وهذه هي الخشية الحقيقيّة
لأن خشية الله تعالى في العلانية قد يكون سببها مراءاة الناس ، ويكون في هذه الخشية شئ من الشرك ،
لأنه يرائي بها ، ولكن إذا كان يخشى الله في مكان لا يطّلع عليه إلا الله فهذا هو الخاشي حقيقة ،
وكم من إنسان عند الناس لا يفعل المعاصي ولكن فيما بينه وبين نفسه يتهاون بها ، فهذا خشي الناس في
الحقيقة ولم يخشَ الله عز وجل لأن الذي يخشى الله لا بدّ أن يقوم بقلبه تعظيم الله سبحانه وتعالى سواء بحضرة
الناس أو بغيبة الناس ، أيضا يخشى الله بالغيب أي بما غاب عن الأبصار وعن الأذن سمعا وهو خشية القلب ،
وخشية القلب أعظم ملاحظة من خشية الجوارح إذ خشية الجوارح بإمكان كلّ إنسان أن يقوم بها حتّى في بيته
فكلّ إنسان يستطيع أن يصلّي ولا يتحرّك ، ينظر إلى موضع سجوده ، يرفع يديه في موضع الرفع ، يعني يستقيم
استقامة تامّة في ظاهر الصلاة ، لكن القلب غافل ، أما خشية القلب فهي الأصل ، وهي التي يجب أن يراقبها
الإنسان ويحرص عليها حرصا تاما ،