الإخبار عن حدوث الطاعون في بلاد الشام
ومن علامات الساعة التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : حصول الموت الكثير، وهو الطاذعون، وقد حصل ذلك في بلاد الشام، والذي عُرف بطاعون (عمواس) نسبة إلى البلد الذي بدأ فيه، ثم انتشر منه.
وعمواس: قرية جليلة من قرى الشام ـ في فلسطين ـ بين الرملة وبيت المقدس، على ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس[1].
وقد كان الطاعون قد ابتدأ بها، في زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ثم فشا في بلاد الشام.
وقد اختلف في سنته، فقيل سنة (17) في العام الذي ذهب عمر رضي الله عنه إلى الشام، وسمع به قد وقع، فلما أخبره عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه بالحديث رجع، وهذا ما صححه الحافظ رحمه الله تعالى، وقيل: (سنة 18) وهذا ما ذكره عامة المؤرخين، كخليفة والطبري وابن زبر وابن الأثير وابن كثير رحمهم الله تعالى[2].
وقد مات في هذا الطاعون خمسة وعشرون ألفاً من الصحابة وغيرهم رضي الله تعالى عنهم ورحمهم. وقيل: بل مات ثلاثون ألفاً.
وقال الإمام القسطلاني رحمه الله تعالى: مات منه سبعون ألفاً في ثلاثة أيام هـ.
لوحة مرسومة تمثل مدينة عمواس القديمة
وممن مات من كرام الصحابة فيه، أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل ابن حسنة، والحارث بن هشام، والفضل بن العباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو مالك الأشعري، وسهيل بن عمرو، وابنه أبو جندل، وعتبة بن سهيل، وعامر بن غيلان الثقفي.. رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم وقد فعل.
وقد وقعت طواعين كثيرة غير هذا[3].
فعن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبةٍ من أدمٍ فقال : ( أعدد ستاً بين يدي الساعة، موتي ثم فتحُ بيت المقدس، ثم مُوتان يأخذ فيكم كقُعاص الغنم.. ) الحديث بطوله، رواه البخاري [4].
ويلاحظ قول النبي صلى الله عليه وسلم : " فيكم " إذ فيه إشارة إلى أن هذا الموت سيكون في جيل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وقد حصل ذلك فعلاً.
وقد حدّث عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه عام عمواس بهذا الحديث معاذ بن جبيل رضي الله عنه قبل موته به، وأنه قد تحقق ثلاثة مما ذكره، كما رواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي [5] والله تعالى أعلم .
المرجع:
كتاب مختصر أشراط الساعة تأليف الأستاذ الدكتور خليل إبراهيم ملّا خاطر العزّامي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة طيبة بالمدينة المنورة
[1] انظر معجم البلدان (4ـ 157، 158) ومعجم ما استعجم (7971) ومراصد الإطلاع (2: 962ـ 963) .
[2] انظر : تاريخ خليفة بن خياط (138) وتاريخ مولد العلماء ووفياتهم (1: 102ـ 105) وتاريخ الطبري (4: 57ـ 60) والكامل في التاريخ (2: 558) والبداية والنهاية (7: 77ـ 78) وبذل الماعون في فضل الطاعون (222).
[3] انظر بذل الماعون، وكتاب الإشاعة (127ـ 140) فقد ذكر كل منهما ما وقع إلى زمانه.
[4] صحيح البخاري : كتاب الجزية : باب ما يحذر من الغدر.
[5] انظر المستدرك (4: 422ـ 423) .