عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر، وأخروا السحور)).
♦ قال البخاري: باب تعجيل الإفطار.
وذكر حديث سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر.
وحديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فصام حتى أمسى قال لرجل: انزل فاجدح لي، قال: لو انتظرت حتى تمسي، قال: انزل فاجدح لي إذا رأيت الليل قد أقبل من ها هنا، فقد أفطر الصائم.
♦ قال الحافظ: (قال ابن عبدالبر: أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور، صحاح متواترة، وعند عبدالرزاق وغيره بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون الأودي قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطارًا وأعطاهم سحورًا.
♦ قوله: (لا يزال الناس بخير)، وفي حديث أبي هريرة: لا يزال الدين ظاهرًا.
♦ قال الحافظ: وظهور الدين مستلزم لدوام الخير، قوله: ما عجَّلوا الفطر، زاد أبو ذر في حديثه: وأخَّروا السحور؛ أخرجه أحمد، "وما" ظرفية؛ أي: مدة فِعلهم ذلك امتثالًا للسنة، واقفين عند حدها غير متنطعين بعقولهم ما يُغير قواعدها، زاد أبو هريرة في حديثه؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون؛ أخرجه أبو داود وابن خزيمة وغيرهما، وتأخير أهل الكتاب له أمد وهو ظهور النجم، وقد روى ابن حبان والحاكم من حديث سهل أيضًا بلفظ: "لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم"، وفيه بيان العلة في ذلك، قال المهلب: والحكمة في ذلك ألا يزاد في النهار من الليل، ولأنه أرفق بالصائم، وأقوى له على العبادة، واتَّفق العلماء على أن محل ذلك إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بأخبار عدلين، وكذا عدل واحد في الأرجح؛ انتهى.
♦ قال ابن دقيق العيد: في هذا الحديث ردٌّ على الشيعة في تأخيرهم الفطر إلى ظهور النجوم، ولعل هذا هو السبب في وجود الخير بتعجيل الفطر؛ لأن الذي يؤخره يدخل في فعل خلاف السنة، وقال: قال الشافعي في الأم: تعجيل الفطر مستحب، ولا يكره تأخيره إلا لمن تعمَّده، ورأى الفضل فيه.
♦ قال الحافظ: من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على أن يريد الصيام، زعمًا ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة، ولا يعلم بذلك إلا آحادُ الناس، وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت - زعموا - فأخروا الفطر وعجلوا السحور، وخالفوا السنة، فلذلك قل عنهم الخير، وكثُر فيهم الشر، والله المستعان)؛ انتهى.