عدد الرسائل : 56848 تاريخ التسجيل : 18/02/2008 السٌّمعَة : 141
موضوع: الواجب الثقيل الأربعاء فبراير 17, 2016 9:19 pm
الواجب الثقيل
حين تتوقف سعادة إنسان في هذه الحياة أو تعاسته فيها ونجاته في الآخرة أو هلاكه فيها على حركة امرئ أو سكونه، أو نطقه أو سكوته أو علوه في همته أو سفوله فلا شك أن هذا الحمل ثقيل فكيف إذا كانت نجاة البشرية كلها أو جلها على يديه ورهن تبليغه لدعوته؟
إن حالة مثل هذا الرجل صاحب المسئولية لا يمكن أن تصور بأعظم من قول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}(الشعراء: 3)
كما قال تعالى: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}[فاطر:8]
وقال: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}[النحل:127].
إنه الحزن والهم والغم الذي يودي بحياة صاحبه كمدا لا خوفا على شخصه هو وإنما خوفا على أشخاص المدعوين..
يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}: "يقول تعالى ذكره: لعلك يا محمد قاتل نفسك ومهلكها إن لم يؤمن قومك بك ويصدقوك على ما جئتهم به.. والبخْع: هو القتل والإهلاك في كلام العرب..
وروى عن ابن عباس قوله بَاخِعٌ نَفْسَكَ): قاتل نفسك
وعن قتادة قال: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} قال: لعلك من الحرص على إيمانهم مخرج نفسك من جسدك قال: وذلك البخع."(19/326)
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} ما خلاصته: باخع: أي مهلك نفسك بحزنك عليهم؛ يقول: لا تهلك نفسك أسفًا. أي: لا تأسف عليهم، بل أبلغهم رسالة الله، فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.(تفسير ابن كثير3/ ).
إن هذا هو حال صاحب الرسالة الذي يعلم عظم المسئولية الملقاة على عاتقه وإذا كان هذا هو وصف الرسول صلى الله عليه وسلم وحاله فإنه كذلك ينبغي أن يكون حال من سار على هديه، ونهج طريقه، وسلك سبيله من أتباعه ودعاة أمته الذين وصفهم بقوله: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}(يوسف: 108)
يقول صاحب الظلال (ج6/30) ما خلاصته: والدعاة إلى الله يعلمون أن مصائر البشرية كلها ـ في الدنيا وفي الآخرة ـ منوطة بالرسل وبأتباعهم من بعدهم، فعلى أساس تبليغهم هذا الأمر للبشر تقوم سعادة هؤلاء البشر أو شقوتهم، ويترتب ثوابهم أو عقابهم في الدنيا والآخرة.
إنه الأمر الهائل العظيم .. أمر رقاب الناس.. أمر حياتهم ومماتهم.. أمر سعادتهم وشقائهم.. أمر ثوابهم وعقابهم.. أمر هذه البشرية، التي إما أن تبلغ إليها الرسالة فتقبلها وتتبعها فتسعد في الدنيا والآخرة وإما أن تبلغ إليها فترفضها وتنبذها فتشقى في الدنيا والآخرة وإما ألا تبلغ إليها فتكون لها حجة على ربها وتكون تبعة شقائها في الدنيا وضلالها معلقة بعنق من كلف بالتبليغ فلم يبلغ!
فأما رسل الله - عليهم الصلاة والسلام - فقد أدوا الأمانة وبلغوا الرسالة ومضوا إلى ربهم خالصين من هذا الالتزام الثقيل وهم لم يبلغوها دعوة باللسان وفقط، ولكن بلغوها - مع هذا - قدوة ممثلة في العمل وجهاداً مضنياً بالليل والنهار لإزالة العقبات والعوائق سواء كانت هذه العقبات والعوائق شبهات تحاك، وضلالات تزين، أو كانت قوى طاغية تصد الناس عن الدعوة وتفتنهم في الدين كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين؛ بما أنه المبلغ الأخير، وبما أن رسالته هي خاتمة الرسالات فلم يكتف بإزالة العوائق باللسان إنما أزالها كذلك بالسنان {حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}
وبقي الواجب الثقيل على من بعده.. على المؤمنين برسالته.. فهناك أجيال وراء أجيال جاءت وتجيء بعده - صلى الله عليه وسلم - وتبليغ هذه الأجيال منوط - بعده - بأتباعه. ولا فكاك لهم من التبعة الثقيلة - تبعة إقامة حجة الله على الناس؛ وتبعة استنقاذ الناس من عذاب الآخرة وشقوة الدنيا - إلا بالتبليغ والأداء.. على ذات المنهج الذي بلغ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأدى.. فالرسالة هي الرسالة؛ والناس هم الناس.. وهناك ضلالات وأهواء وشبهات وشهوات.. وهناك قوى عاتية طاغية تقوم دون الناس ودون الدعوة؛ وتفتنهم كذلك عن دينهم بالتضليل وبالقوة..
الموقف هو الموقف؛ والعقبات هي العقبات، والناس هم الناس. ولا بد من بلاغ، ولا بد من أداء.. بلاغ بالبيان، وبلاغ بالعمل حتى يكون المبلغون ترجمة حية واقعية لما يبلغون.. وبلاغ بإزالة العقبات التي تعترض طريق الدعوة؛ وتفتن الناس بالباطل وبالقوة.. وإلا فلا بلاغ ولا أداء..
إنه الأمر المفروض الذي لا حيلة في النكوص عن حمله.. وإلا فهي التبعة الثقيلة. تبعة ضلال البشرية كلها؛ وشقوتها في هذه الدنيا، وعدم قيام حجة الله عليها في الآخرة! وحمل التبعة في هذا كله، وعدم النجاة من النار.. فمن ذا الذي يستهين بهذه التبعة؟ وهي تبعة تقصم الظهر وترعد الفرائص وتهز المفاصل؟!
راق لي
كاورو (¸.•'´* كبرياء العراق*`'• .¸)
الأوسمة :
عدد الرسائل : 70859 العمر : 100 الإقامة : الرمادي الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 24/01/2009 السٌّمعَة : 187
موضوع: رد: الواجب الثقيل الأربعاء فبراير 17, 2016 10:49 pm
الله بارك فيك اختي الحبيبة ابدعت باختارك وانتقائك سلم لنا ذوقك الراقي
شعار مجموعة نرقى ليرقى منتدانا
هيمورا كينشن مشرف منتدى التسالي والطرائف
الأوسمة :
عدد الرسائل : 53554 العمر : 40 الإقامة : الرمادي الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 01/05/2008 السٌّمعَة : 60
موضوع: رد: الواجب الثقيل الخميس فبراير 18, 2016 1:30 pm
شكري وامتناني لك على جمالية انتقائك .. ربي يجزيك الخير ويبارك بجهودك الطيبة
قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) : " العراق جمجمة العرب وكنزالرجال ومادة الامصار ورمح الله في الارض فاطمئنوا فإن رمح الله لا ينكسر " فليخسئ من يتكلم عن العراق بسوء ___
spacepower مشرف منتدى الأنمي الحديث
الأوسمة :
عدد الرسائل : 50292 العمر : 35 الإقامة : spacepower الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 20/05/2009 السٌّمعَة : 94
موضوع: رد: الواجب الثقيل الخميس فبراير 18, 2016 6:43 pm
كالعادة ابداع رائع
وطرح يستحق المتابعة
شكراً لك
بانتظار جديدك
* بقايا روح * مراقبة قسم المنتديات الاسلامية
الأوسمة :
عدد الرسائل : 17288 العمر : 31 الإقامة : دنيا الاحزان الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 04/03/2013 السٌّمعَة : 40
موضوع: رد: الواجب الثقيل الخميس فبراير 18, 2016 9:42 pm
بارك الله فيك وبجهودك
المباركة القيمة أسال لك التوفيق والسداد
وأن يجمعنا الله ويبقينا على الود والمحبة والإخاء
وان يجزيك خير الجزاء
شعار مجموعة نرقى ليرقى منتدانا
الليدي لين نائبة المدير العام
الأوسمة :
عدد الرسائل : 56848 تاريخ التسجيل : 18/02/2008 السٌّمعَة : 141
موضوع: رد: الواجب الثقيل الجمعة فبراير 19, 2016 1:50 pm