العلاج بالموسيقى... كيف نستفيد منه كمسلمين؟
هل الموسيقى خلال أم حرام؟ وهل يمكن الاستفادة منها للعلاج؟ وماذا عن العلاج القرآن؟ وكيف نستفيد من هذه الأبحاث؟ دعونا نقرأ....
أحبتي في الله! لقد صدرت فتاوى تحلل الموسيقى والغناء ويدعي أصحاب هذه الفتاوى أنه لم يصح عن النبي الكريم في حديث صحيح أنه نهى عن الاستماع إلى الموسيقى، بل جميع الأحاديث ضعيفة أو غير ثابتة... ويقولون إن الاستماع للموسيقى أمر محبب للنفس بشرط ألا تخدش الحياء بكلام فاحش وألا تثير الشهوات.
ولكن السؤال: هل هناك موسيقى لا تثير المشاعر والعواطف وأحاسيس الحب والهيام؟ إنك إذا سألتَ أي مؤلف موسيقي أو عازف أو مطرب ما هي الأغنية الناجحة، سيقول هي الأكثر إثارة وتهييجاً للعاطفة!
والحقيقة يا أحبتي أحدثكم كمجرب للموسيقى طوال سنوات مارستُ العزف والاستماع للموسيقى وتذوق الألحان وكنتُ أسهر الليالي في عزف العود وعلى الرغم من المحاولات الكثيرة التي قمت بها للاستفادة من الموسيقى أو محاولة إيجاد فائدة واحدة فإنني لم أعثر على فائدة... إنما كلها ضرر وشرّ ومضيعة للوقت وتأثير سيء على الدماغ... كذلك الموسيقى تقودك للتدخين وأحياناً للهوى ... وغالباً إلى أصدقاء السوء... وربما الخمر وربما العشق... ولذلك لا خير فيها.
وعندما سمعتُ حديثاً للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (إنك لن تدع شيئًا لله - عز وجل - إلا بدّلك الله به ما هو خير لك منه) [رواه أحمد].. لقد أثر بي هذا الحديث كثيراً في ذلك الوقت فقررت ترك الموسيقى التي كانت تستهلك نصف وقتي بل أكثر، وسبحان الله، أبدلين الله خيراً منها، إنه القرآن وعلم الإعجاز... وكان هذا العلم فعلاً خيراً لي في الآخرة وفي الدنيا أيضاً..
والنتيجة أنني أعتقد أن الموسيقى والغناء لا خير فيهما وإذا كانت هناك بعض الفوائد الطبية للموسيقى فإن الفائدة ليست في الموسيقى ذاتها بل في الترددات الصوتية التي تحدثها الموسيقى وتؤثر على دماغ الإنسان، وسوف نرى بأن أفضل ترددات صوتية للعلاج هي صوت القرآن الكريم.
تؤكد الأبحاث أن الاستماع إلى صوت بترددات محببة للنفس على شكل موسيقى مثلاً له تأثيرات كبيرة على النظام المناعي للمريض، هذا ما أثبتته دراسات كثيرة سوف نطلع على أحدثها الآن، ولكن قبل ذلك نقول بأن التجربة أثبتت أن الاستماع إلى القرآن بصوت مقرئ عذب تستسيغه النفس وتتأثر به، له أثر أكبر بكثير من الموسيقى التي تعتبر محرمة شرعاً... لأنها تشتت التفكير وتؤذي الأذن إذا كانت صاخبة.
والآن دعونا نتأمل هذه الدراسات الجديدة حول العلاج بالموسيقى:
العلاج بالموسيقى يساعد الأطفال على الكلام
قام أطباء في مستشفى لوس أنجلوس لجراحة العظام بتجربة العلاج بالموسيقى لمساعدة أطفال مصابين بالحنك المشقوق على الكلام. وأوضح الأطباء أن الحنك المشقوق ينتج عن عدم التحام أنسجة الفم بصورة كاملة مما يسبب التشوه وصعوبة في التحدث, وقد تساعد الجراحة في علاج هذه الحالة من الناحية الطبية وتحسين المظهر الشكلي للمريض, لكنها لا تحل مشكلة الكلام.
يرى العلماء أن العلاج بالموسيقى الذي استخدم لزمن طويل في معالجة المشكلات والاضطرابات السلوكية يساعد في تحسين قدرات التكلم عند الطفل المصاب بحنك مشقوق, ويتيح له الغناء أيضا عبر تفاعله مع الأفراد الآخرين، وتشجيعه على النطق السليم للكلمات ومخارج الحروف بتعليمه تمرينات خاصة بالمشكلات المتسببة عن حالته المرضية.
الموسيقى تخفف قلق مرضى التنفس الاصطناعي
وجدت دراسة حديثة أن الموسيقى من شأنها المساعدة على تخفيف خوف وقلق المرضى الذين يتنفسون اصطناعيا عبر الأجهزة في وحدات العناية المركزة، إذ تقلل من إجهادهم النفسي وحاجتهم للمهدئات.
توصل الباحثون بجامعة أوهايو إلى أن المرضى الموجودين بوحدات العناية المركزة، والذين يسمح لهم بالاستماع للموسيقى التي يختارونها متى أرادوا تنخفض مستويات القلق لديهم بنسبة 36% مقارنة بالمرضى الذين لا يستمعون للموسيقى.
الموسيقى لعلاج طنين الأذن
توصل فريق ألماني إلى كشف جديد يوصي باستخدام الموسيقى كعلاج يخفف من أعراض طنين الأذن المزمن الذي يصيب الملايين من الناس في أنحاء العالم. فكما هو معروف تشير الدراسات العلمية إلى أن ارتفاع معدل الضجيج في المدن الكبرى يساهم في الإصابة بمرض طنين الأذن الذي يؤثر أساسا على الأشخاص متوسطي العمر وكبار السن كما يحدث في الدول الغربية حيث يعاني نحو 20% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و65 عاما من أعراض تتضمن أصوات دقات أو أزيزا مستمرا في الأذنين.
يقول العلماء: من خلال تدريب المخ على الاستماع فقط إلى الترددات الجميلة، تبين أن التأثير الجانبي الإيجابي يتمثل في أن المخ يعطي اهتماما أقل لأعراض الطنين.
الموسيقى تؤدي إلى خفض ضغط الدم أثناء جراحة العيون
توصل بحث جديد إلى إمكانية إسهام الموسيقى وبشكل كبير في خفض ضغط الدم والشعور بالإجهاد أثناء إجراء العمليات الجراحية لعيون المرضى المتقدمين في السن. وقال الدكتور كارن ألن من جامعة ولاية نيويورك في بافلو الذي رأس الدراسة التي خلصت إلى هذه النتيجة "يؤدي الاستماع إلى الموسيقى إلى خفض الارتفاع في ضغط الدم والناتج عن الإجهاد والقلق من العملية الجراحية ولمستويات طبيعية".
لقد فوجئ العلماء أثناء العملية بعودة ضغط الدم لمعدلاته الطبيعية بعد مضي خمس دقائق على الاستماع للموسيقى، في حين لاحظ الباحثون أن ضغط الدم استمر بالتصاعد أثناء إجراء العملية للمرضى الذين حرموا من الموسيقى.
الموسيقى مفيدة للقلب
كشفت دراسة طبية جديدة أن الاستماع إلى الموسيقى ذات الإيقاع البطيء أو التأملي لها تأثير ملطف على الأشخاص وأنه يبطئ تنفسهم وضربات قلوبهم في حين أن الاستماع إلى الموسيقى ذات الإيقاع الأسرع لها تأثير عكسي حيث تؤدي إلى زيادة التنفس وعدد ضربات القلب.
وتدعم هذه النتائج التي تظهر في دورية القلب عدداً متزايداً من الأبحاث بشأن الفوائد الصحية المحتملة للموسيقي فيما يتعلق بتخفيف حدة التوتر. وقال باحثون من جامعة أوكسفورد في بريطانيا إن أبحاثاً أخرى أظهرت أن بإمكان الموسيقى تخفيف التوتر وتحسين أداء الرياضيين وتحسين حركة المرضى المعوقين عصبيا بسبب جلطة في المخ أو مرض الشلل الرعاش بل حتى زيادة إنتاج الألبان في الماشية.
وجد العلماء أن الإيقاع الأبطأ وتوقف الموسيقى لفترة وجيزة يساعدان على الهدوء، وأن توقف الموسيقى لمدة دقيقتين أثار بشكل فعلي حالة من الاسترخاء بشكل أكبر مما لوحظ قبل بدء الأشخاص الاستماع إلى التسجيلات الموسيقية. وتكهن فريق البحث بأن الموسيقى قد تثير البهجة كنتيجة للتغيير الموجّه بين الإثارة والاسترخاء. كما خلصت الدراسة الحالية إلى أن الانتقاء المناسب للموسيقى والتبديل بين الإيقاعين السريع والبطيء بالإضافة إلى فترات استراحة بينهما يمكن أن يستخدم للحصول على الاسترخاء وربما يكون مفيدا في أمراض القلب والسكتة الدماغية.
ترددات صوتية من القرآن
لقد أشار النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى أهمية التغني بالقرآن فقال: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) [رواه البخاري]، والتغني هو تحسين الصوت والتجويد وعدم الشذوذ في النغمة الموسيقية أو ما يسمونه المقامات الموسيقية، والخشوع والتأثر بكلام الله تعالى...
فالقرآن يتميز بأنه فريد من نوعه، فلا يوجد أي كلام يشبه القرآن فهو ليس شعراً وليس نثراً وليس كلاماً أدبياً وليس رواية أو قصة... إنما ينفرد بأسلوبه وألفاظه ومعانيه ودلالاته ولكلمات القرآن إيقاع خاص مهدئ للنفس ومناسب للترددات الكهرطيسية التي يصدرها الدماغ.
وأكرر دائماً للأسف الشديد أنه ليس لدينا دراسات إسلامية حول تأثير ترددات القرآن على المرضى... وذلك بسبب تقصيرنا وإنفاق أموال المسلمين في أشياء لا تنفع... بينما نجد غير المسلمين ينفقون أموالهم على العلم والبحث العلمي، ولذلك نلجأ دائماً للتجارب الشخصية على أمل أن يأتي من يقوم بمثل هذه التجارب بشكل علمي.
تجربة خاصة
من خلال تجربتي مع الموسيقى ومع القرآن لاحظت فارقاً كبيراً في التأثير، فعندما تستمع لصوت القرآن وبخاصة بصوت مقرئ محبب للنفس فإن خلايا الدماغ تتفاعل مع هذا الصوت القرآني العذب، وتشعر وكأن كل خلية من خلايا جسدك تنشط ويتم برمجتها من جديد وتشعر بقوة ونشاط وهدوء نفسي واستقرار للقلب في دقاته.
عندما تستمع للموسيقى أو الغناء المصحوب بالموسيقى لفترة طويلة تحس بشيء شاذ في أذنيك وتبقى النغمة تتردد وتشوش عليك تفكيرك، وينخفض لديك التركيز وبخاصة الأغاني الصاخبة. بينما عندما تستمع للقرآن لفترات طويلة جداً تشعر بقوة تركيز في عقلك وأنك بحاجة للمزيد.
والسبب أن صوت القرآن ليس مجرد ترددات صوتية أو ذبذبات موجية، إنما هناك آيات وخشوع وأحداث وتفاعل كبير لدماغك مع عبارات القرآن مما يجعلك أكثر هدوءاً وأكثر راحة نفسية مما لو كنت تستمع للموسيقى.
لقد رأينا في الدراسات السابقة أن الموسيقى المتقطعة أكثر فاعلية من الموسيقى المتواصلة، والقرآن يتميز بهذه الميزة أن هناك فترات توقف بين الآيات وبخاصة القرآن المجود، حيث يتلو القارئ الآية ثم يتوقف عدة ثوان ثم يتلو الآية التالية ويتوقف وهكذا... فهذه الفترات مفيدة لتخفيض ضغط الدم وتنظيم عمل القلب.
كذلك فإن الأغاني تثير في الإنسان ذكريات أليمة أو قد تثير عاطفته بسبب كلمات الأغنية المليئة بالحب والغرام والعذاب وألم الحبيب وفراقه لحبيبه... بينما يثير القرآن في داخلك الإحساس بالقرب من الله عز وجل، ويزيل عنك المشاكل ويجعلك تنسى هموم الدنيا ويجعلك تعيش في جو الآخرة... فتهون عليك مشاكل الدنيا وأحزانها وتشعر بفرح وسرور وقوة واطمئنان... قال تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
وجدنا من خلال دراسات وتجارب خاصة أن الاستماع إلى القرآن الكريم وفق الشروط التالية (خشوع – تدبر – لفترات طويلة في الليل والنهار)، يؤدي إلى إبطاء التنفس مما يمكن أن يزيد من امتصاص الجسم للأوكسجين. تريح عضلات المعدة، وتسمح للهواء بالتدفق إلى الجزء العلوي من الجسم بأكمله، وبعدها استخدام العضلات نفسها للمساعدة على الزفير. كما يمكن أن يخفف من ضيق التنفس ويحسن نوعية الحياة بشكل كبير. وأخيراً يؤدي إلى التخفيف من نوبات الربو والتهاب الشعب الهوائية وانتفاخ الرئة.
وأخيراً ومن خلال تجربتي مع القرآن فإنني أؤكد أن الاستماع للقرآن بخشوع وتدبر ولفترات طويلة من اليوم والليل وبخاصة قبل النوم وبعد الاستيقاظ، هذا الاستماع المتكرر يعيد برمجة خلايا الدماغ والقلب وينشط النظام المناعي للجسم ضد جميع الأمراض بدءاً من الاكتئاب وانتهاء بالسرطان... كل مرض تتصوره فإن الاستماع للقرآن بالشروط السابقة (فترة طويلة – خشوع – تدبر) سوف يشفيه أو يخفف منه...