تدارُك ما فاتنا من الأوقات الفضيلة للإجابة
يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]، هناك أوقاتٌ فضيلةٌ لَفَتَ الشرعُ الكريم أنظارَنا إليها، وحثَّنا على الإكثار من الدعاء فيها؛ لأنها أوقاتُ إجابةٍ، منها:
رمضانُ عامةً وليلة القدر فيها خاصة، والأشهر الحُرُم، وعشر ذي الحجة، وعند نزول المطر، وعند التقاء الجيشين للقتال، فإن اقتصرَت الإجابةُ على هذه الأوقات فقط، ولم نتمكَّن من الدعاء فيهن، فماذا نفعل؟ هل ننتظر إلى العام القادم؟ وماذا إن وافتنا المنيةُ قبل أن نلحق ركْبَ الداعين لندعو في هذه الأيام؟
أرشدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أوقاتٍ أخرى قريبةِ المنال، ولا تحتاج إلى طول انتظار، يُستجاب فيها الدعاء؛ منها: الثُّلُث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، والساعة التي في يوم الجُمُعة، وعند السجود، وعند الإفطار من الصيام - مهما كان سبب الصيام - ودُبر الصلوات المكتوبات، وعند النداء للصلوات المكتوبة، وإذا نام على طهارة، ثم استيقظ من الليل ودعا، وغيرها كثير.
فالنتيجة النهائية أنه لا يوجد يأسٌ عند انتهاء إحدى مواسم الدعاء الكبيرة كرمضان وغيرها؛ لأن كل أيامنا مباركة، ولا تخلو ساعةٌ من نَوْعِ بركةٍ تكون سببًا للإجابة، وربطَ الله قلوبَنا بهذه الأمور الكونيَّة، والأوقات المحدَّدة، والأفعال الخاصة؛ لنكون في سباق دائمٍ مع الزمن لفعل الخيرات، وكلما فاتنا وقتُ بركةٍ أو طلبُ مَغْفرةٍ ورضوانٍ، ورفع درجاتٍ في الجنان، نتداركه بوقتٍ بعده مباشرة بسبب آخر؛ فبابُ الخيرات لا يُغلَق، وباب المغفرة لا يُوصَد.
فينبغي أن نُكثِرَ من دعاء الله تعالى في كل حين، وعلى كل حال بيقينٍ تامٍّ بالاستجابة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ادعُوا اللهَ وأنتم مُوقِنُون بالإجابة))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن اللهَ حييٌّ كريمٌ، يستحيي من عبده أن يَبسُطَ إليه يديه، ثم يردُّهما خائبتين))، وأُثِرَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "أنا لا أحمل هَمَّ الإجابة؛ إنما أحمل هَمَّ الدعاء، فإذا أُلهِمْتُ الدعاء؛ كانت الإجابةُ معه".
اللهم اغفِر لنا وارحمنا، أنت مولانا، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.