قصة من خط قلمي بعنوان ((آثار الحقيقة المتأخرة))

خرجت امسية اليوم من المنزل  , كان اليوم بطوله ممطرا يخنقه الغيم و لقد إقتربت السّماء إلينا بسبب كثافة هذه السّحب , و كانت نفسيّتي اكثر تلبّدا من هذه السّماء , كانت افكاري مشوّشة و مخيّلتي معطّلة و كأن خللا اصابها , قادني الميول لأسير في طريق الغابة المجاورة و هي عبارة عن غابة بلّوط كثيفة , لم اكن مركّزا على شيئ سوى على بعض الصّبية و قد ادخل احدهم يده في حاوية القمامة باحثا عن شيئ قد يكون ذا اهميّم , فيما رماه الآخر بحجارة ممّا دفعه لقول كلام بذيئ , واصلت سيري و ما إن عبرت آخر المنازل حتّى تجلّت لي الغابة عريضة و قد إكتست رهبة و سوادا مرعبين فنحن نعيش فصل الخريف و هذا الفصل له جانب غامض اكثر من المعقول , اوقف خطواتي صوت آذان المغرب , فعدت بخطوات ثابتة , و مررت بالمقهى و لقد جلس بعض الشّباب المرهق من البطالة على حافّتي بابها , فيما إجتمع الحضور داخلها على طاولات الدّومنو , و بدى لي ان هذه المباريات ذات اهميّة كبيرة بالنّسبة لهوّاتها , مررت لطاولة الزّبائن , فلم اجد احدا , ارسلت نظري إلى اليمين فصاح شاب : ماذا تريد , فقلت بصوت خافت --قهوة-- فجاء مسرعا ليقدّمها ثم يعود لطاولة الّلعب و انا متأكّد من انّه لم يسمعني عندما قدّمت طلبي (فأنا لم اصلا لم اسمع نفسي بسبب الضّجيج فكيف يسمعني هو) لكنّه صار متمرّسا في قراءة حركات الشفاه ,, فعمله يحتّم ذلك,, بعد حوالي دقيقة وضع لي القهوة على الطّاوله الخاصّه بالتّقديم فدفعت الثّمن ثم ادرت الملعقة لأذيب السّكّر في القهوة ,, لم اكن اشرب القهوة و لم اكن ادخّن شيئ ما دفعني لأشتري القهوة ثم اتراجع عن شربها بمجرّد خروجي من المقهى .

    وصلت للمنزل و ادّيت صلاتي ثمّ جلست , كنت عاجزا على التّفكير فكنت اخاف ان اصاب بصداع او ان اقف و اقوم بحركات هستيرية , يحيّرني وضعي و السّبب الذي يجعلني اشعر بشيئ من عدم الرّضا هو عجزنا على معرفة المستقبل , |آآآآه لو كنت استطيع ان اعرف الأحداث التي لم تقع لكنت الأوّّل في كلّ شيئ ثمّ توقّفت عن هذا التّمنّي و قرّرت ان احافظ على الفكرة و لكن بعكس الزّمن , هل اعلم انا بأمور مضت ؟ قد يبدوا هذا السّؤال سهل لو قورن بالأوّل , لكن : هناك امور حدثت و كان لا بدّ ان او حتّى بحكم مكانتي عند ذوي العلم, لكن اجد انّ الأمور تنكشف مع الأيّام فتجعلني احتار و احتار و كثرة هذا الأمر قد يكون السّبب في عبوسي , لقد فقدت حاسّة التذوّق النّفسي فصار كلّ شيئ بطعم اليقطين , و بلون رخام حمّامات المدارس العموميّة , كنت لا ارى عند إغلاق عينيّ سوى علامة التّعجّب و علامة الإستفهام , هل اثق من جديد ام ابقى على حالتي ؟ ام يجب ان اتحقّق من الأمور بمصداقيّة اكبر؟.

اردت قتل نفسي و لكن ليس بالسّلاح بل تمدّدت على فراشي و خرجت من هذا الواقع الذي صدمني , و لم يصدمني ما كان و إنّما ما قد يكون مستقبلا و هذا الهروب لن يطول فعالم الأحلام قد لا يطيقني و سوف يقوم بإرجاعي لساحة الوعي...

لقد صار الجو عطرا بمرورك

ردك تاج ورد

بارك الله فيك

متميزة بالردود