القيم والسلوك الإنساني- د.طلال خالد الفضل
تعتبر القيم من المحددات الرئيسية للسلوك الإنساني في المنظمات وفي مجالات الحياة الإنسانية الأخرى، وليست القيم عناصر بسيطة بل مركبات تلتقي فيها العوامل المتعددة المتعلقة بالتنشئة الاجتماعية.
ويشير البعض الي ان كلمة قيمة تدل على أن الشيء يحمل في ذاته منفعة أو وزنا أو ثمنً وكلمة قيم هي جمع لكلمة قيمة تدل على أنواع المعتقدات التي يحملها شخص او مجموعة أو مجتمع معين باسره ويعتبرها مهمة ويلتزم بها وتحدد له عادة الصواب من الخطأ والصالح من الطالح والجيد من السيئ والمقبول من المرفوض في السلوك الإنساني. وهي داخلية للإنسان تنمو وتتطور من خلال العائلة والأصدقاء والمدرسة والتعاليم الدينية ومكان العمل، فهي مرشد ودليل للسلوك
تعريف القيم
تعرف القيم (بانها المعاني التي يعطيها الفرد أهمية كبري أو تقديرا كبيرا في حياته وسلوكه كالعدل والشجاعة والأمانة)
وهناك تعريف آخر للقيم (بانها معتقدات عامة حول الطريقة المفضلة للسلوك أو حول غاية مفضلة للفرد والجماعة). نرى ان من الضروري التمييز بين المعتقدات والقيم ,مع اعتراف بالعلاقة الوثيقة بين المجموعتين .فالمعتقدات تعني قبول صحة الاشياء أو الأفكار أو التصديق بها .ومن هنا نرى أن القيم بصفتها تعبر عن المعاني الهامة أو ذات التقدير العالي في حياة الفرد أو الجماعة ,تستند غالبا إلى معتقدات معينة ,فالصلة بينهما وثيقة جدا .لكن القيم ليست هي المعتقدات.
1. أهمية القيم
للقيم أهمية كبرى في فهم السلوك الإنساني في المنظمات فهي تؤدي الأدوار التالية:
أ- تؤثر القيم في جوانب مختلفة من الشخصية (مدركات الفرد واتجاهاته ودوافعه)
ب- تعتبر معايير مرشدة لسلوك الفرد أو الجماعة اذ انها تحدد المجال الأخلاقي له.
ج- تساعد على تحديد نوع الوظائف الملائمة للأفراد ونوعية التدريب السلوكي اللازم.
د- تحدد نوعية الأفراد الذين يمكن التوافق معهم.
ه- تؤثر في قرارات المدير وحلوله.
و- تكون احيانا مصدر للنزاع داخل الفرد نفسه او فيما بين الأفراد وبين الجماعات فقد يحدث نزاع داخل الفرد بين قيمتين أحداهما تتعلق بنظرية الانسانية (كالرحمة) والاخرى بواجبه التنظيمي (كمعاقبة موظف صغير).
ز- تعكس الاختلافات الحضارية بين المجتمعات المختلفة، مما يؤثر على سلوك التنظيمي بشكل واضح .
فهنالك اختلافات في القيم حول الامانة واحترام الوقت والجدية في العمل واحترام الأوامر وغير ذلك من مجتمع لآخر . وإن معرفة القيم السائدة في أي مجتمع مفيد لفهم السلوك التنظيمي المتوقع كما هو مفيد للمقارنة مع المجتمعات الأخرى.
2. مصادر القيم
بينا ان القيم داخلية للإنسان وتعتمد على خبراته في نموها وتطورها وقد اتفق العلماء على أن هناك أربعة مصادر للقيم هي:
أ- المصدر الاجتماعي: حيث ان الفرد هو جزء من المجتمع الذي يعيش فيه وبالتالي فأن قيمه تختلف عن قيم شخص في مجتمع أخر، فالمجتمع الغربي مثلا يتصف بالقيم المادية أكثر من المجتمع الغربي الذي لا يزال يتصف بالتقارب الأسري والانتماءات العشائرية.
ب- المصدر الديني: يعتبر المصدر الرئيسي لكثير من القيم الإنسانية، فقد جاء القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة بالأسس القيمية التي تربط المجتمع المسلم بشكل خاص والمجتمع الإنساني بشكل عام من حيث صدق المعاملة وايفاء الوزن والجد في العمل واتقانه وعدم الغش وتنظيم العلاقة بين الرئيس والمرؤوس من حيث السلطة والمسئولية والطاعة.
ج- جماعة العمل: رغم تقاربه مع المصدر الاجتماعي الا ان التركيز ينصب علي القيم و الاخلاقيات التي تقررها الجماعة في مكان العمل و التي تتعلق بالعمل نفسه و بظروفه، فالفرد يغير قيمه أحيانا نتيجة الضغوط النفسية التي يمارسها عليه جماعات العمل مثل عزله و عدم التعامل معه أو مساعدته و عدم دعوته الي جلساتهم أو لقاءتهم الاجتماعية مما يجعله غريبا في موطن عمله
د- الخبرة: حيث يمكن للفرد أن يستمد الكثير من القيم من خلال التجارب السابقة التي مر بها فالإنسان الذي يحرم من شيء ما فانه يعطيه قيمة أكبر والعكس صحيح فالإنسان الذي يحرم من رؤية البحر يعطيه قيمة أكبر، والسجين يعطي الحرية قيمة أكبر من الأنسان الحر.