تأمل معي عزيزي القارئ، لو أجرينا استبيانًا سريعًا عن مدى حاجة الناس لها وسعيهم خلفها وبحثهم عنها؛ لوجدنا أن النسبة ستصل إلى 100% بلا منازع، ولا ضير إن نقصت إلى 99.9% فهي بلا شكٍ مطلبٌ مُلِحٌّ يجري وراءها الكبير والصغير، الذكر والأنثى، العاقل وحتى ضِده.
إنها تفتن البعيدَ قبل القريب، من وجدها تشبث بها دون إرادةٍ لفراقها ومن فقدها بقي تعيسًا باحثًا عنها تارةً أخرى. هل توصلت إليها أيها القارئ السعيد؟ إنها الاسم الذي وصفتك بصفته.. إنها "السعادة".
أعتقد أن الكل يعلم أن أساسها ومنشأها في طاعة الله والقرب منه والإنابة إليه - عز وجل - ولكن لنُبحِرَ سويًّا بتفكيرنا إلى أعمالٍ وأسبابٍ وعواملَ أخرى تجلبها لنا؛ فإذا وجدت أُخيَّ إنسانًا في حاجةٍ إلى مساعدة أو خدمة؛ فبادر بها فإنك ستجد غايتك فيها، فإن تفريج الهم والكرب وقضاء حوائج غيرك وإشعال الشموع في حياته من أكبر الأسباب الجالبة للسعادة في النفس والراحة والطمأنينة. ومما يجلب السعادة أيضًا، سعادة من نحب ومن نعيش معهم: من أمٍّ وأبٍ، وزوجٍ وولد، وأخٍ وأختٍ، وصاحبٍ وزميلٍ وجار، فاسعَ إلى أن تكون بيئتك ومن حولك سعداء ويسعون لإسعادك معهم. ومن عوامل السعادة، صحة بدنك التي لا تتأتَّى إلا بغذائك الصحي السليم، وممارسة رياضتك المفضلة اليومية، ونومك الكافي لك؛ فبلا شكٍّ أن المريض لن يهنأ بيومه وليلته وهو يصارع الألم والحزن والسقم.
ولعلي أختم بعاملٍ لا يقلُّ أهميةً عن آنفه، وهو ممارسة كل هواية وعملٍ يستمتع به ويجد غاية سعادته فيه؛ فإن العمل المحبب سيجلب لصاحبه السعادة.
عزيزي القارئ السعيد، اصنع سعادتك بنفسك ولا تكن سعادة مؤقتة زائلة زائفة؛ أطع خالقك، أسعد غيرك، اعمل ما يسعدك وتستمتع به؛ فأنا الآن سعيد لأني أكتب ما أرجو أن يبعث في نفسك السعادة، وأستمتع فيما أقوم به.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا