ترحل العاصفة وتبقى السفن..
ترحل الحرب ويبقى الأطفال..
يرحل الحزن وتبقى القلوب.. يرحل لهيب الصيف فتعود الزهور للتفتح..
العاصفة والحرب والحزن ولهيب الصيف هي الاستثناءات..!
السفينة والأطفال والقلوب والزهور هي القاعدة..!
كثيرا ما نخلط بين ما هو قاعدة في هذه الحياة وبين ما هو استثناء..
كثيرا ما نعتقد بأن الحرب أو الكراهية أو الحزن هي الجوهر لا المظهر..!
لذلك نحزن ونتألم وتصيبنا حساسية مفرطة تجاه الفرح والابتسامة..!
الحزن صناعة إنسانية خالصة..
استثناء يصنعه البشر، يشهرونه كالسيف في وجه الفرح فيحزنون أكثر..!
وكذلك الكراهية يصنعها البشر، يمارسونها بغباء شديد يصل إلى حدود نسيان المحبة فيصابون بالحزن أكثر..!
نحن مصانع صغيرة للحزن والألم..
ندخل أنفسنا داخل كهف مظلم بمحض إرادتنا ثم نصرخ ضد الظلام..!
ندخل إلى أنفاق مظلمة مع سبق الإصرار والترصد ثم نصرخ ضد انعدام الأوكسجين..!
وفي أكثر الأحيان ليس في كل الأحيان.. نحن الذين نحفر قبورنا الصغيرة بأيدينا، ثم نتألم بسبب ضيق القبر ووحشته..!
هل سمعتم بوردة، أو عصفورة، قررت الانتحار..!
الإنسان وحده يمارس هذه العادة القبيحة..!
بعضنا ينتحر في حياته مرات كثيرة..!
بعضنا ينتحر كل يوم.. كل ساعة.. كل لحظة..!
حتى إذا أفاق من قتله لنفسه بدأ للتحضير لعملية انتحار جديدة،
أدواتها الضيق بالدنيا، وكراهية الآخرين، والرغبة بالاستحواذ،
والاعتقاد بأن الدنيا يجب أن تسير كما نشتهي في كل يوم وفي كل
لحظة..!
الواقعية المفرطة تؤدي إلى الحزن، مثلها مثل الأحلام المفرطة..!
الحزن تطرف باتجاه الواقعية، أو تطرف باتجاه الحلم..!
إذا أردتم ألا تحزنوا فابحثوا لأنفسكم عن النقطة المناسبة بين
التطرفين ..! الحالم بتطرف مشروع حزن والواقعي بتطرف مشروع
حزن ..!
الدنيا لا تستمر من دون أن تكون لنا أحلام ، فالحلم مصدر الإبداع
شريطة ألا نطير في الهواء، والدنيا لن تستمر إذا لم نلامس الواقع
شريطة عدم التطرف بالواقعية ..!
المهم أن نفعل ما نستطيع من أجل أن نهزم الحزن ونكبح جماح الكآبة..!
ودي وعبير وردي..