كن نسرا أو دجاجة !!
تحكي أسطورة هندية قديمة أن رجلا طيبا وجد بيضة نسر في الخلاء و قد سقطت بعيدا عن عشها الأصلي فأخذها و وضعها في عش إحدى دجاجات مزرعته فمرت الأيام و فقس البيض فرأى النسر الصغير النور وسط مجموعة من كتاكيت المزرعة فعاش بينهم و كبر وسطهم.
طيلة حياته مكث النسر وسط الدجاج يبحث عن الديدان في التراب نهارا و يأوي إلى الخم ليلا، حتى الأصوات التي صار يصدرها لا تختلف كثيرا عن قوقأة الدجاج، و عندما كان يحاول الطيران، لا يطير ابعد من بعض أمتار مثله مثل أي دجاجة في المزرعة.
فمرت السنين فكبر النسر الصغير وفي احد الأيام و هو ينبش التراب برجله في ساحة قن الدجاج رأى طائرا جميلا يحلق بطريقة رائعة في الأعلى في السماء الصافية، يرتفع و ينخفض في الأجواء بمهارة عالية، فتساءل النسر ياله من طائر فخم و ساطع ليتني أستطيع التحليق مثله لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج، انه النسر ملك الطيور، قوقأت دجاجة كانت بجنبه أما أنت فلا تعدو كونك دجاجة مزرعة فلا تحلم كثيرا فلن تكون يوما نسرا مثله.
هكذا توقف حلم نسرنا عن التحليق في الأعلى و قضى حياته و هو يعتقد انه دجاجة مزرعة و مات و هو يعتقد في ذلك.
فهل تعرف أنت نفسك من تكون، قد تكون نسرا يعيش وسط خم الدجاج و عوض أن تحلق عاليا في الأجواء لا زلت تكتفي بالنبش قي التراب.
قليلون هم من يعرفون أنفسهم و يدركون نقط قوتهم و النقط التي يجب عليهم تحسينها، اشتهر فرانكلن روزفلت بالمقولة الشهيرة الآتية: يشترك الزعماء الكبار بشئ واحد، معرفتهم العميقة بأنفسهم، فهم يعرفون نقط قوتهم و يقوونها باستمرار، و لا تخفى عنهم نقط ضعفهم و يعرفون كيف يغطونها عبر الاستعانة بالمحيطين بهم ليكملوا أنفسهم بهم!
و قد كان الصينيون يعتقدون بأن معرفة الآخرين علم بينما معرفة الإنسان ذاته ذكاء و للأسف لا يتمتع الكثير منا بهذا الذكاء.
الإنسان مخلوق مليء بالخفايا والأسرار . لذا من الضروري بل الواجب على كل واع أن يعرف ذاته وحقيقته، لان هذهالمعرفة تساعده على تطوره و تقدمه في مجالات الحياة كافة،ومدى إمكانية التهيؤللارتقاء في مدارج الإنسانية الصالحة.
لا يوجد إنسان كامل، كلنا لدينا نقط قوة و كلنا أيضا لدينا نقط ضعف، الناجحون هم الذين يعرفون ذاتهم و يكتشفون مبكرا نقط قوتهم و يركزون عليها، و لا يضيعون وقتهم في محاولة إصلاح نقط ضعفهم، بل يستعينون بمن حولهم لسد الخصاص.
كشف تقرير لمجلة «فوكوس» الألمانية،عن الوصايا العشر التي يمكن من خلالها تحقيق النجاح الوظيفي والوصول إلى أعلى المراتب، من خلال معلومات إحدى الخبيرات الألمانيات في مجال ما يسمى تسويق الذات.
وجاء في التقرير الذي نشرته المجلة على موقعها على الانترنت، أن معرفة خصائص الذات احتلّت النصيحة الأولى في سلّم الوصايا، يليها تحديد الأهداف التي يرغب الإنسان في تحقيقها، ثم الحفاظ على الإشراقة والودّ في شكل مستمر.
لذا حاول معرفة خصائص نفسك، تسائل مع نفسك، ما هي الأمور التي تتقنها وتتفوق فيها على المحيطين بك ثم ابحث عن الأمور التي تنقصك فيها المهارة، لا اسميها نقاط ضعف لأنها هذا الخصاص يجب أن يدفعك للنقاش مع الناس لمحاولة تغطية النقص و هذا في حد ذاته شئ ايجابي.
بعد أن احدد هذه النقاط، اسأل نفسي من المحيطين بي يتفوق في هذا الأمر و يمكنني الاستعانة به في وقت الشدة.
و قبل كل شيء إن المعرفة الحقيقية بالذات هدف بذاته لان من خلال هذه المعرفة تعرف حقيقة ذاتك وحقيقة ما لك وما عليك، وصدق من قال: من عرف نفسه، عرف ربه، و لان من خلال هذه المعرفة يمكن للإنسان امتلاك رؤية جيدة و واعية عن نفسه و عن قدراته و اخذ المواقف المناسبة و المطلوبة عند كل عارض كما تمكنه من معرفة تصور الآخرين لشخصيته.
و في الختام يجب الإشارة أن الإنسان عبد ما يؤمن به ، فإذا كنت نسراً و تحلم بالتحليق عالياً في سماء النجاح، فتابع أحلامك و لا تركن إلى واقعك السلبي ولا تستمع لكلمات الدجاج (الخاذلين لطموحك ممن حولك!) حيث أن القدرة والطاقة على تحقيق ذلك متواجدتين لديك بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى.
واعلم بأن نظرتك الشخصية لذاتك وطموحك هما اللذان يحددان نجاحك من فشلك! لذا فاسع أن تصقل نفسك، وأن ترفع من احترامك ونظرتك لذاتك فهي السبيل لنجاحك، ورافق من يقوي عزيمتك.
قال تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "