العصبية: جاء في لسان العرب: "والتعصب: من العصبية، والعصبية: أن يدعو الرجلُ إلى نصرة عصبته، والتألب معهم على من يناوئهم، ظالمين كانوا أو مظلومين، وقد تعصبوا عليهم إذا تجمعوا، فإذا تجمعوا على فريق آخر، قيل: تعصبوا، وفي الحديث: العصبي من يعين قومه على الظلم.
العصبي هو الذي يغضب لعَصَبته، ويحامي عنهم، والعَصَبة: الأقارب من جهة الأب؛ لأنهم يعصبونه، ويعتصب بهم؛ أي: يحيطون به، ويشتد بهم، وفي الحديث: ((ليس منا مَن دعا إلى عصبية، أو قاتَل عصبيةً)).
العصبية والتعصب: المحاماة والمدافعة، وتعصبنا له ومعه: نصرناه، وعَصَبة الرجل: قومه الذين يتعصبون له، كأنه على حذف الزائد، وعصب القوم: خيارهم، وعصبوا به: اجتمعوا حوله؛ قال ساعدة:
ولكن رأيت القوم قد عصبوا به ♦♦♦ فلا شك أن قد كان ثم لحيم
واعصوصبوا: استجمعوا، فإذا تجمعوا على فريق آخر، قيل: تعصبوا، واعصوصبوا: استجمعوا وصاروا عصابةً وعصائب".
ويتضح من التعريفات اللغوية السابقة المعاني التالية:
نصرة الأقارب، مظلومين أو ظالمين، التجمع مع العصبة، المحاماة والمدافعة.
وهذه العصبيات القبَلية وغيرها من العصبيات بشكل عام، كالتعصب للأندية في كرة القدم وغيرها، هذه العصبيات يحصل بسببها تفكُّك المجتمع المدرسي، وحصول المشاكل، وعدم الاستقرار، بل قد يتطور الأمر، فتحصل قضايا جنائية تتسبب في كثير من المشاكل التي لا يتم إيقافها عند باب المدرسة، بل قد تتطور إلى الخارج، فتتسع المشكلة، وتحصل فجوة بين المتعلم والمجتمع المدرسي.
وقد أشار ابن مفلح المقدسي رحمه الله إلى مساوئ العصبية، فقال:
"وقال أبو داود: باب في العصبية، ثم روى بإسناد جيد إلى سماك، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه موقوفًا ومرفوعًا قال: ((من نصر قومه على غير الحق، فهو كالبعير الذي رُدِّي، فهو ينزع بذَنَبِه))؛ حديث حسن، ويقال: رُدِّي وتردى لغتان، كأنه تفعل من الردى الهلاك، أراد أنه وقع في الإثم وهلك، كالبعير إذا تردى في البئر وأريد أن ينزع بذَنَبه، فلا يقدر على خلاصه، وعن بنت واثلة سمعت أباها يقول: قلت: يا رسول الله، ما العصبية؟ قال: ((أن تعين قومك على الظلم))؛ حديث حسن رواه أبو داود، وقد أشار ابن مفلح المقدسي رحمه الله إلى أن المحبة للقبيلة والأهل والأقارب، التي لا يحصل بسببها ظلم للآخرين، ليست من العصبية المذمومة، فقال: "ولأحمد وابن ماجه عن واثلة: قلت: يا رسول الله، أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال: ((لا، ولكن من العصبية أن ينصر الرجلُ قومَه على الظلم)).
ثم قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "وعن سراقة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم))؛ إسناده ضعيف، ورواه أبو داود.
وقال ابن مفلح المقدسي رحمه الله بعد ذلك: "وفي هذا الباب روى أبو داود من حديث ابن إسحاق، عن داود بن حصين، عن عبدالرحمن بن أبي عقبة، عن أبي عقبة، وكان مولًى من أهل فارس قال: شهدت مع رسول الله أُحدًا، فضربت رجلاً من المشركين، فقلت: خُذْها وأنا الغلام الفارسي، فالتفت إليَّ وقال: ((فهلاَّ قلت: وأنا الغلام الأنصاري))؛ رواه أحمد وابن ماجه من رواية ابن إسحاق، وهو مدلس، وعبدالرحمن تفرد عنه داود، ووثَّقه ابن حبان، ولمسلم من حديث جندب: ((من قُتِل تحت راية عِمِّيَّة يدعو عصبيةً أو ينصر عصبيةً، فقِتْلتُه جاهلية))".