سلبيات الاختلاط التقني في الواقع الافتراضي
مع كل الإيجابيات التي أفرزها ما بات يعرف اليوم، بالتواصل الاجتماعي، عبر فضاء الواقع الافتراضي، باعتباره أحد مخرجات ثورة المعلوماتية، وتقنية التواصل الرقمي، إلا أن ذلك التواصل، لا يخلو من التأثيرات الاجتماعية السلبية، بسبب الاختلاط المفتوح للجميع بلا قيود. فبالرغم من العزلة الاجتماعية الحقيقية، التي يفرزها عادةً الانغماس الكلي في الواقع الافتراضي، إلا أن الاختلاط التقني، الناجم عن التفاعل المتبادل في فضاء الواقع الافتراضي، كبديل موضوعي، للواقع الحقيقي، يقود إلى تسميم الأفكار، واستقطاب الشباب، والمراهقين من الجنسين، بسبب ما تتيحه شبكة الإنترنت للمستخدم، من خلال تطبيقاتها المنوعة، من إمكانية الدخول إلى مواقع ذات محتوى سيئ، من الأنشطة الهابطة، ومن ثم الإدمان على تصفحها، بكل ما يحمله هذا الوضع من تداعيات سلبية بين الجانبين.
وإذا كان الاختلاط، والتواصل الاجتماعي، بين الجنسين، في الحياة الحقيقية، مثار قلق يوماً ما، على المختلطين، باحتمال تعرض سمعتهم، وعلاقاتهم الأسرية، للإساءة، والتدمير، عندما لا يلتزمون في سلوكهم بالأخلاقيات الدينية والأعراف الاجتماعية، وعندما يطلقون العِنان لرغباتهم وشهواتهم دون رقيب أو حسيب، فلا ريب أن الاختلاط التقني، في إطار الواقع الافتراضي، بافتقاره إلى مثل تلك الاعتبارات من الضوابط، وعدم خضوعه إلى مثل تلك المعايير، لكونه متاحاً للجميع بلا قيود أولاً، ومحمياً بسياسات خصوصية تقنية ثانياً، يصعب معها الاطلاع والسيطرة على ما يجري في فضائه من انتهاكات للقيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية، فإنه يظل بذلك الوصف، مثار قلق أوسع لكل من يعنيهم الأمر.
وحيث أصبح الواقع الافتراضي -عبر الإنترنت- اليوم بديلاً إلى حد كبير، عن الواقع الحقيقي الذي نعيشه في حياتنا اليومية، لأسباب كثيرة، فلا ريب أن الاختلاط التقني في الواقع الافتراضي، يفوق في سلبياته الكثير مما يمكن تصوره من سلبيات الاختلاط الحقيقي التقليدي، الذي لا زال يحكمه، بشكل أو بآخر، شيء من الضوابط الدينية والأعراف والتقاليد الاجتماعية، والتي تحول بدورها دون الإساءة لأي طرف، في الغالب الأعم.
ولذلك، فقد بات الأمر يتطلب من الجميع الحرص على تنمية حس الوعي الذاتي للجيل، للتحلي بالقيم النبيلة، والتأكيد على غرس الفضيلة في داخل أنفسهم، وذلك للحد من سلبيات الاختلاط التقني، عند الإبحار في الواقع الافتراضي، وإلا فإن ترك الحبل على الغارب، وعدم الاكتراث بعبثية الاختلاط التقني الافتراضي، سيعني تخريب بناء الناشئة، وبالتالي خسارة الجيل الذي هو عماد نهضة الأمة.