عطـش
وقَّعَ قصصه المَوْسومة بماء الحياة، لطالَما سقاها من عُروقه، تسلَّل من بين الجموع يبحث في حلمه عن ماءٍ يَروي عطشَه، لَم يجد إلاَّ صحراء قاحلة، دموعًا تصلَّبَت، أحجارًا صلداء، سياطًا تجلده كلَّما انزوى إلى ركنه السحيق، أمَّا القصص فقد طالبَتْه باللُّجوء السياسي!
عـري
أشجار عاريةٌ بلا ظِلال، ترقُب عري الفصول، تتلاقح في صمت الانتِظار.
أمَّا البحر فيكشف عريه للرِّياح الهوجاء أمام شُرفة منْزل قديم، تطلُّ بدورها على أرواح عاريةٍ من أجسادها تتصاعد نحو الأعلى.
أشجار أخرى تتفرج على عري الكائن، في حين السَّماء تنفرج عن غيوم جوفاء تنظر إلى بطونٍ جائعة!
سـريالية
على مَتْن القطار تصفَّح جريدته اليوميَّة، ارتشفَها مع قهوة الصباح، كلُّ شيء بَدا له شاحبًا كالمعتاد؛ أخبار صفراء، حوادث صفراء، كلمات متقاطعة صفراء.
ترك الجريدة جانبًا، وتمدَّد على عشب الذاكرة يتفيَّأ ظلال الماضي، استقلَّ قطار مخيلته يجوب كلَّ المحطات السابقة، كل السيناريوهات كانت متشابكة ومتشابهة.
تأجَّجَت النار بداخله، وأكلت العشب، في المحطة الأخيرة كتب ولادتَه!
خـجل
عكس نورها محيَّاه، فلمع موجُه الأزرق بشتَّى ألوان قزحيَّة.
قالت بعنفوان: إنِّي ضياء هذا الكون.
قال: وأنا سرُّ هذا الكون، يبوح لي بكلِّ أسراره وخطاياه.
قالت: أنت تتوضَّأ من نوري، فيبرق غَوْرك الهادر، فأنَّى لك بهذا السِّر!
قال: عندما تبلغين الأفق ستتجلَّى لك حِكمتي!
عند الأفق أدركَت الشمس تَواضُعَ البحر وعظمتَه، فطبعت على وجنتيها حُمرة خجل!
تمـثال
تقدَّم الطِّفل بعكَّازتيه الحديديَّتين إلى ساحة الحريَّة، وقف وجهًا لوجه أمام التِّمثال، تأمَّله جيدًا، راوده حلمٌ مجنون بأن يصير عصفورَ حريَّة.
وضع تاجًا من قشٍّ على رأسه، أمسك بخربشاته القديمة بيده اليُسرى، لكن ثَمَّة شعلة بيضاء لَم تشتعِل.
اتَّقدَتْ بدلها عيناه جمرًا عندما تحسَّس يده اليمنى، تذكَّر أنه نسيها هناك تحت الأنقاض!