم على إخلافهم العهد، وأحرق العجل، وبدأ يدعوهم من جديد إلى الإيمان بالله الواحد.
وفاء جميل
قبل معركة بدر، وقف النبي صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه بشأن المعركة، فتكلم من المهاجرين أبو بكر وعمر- رضي الله عنهما-فأحسنا الكلام.
وأراد صلى الله عليه وسلم أن يسمع رأى الأنصار، وخاصة أنهم كانوا قد عاهدوه على أن يدافعوا عنه، وينصروا دعوته، فقام منهم المقداد بن عمرو- رضي الله عنه-، وقال:يا رسول الله، امض لما أراك الله فنحن معك...ولنقاتلهن عن يمينكَ وعن يسارك وبين يديك ومن خلفك؛ حتى يفتح الله لك.
ثم تكلم سعد بن معاذ- رضي الله عنه-قائلا:يا رسول الله، لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئتَ به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك...فِسِرْ بنَا على بركة الله.
ففرح الرسول صلى الله عليه وسلم برأي الأنصار، وأعجب بإخلاصهم ووفائهم لعهدهم.
وفاء الحيوان
خرج رجل مع جاره وشقيقه ليتنزهوا خارج المدينة، فتبعه كلبه؛ فضربه الرجل بحجر كي يرجع فأصابه، ولكن الكلب ظل يسير خلفه.
وفى الطريق خرجت عليهم عصابة من الرجال فلما رأى شقيقه وجاره كثرتهم خافا وفرَّا وتركاه وحيدًا بين أيديهم.إلا أن الكلب أخذ ينبح عليهم ليتركوا صاحبه، فأخذوا يرمونه بالحجارة.
ثم حملوا الرجل بعد أن ضربوه، وأصابوه بجراح عديدة، ورموه في حفرة عميقة، ثم غطوها بالأعشاب وانصرفوا.
ولما ابتعدوا، جاء الكلب إلى الحفرة، وأخذ يحرك الأعشاب بمخالبه، حتى ظهر رأس صاحبه وقد أوشك على الموت.وعندما رأى الكلب أناسًا يقبلون من بعيد، أخذ ينبح نباحًا شديدًا وينبش في الأرض، حتى لفت أنظارهم إليه.
فجاءوا وأخرجوا الرجل، وحملوه إلى أهله.
الشهيد الوفي
لم يكن أنس بن النضر- رضي الله عنه-من الصحابة الذين حضروا غزوة بدر، فحزن لذلك حزنًا شديدًًا، وعاهد الله أن يقاتل قتالا عظيمًا إذا حضر غزوة أخرى مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال:إن أراني الله مشهدًا فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراني الله ما أصنع.
وفى غزوة أحد، حان يوم الوفاء مع الله، فقاتل أنس قتالا عظيمًا حتى استشهد.
فوجد الصحابة في جسده بعد موته بضعة وثمانين جرحًا، ما بين ضربة سيف وطعنة رمح، ورمية سهم، ولم تعرفه إلا أخته.
ونزل قول الله تعالى:من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.فكان الصحابة يرون أنها نزلت فيه وفى أصحابه الذين استشهدوا معه.
[center]