[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | الكذبة الصغيرة عندما تتكرر تتحول إلى فجور تجاه الآخرين وعنف وجريمة.. هذا ما تقرره دراسة علمية لدماغ الكاذب نشرتها مجلة الطبيعة.. وهو ما قرره قبل ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام.... |
حديث نبوي عظيم لم يكن يخطر ببالي أنه يخفي معجزة علمية، حتى اطلعت على بحث علمي وكأنه يفسر ويشرح هذا الحديث ولكن بلغة التصوير بالرنين المغنطيسي للدماغ!
قال عليه الصلاة والسلام: (وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار، وما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا) [رواه البخاري ومسلم].
هذا الحديث يؤكد أن تكرار الكذب سوف يؤدي إلى شيء أعظم من الكذب وهو الفجور.. أي أن الإنسان يبدأ بكذبات صغيرة ويتكرر هذا العمل حتى يصبح شيئاً مألوفاً بالنسبة لهذا الشخص ولكنه مع الزمن قد يتحول إلى فجور يمسّ الآخرين بشكل فعلي مثل ارتكاب جريمة مثلاً.. هذا ما كشفه العلماء مؤخراً..
في عام 2016 نشرت مجلة Nature Neuroscience في عددها التاسع عشر، بحثاً غريباً من نوعه استخدم فيه العلماء تصوير دماغ الكاذب بجهاز المسح بالرنين المغنطيسي الوظيفي.. ووجدوا أن الدماغ يستجيب بسرعة للكذب حتى يتحول إلى منهج إجرامي لهذا الشخص!
فقد قام العلماء بدراسة وتصوير دماغ إنسان يكذب فوجدوا أن رد فعل الدماغ التلقائي تجاه الكذب ينخفض كلما استمر الإنسان بتكرار الكذب.. ثم وجدوا أن سلوك الإنسان الكذاب قد يتحول إلى سلوك إجرامي، أي يتحول سلوكه من مجرد كذب إلى ارتكاب أفعال تؤذي الآخرين.
نتائج التجربة العلمية تظهر كيف يتطور سلوك الكذب المتكرر إلى سلوك إيذاء للآخرين وهذا ما عبر عنه النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بالفجور.. فالكاذب قد يؤذيك بكلامه فقط. ولكن الفاجر يؤذيك بتصرفاته أيضاً.
تظهر صور الرنين المغنطيسي الوظيفي أن رد فعل الدماغ تجاه الكذب يتضاءل كلما كذب الإنسان أكثر.. حتى يصل إلى مرحلة يتكيف الدماغ مع ارتكاب جريمة مثلاً! فسلوك الإنسان الكاذب يتطور نحو استساغة إيذاء الآخرين والفجور عليهم.. لأن رد فعل الدماغ ينخفض بشدة.. وهناك مناطق تتآكل في الدماغ مما يؤدي إلى عدم الإحساس بالذنب..
لقد قام الباحثون بمراقبة منطقة الناصية في الدماغ prefrontal cortex والمسؤولة عن القيادة والتحكم بالكذب والخطأ والسلوك الخادع أو المضلل.. ووجدوا أن هذه المنطقة الأمامية من الدماغ الملاصقة لجبهة الرأس تتضرر بشدة، وتتوقف فيها ردود الأفعال تجاه الجريمة بعد استمرار الكذب وإدمانه لفترة طويلة. وهذا يؤدي إلى تصاعد التضليل والخداع لدى الكاذب حتى تنعدم حساسية الدماغ ونشاطه تجاه الفجور ويصبح الفجور سلوكاً مقبولاً من قبل الدماغ.
إن البحث أظهر أن ردود الأفعال العاطفية أيضاً تنخفض نتيجة الكذب.. وتنخفض ردود الإنسان العاطفية تجاه الجرائم مثلاً.. فلم يعد يبالي بسبب عدم وجود نشاط يذكر في الدماغ لإثارة هذه العاطفة.. فالكاذب الذي وصل إلى مرحلة الفجور لا يتعاطف مع مشاكل العنف تجاه الآخرين مثل التعرض للظلم أو الإذلال أو حتى الإيذاء الجسدي..
الغريب أن هذا البحث العلمي يوجه نصيحة لصناع القرار وللناس بشكل عام بضرورة عدم الكذب وعدم إضلال الناس حتى ولو بمستويات قليلة، لأن ذلك سيتطور إلى مستويات أكبر تؤدي إلى العنف تجاه الناس.. وينصحون بضرورة التزام الصدق وتكرار الصدق.. لأن الدماغ يصبح حساساً تجاه الخطأ أو العنف أو الجريمة، وهذا يساهم في تقليل معدلات الجريمة.
وسبحان الله! أليس هذا ما نصح به حبيبنا عليه الصلاة والسلام قبل أربعة عشر قرناً؟ إذاً اقرأوا الحديث كاملاً لتروا التطابق بين كلام النبي الكريم ونتائج العلم الحديث: (عليكم بالصِّدق، فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق، ويتحرَّى الصِّدق حتى يُكْتَب عند الله صدِّيقًا. وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار، وما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا) [متفق عليه].
فهل يجرؤ ملحد مستكبر أن يدعي أن هذا النبي الرحيم لم يكن رسولاً صادقاً في دعوته إلى الله تعالى؟ وهل هناك أعظم من نبي يأمرنا بالصدق وينهانا عن الكذب؟ ألا يستحق منا هذا النبي الرحيم أن نصلي عليه في كل وقت.. صلى الله عليه وسلم.
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل