المسجد والتدمير الآخير:
صدقت نبوءة سيدنا عيسى(عليه السلام) في هدم المعبد ، وذلك عندما أقدم أحد ملوك الرومان وهو الإمبراطور (طيطس) عام (70 م) ، على إحراق المدينة المقدسة ، وتدمير المعبد الذي أقامه هيرودس، ولم يبق فيه حجر على حجر، ولكنه أبقى الحطام مكانه ، ليأتي بعده طاغية آخر هو (أدريانوس) فأزال معالم المدينة وحطام الهيكل، وأقام مكانه معبداً وثنياً سماه (جوبيتار) على اسم (رب الآلهة) عند الرومان، وكان ذلك سنة (135 م).
تدمير الهيكل الروماني:
بقي الهيكل الروماني على الهيئة الوثنية، إلى أن تمكنت المسيحية من أرض فلسطين ، فدمره المسيحيون في عهد الإمبراطور (قسطنطين).
انتهاء زمن الهيمنة اليهودية والنصرانية على أرض المسجد الأقصى:
ظل مكان الهيكل خالياً من بناء مقام فيه بقية عهد الرومان النصارى حتى حدث
الإسراء بالنبي محمد(صلى الله عليه وسلم) في عهد الحاكم الروماني هرقل (610-641م) ، وحتى الفتح الإسلامي للقدس في عهد الخليفة
عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) سنة 636م ، ولم يكن لليهود آنذاك وجود ، بل إن (صفرونيوس) بطريك النصارى اشترط في عقد تسليم المدينة المقدسة
أن لا يدخلها أحد من اليهود. بعد وفاة الرسول عليه السلاو وابوبكر جاء عمر بن الخطاب بالعهدة العمرية
فتح بيت المقدس
تختلف المصادر التاريخية فيما بينها في بعض تفاصيل فتح بيت المقدس ولكنها تتفق في الأحداث الكبرى للفتح، وفي النتيجة، حيث أصبحت بيت المقدس بأيدي المسلمين كلياً بعد الفتح العمري لها. بعد أن استتب الأمر في سوريا بفتح دمشق سنة (15هـ/636م) كتب أبو عبيدة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يستشيره في التوجه إلى قيسارية أو إلى بيت المقدس، وجمع عمر المسلمين واستشارهم، فقال علي بن أبي طالب (ت40هـ/660م) يا أمير المؤمنين مر صاحبك ينزل بجيوش المسلمين إلى بيت المقدس فإذا فتح الله بيت المقدس، صرف وجهه إلى قيسارية، فإنها تفتح بعد إن شاء الله تعالى.
حيث قام سيدنا عمر بعد زيارته لكنيسة القيامة بجولة للحفر والتنقيب عن المعالم المعمارية المرتبطة بالأصول الدينية لبيت المقدس، وذلك على هدى ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم عن تلك الأصول في حديثه عن الإسراء به إلى بيت المقدس، وكانت تلك المناطق مليئة بأكوام من الأتربة، وقد علاها الزبل والتراب والمخلفات الكثيرة التي غطت المعالم الهامة بسبب الإهمال الشديد لشئونها من جانب الروم قبل الفتح الإسلامي،واستطاع سيدنا عمر بن الخطاب أن يصل بعد جهد إلى باب مسجد بيت المقدس وكان مطمورا بالأتربة التي تكاد تخفي معالمه ثم وصلوا حبوًا لكثرة الأتربة التي غطت المكان، حتى وصلوا إلى صحن المسجد، فنظر سيدنا عمر، وتأمل مليًّا في المكان ثم قال: هذا والذي نفسي بيده وصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طلب سيدنا عمر من خلفائه القائمين على شئون تلك المدينة من المسلمين بإعلاء قواعد وأسس المسجد؛ تأكيدًا للسيادة الإسلامية، كما أمر بإقامة مسجد في موضع المسجد الأول، كما أمر بإقامة ظلة من الخشب فوق الصخرة، وغدا سيدنا عمر بذلك أول من رفع قواعد المسجد الأقصى في الإسلام
الأمويون وإعادة بناء المسجد الاقصى :
بدأ التجديد في عمارة المسجد الأقصى في العهد الأموي في خلافة عبد الملك بن مروان وابنه الوليد بن عبد الملك..وهو الذي بنى قبة الصخرة
العهد العباسي :
تعرض المسجد للترميم علي يد عدد من الخلفاء أمثال المأمون والهادي وغيرهم حيث تم تم ترميم المسجد الأقصى لأول مرة في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (136-158 هجرية/ 754-775ميلادية)، ولكنه ما لبث وأن تعرض لهزة أرضية عنيفة ثانية وذلك في سنة 158 هجرية/ 774 ميلادية، مما أدى إلى تدمير معظم البناء، الأمر الذي جعل الخليفة العباسي المهدي (158-169 هجرية/ 775-785 ميلادية)، أن يقوم بترميمه وإعادة بنائه من جديد في سنة 163هجرية/ 780 ميلادية. وذهب بنفسه إلى بيت المقدس لافتتاح المسجد الأقصى، وقد كان المسجد الأقصى في عهده يتألف من خمسة عشر رواقاً، وذلك حسب ما جاء في وصفه عند المقدسي .
المسجد الاقصي تحت حكم الطولونيين والاخشيديين :
ولما ضعفت الدولة العباسية بضعف خلفائها وضعف قبضتهم على ما تحت أيديهم؛ ظهرت نزعات انفصالية أقامت دويلات وإمارات مستقلة تدين اسماً للخلافة، وتتحكم بالفعل فيما تحت أيديها من البلاد، وتتقاتل فيما بينها على الحكم والإمارة، وقد ترتب على ذلك تفكك الأمة وتفرق أجزائها فطمع فيها أعداؤها.
الاقصي تحت الحكم الفاطمي
وفي عام 406 هـ تعرض المسجد الأقصى وقبة الصخرة لزلزال شديد تهدمت على إثره أجزاء كبيرة منها، وكان ذلك في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله، إلا أن أعمال الترميم والإصلاح لم تتم إلا في عهد الخليفة الظاهر وقام باختصاره على شكله الحالي، أي بأربعة أروقة بدلاً من سبعة، وعمل على ترميم القبة وزخارفها من الداخل. ومن بعده الخليفة المستنصر لدين الله عام 448 هـ
المسجد الاقصى تحت سيطرة الصليبيين :
وبقيت بيدهم 91 عام ثم احتل الصليبيون المسجد الأقصى الشريف عام 493 هـ / 1099م، وذالك في عهد الخليفة المستعلي الفاطمي،
بدأت الحملات الصليبية على الشام من عام "490هـ -1096م"، بتحريض من الباباوات واستجابة من ملوك أوروبا، وقد استطاع الأوربيون حشد الجموع الكبيرة والتوجه بها إلى بلاد المسلمين الذين انشغل أمراؤهم بالصراع بينهم، وعجز الخليفة العباسي عن توحيد صفوفهم.
المسجد الاقصى تحت رعاية صلاح الدين الايوبي وخلفاؤه :
وفي سنة (583هـ/1187م)،تم طرد الصليبيين و إستعادة القدس الشريف علي يد صلاح الدين الأيوبي وقد إهتم صلاح الدين فور دخوله مدينة القدس بإعادة إعمار المسجد الشريف وإصلاح ماخربه الصليبيين وكان الصليبيون قد عبثوا بالمسجد الأقصى وبنوا منبراً ومذبحاً فوق الصخرة كما أنهم حجبوا جدرانه الأصلية وبنوا عليها حوائط جديدة، فأمر بهدم هذه الحوائط وحمل معه إلى المسجد العديد من المصاحف وأوقف عليه أوقافاً لإصلاحه وترميمه، وسجل هذه الأعمال على المحراب الأصلي للمسجد.
عصر المماليك .
المسجد الأقصي تحت سيطرة آل عثمان:
بعد سقوط دولة المماليك وسيطرة العثمانيين عليها صارت لهم السيادة المطلقة علي القدس الشريف فكان أول مافعله العثمانيين هو
إحكام تحصين المدينة و ذلك لقدسيتها ليس فقط عند المسلمين بل وعند الديانات الأخرى
وقد ترك السلطان سليمان القانوني بصمات واضحة في بيت المقدس عام 969 هـ ـ 1561 م، أمر السلطان سليمان القانوني بترميم أسوار القدس و بناء أبواب تتخلل تلك الأسوار، منها باب المغاربة، و أمر كذلك بإصلاح قبة الصخرة من الخارج، و رممت الفسيفساء التي كانت تغطي القبة.
كان سقوط الدولة العثمانية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الاولي مما فرض عليها قبول معاهدة سيفر والتي أخذت كثيرا من أراضي الدولة لتكون تحت السيطرة البريطانية والفرنسية فيما عرف بإسم الأنتداب فكانت تلك نهاية الدولة العثمانية
يتبع ..