مدرســـــة الصـــــــيام .. بقلم ازهر اللويزي
الصيام هو العبادة التي لم يتعبد بها المشركون أصنامهم ، فقد صلوا لها وسجدوا وطافوا حولها ونذروا لها واقسموا بها وغيرها من حماقات وسذاجات ملأت عقولهم إلا الصوم لها لم يفعلوه أبداً .
ومن هنا نُدرك أحد أسرار الصيام كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" قال الله عزَ وجل : كلُ عمل إبن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " . رواه البخاري
فهو عبادة اُفرد الله عزَ وجل بها وكما أنها العبادة التي ليس للرياء مدخل فيها إلا أن تُعلن ، فلو صام الصائم فلا يعمل به أحد إلا إذا أفصح بلسانه بخلاف العبادات الاخرى التي تُرى وقد يمارسها المرائي بلباس الناسك .
ويقول إبن الجوزي رحمه الله : حق الصوم أن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وفرجك وبطنك ليسترك به من النار ! .
وشهر رمضان الذي فرضٌ صيامه هو شهر نزول القرآن والفتوحات الكبرى وإنتصار النفس على شهواتها ورعوناتها ، وفي هذا الشهر ليلة ليست بألف شهر بل خير من ألف شهر .
قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " . 183 _ البقرة
وقال الله تعالى : " شهر رمضان الذي اُنزل فيه القرآن هدىً للناس وبيناتٍ من الهُدى والفرقان " . 185_ البقرة
في شهر رمضان تتغير نواميس الكون وتستعد للحدث الرهيب العظيم وتتزين الجنان وتغلق النيران وتُصفَد الشياطين ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إذا جاء رمضان فُتِحت أبواب الجنَة وغُلِقت أبواب النيران وصُفِدت الشياطين " . متفق عليه
في الصيام فرصة ذهبية ممنوحة من الباري عزَ وجل لعباده الذين صاموه بإيمان وبإخلاص منحهم صكوكاً من الغفران ومحو ما سوَدته ذنوبهم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من صام رمضان إيماناً وإحتساباً غُفر له ما تقدَم من ذنبه " . متفق عليه
وفي الجنة الغالية باب خاص يلج منه الصائم الذي تغلب على شهواته وتحكَم في هواه وترفَع عن المادية وحلَق بصبره ، فقد جاء في الحديث الشريف عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
" إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل معهم أحد غيرهم ، يُقال أين الصائمون : فيدخلون منه ، فإذا دخل آخرهم ، اُغلق فلا يدخل منه أحد " . رواه البخاري
فالصيام مدرسة تربية يتدرب فيها المرء عملياً على محاسن الاخلاق ومكارمها وفيه تتهذَب النفس من الشح والبخل ونسيان حق الفقراء فيتخرج المرء مُتحلياً بالفضائل ومُتخلياً عن الرذائل .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لم يدع قول الزُور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " . رواه البخاري
واعلم يا من تقرأ هذه الأسطر أننا نجوع ونعلم متى سنأكل ؟ لكن علينا أن نتذكر من يجوع ولا يعلم متى يحين طعامه ؟ .