تكمن قوة الدولي الأرجنتيني ليونيل ميسي أكثر ما تكمن ليس في قدرته التهديفية الوافرة، ولكن في متانة امتلاكه القدرة على اللعب مباراة بعد المباراة بنفس المستوى وبدون إصابات.
ولكن في المراحل الأخيرة ظهرت بضع علامات الاستفهام على جاهزية الهداف التاريخي لفريق برشلونة الاسباني الفائز بجائزة الكرة الذهبية 4 مرات (2009-2012).
هذه الجاهزية المنقوصة قد تفرض على المدير الفني لويس انريكي اراحة ميسي، المتواجد حاليا مع منتخب بلاده، في بعض المباريات حتى وإن كان البرغوث نفسه يرفض ذلك.
ويقول الكاتب الصحافي مات جونز أن العبيد في الزمن الغابر كان يحق لهم الاستراحة .. فكيف هو الحال مع الأسياد من أمثال ميسي (ولا فضل لبشر على بشر إلا بالتقوى).
كما أن حكمة الاستعباد الجديدة، على حد رأي الكاتب، تفرض على برشلونة تحويل ميسي الآخذ من انييستا وتشافي إلى ميسي المعطي لـ نيمار وسواريز.
وإذا كان ميسي قد استغرق ردحا من المباريات لاستعادة نسقه المعتاد وهو يسعى جاهدا سواء للتسجيل أو صناعة الأهداف، فإن الحقيقة الثابتة هنا تقول أن برشلونة لا يمكن له المضي بدون ميسي، كما لا يمكن له الاستمرار بميسي وحده.
ورغم أن انريكي حاول وضع ميسي في مشهد المنقذ الأوحد في مباراة الميريا، ليمنح نجمه الأول نفس الشعور بالرضى عن النفس بعد الثنائية التاريخية في شباك اياكس، إلا أن برشلونة لم يكن ليفوز لولا دخول نيمار وسواريز للمشاركة في الشوط الثاني بعد خطأ كارثي لميسي في الشوط الأول.
انريكي هو المدرب الذي يبذل قصارى جهده لإعادة إحياء شجرة البازلاء التي زرعها غوارديولا وأوصلت البلوغرانا إلى عنان السماء، غير أن هذه الشجرة لن تعيش بعرق ميسي وحده.
ومع التأكيد على أن النجم الأرجنتيني لعب دور الطفل سام في قصة "الغول" خلال حقبة غوارديولا إلا أنه لم يعد قادرا على تسلق الشجرة وحيدا وهو بحاجة ماسة لمعاونة نيمار وسواريز من أجل سرقة الدجاجة التي تبيض ذهبا.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه على واقع برشلونة هو: هل قطع غوارديولا الشجرة بعدما نزل عنها كما فعل سام في القصة المشهورة؟.
ماذا لو ان الشجرة نفسها لم تعد موجودة؟ ماذا لو أن التيكي تاكا كلها كفكرة قد ماتت وما عادت قادرة على الحياة حتى مع غوارديولا نفسه؟.
الجواب واضح من وجهة نظر كثير من المحللين، وهو ضرورة ان يكون لانريكي شخصية حاسمة وقوية كشخصية غوارديولا أولا، وأن لا يسمح ثانيا بتكرار مشهد مباراة ايبار عندما رفض ميسي الخروج من الملعب والفريق متقدم بثلاثية نظيفة.
الكاتب الارجنتيني هرنان نويل يضع الحلول ويعتقد أن ميسي وانييستا بعد عودة هذا الثاني من الإصابة يستطيعان صناعة المجد الجديد لبرشلونة ولكن بشرط أن يعلب نيمار دور ميسي القديم وأن يقوم سواريز بلعب الدور الذي لم يسمح لزلاتان ابراهيموفتش القيام به.
ويرى هرنان ان ميسي يهرم بسرعة وانه لم يعد في الـ20 من عمره، كما أنه لعب المئات من المباريات بمجهود لا يتحمله بشر ولذلك حان الوقت لإعادة النظر في واجباته.
ويقول الكاتب: "لا حاجة للتذكير بأن ميسي لعب 90 دقيقة كاملة في جميع المباريات ولم يحصل على أي وقت للتعافي بشكل كامل من آثار الموسم الماضي ولا حتى كاس العالم".
وعلى الرغم من أن انريكي يشعر بانه من الضروري جدا بل ومن الملزم عليه اشراك ميسي في جميع المباريات، إلا أنه من المهم أيضا أن يبدأ التفكير بحكمة استخدام هذا الكرت الذهبي.
ميسي يستطيع تحطيم الأرقام القياسية للتهديف في كل من الدوري الأسباني ودوري أبطال أوروبا في الأسابيع المقبلة، ولكن عليه أن يتذكر أن التاريخ لم يأت على ذكر المصابين، فلم يسبق لأي لاعب مصاب ان حطم رقما قياسيا سوى رقم الجلوس على مقاعد المتفرجين.