مَا بَيْنَ خَافٍ مِنْ أَسَاهُ وظَاهِرِ يَحْيَا عَلَى أَمَلٍ نَدِيٍّ زَاهِرِ
صَقَلَتْهُ أَحْدَاثُ الزَّمَانِ فَصَاغَهَا لِلنَّاسِ عِقْدَ لآلِئٍ وَجَوَاهِرِ
يَخْتَارُ مِنْ رَوْضِ الحَيَاة وَيَنْتَقِي أَفْوَافَ زَهْرٍ مِنْ هَوَىً وَمَشَاعِرِ
يَشْدُو وَأَسْرَابُ الطُّيُوْرِ تَجَمَّعَتْ تُصْغِي لِلَحْنٍ عَبْقَرِيٍّ سَاحِرِ
أَسَرَ القُلُوْبَ جَمَالُ مَا يَشْدُو بِهِ وَالقَلْبُ يُوْلَعُ بِالجَمَالِ الآسِرِ
يَغْدُو وَخِنْجَرُ هَمِّهِ يَغْتَالُهُ مَا اهْتَمَّ لِلجُرْحِ العَمِيْقِ الغَائِرِ
وَفُؤَادُهُ لِلحُزْنِ أَمْسَى مَسْرَحاً تَجْرِي عَلَيْهِ فُصُوْلُ حَظٍّ عَاثِرِ
يَجْتَرُّ آلاماً عِظَاماً لَمْ تَزَلْ أَنْيَابُهَا تُدْمِي جَنَاحَ الطَّائِرِ
لَكِنَّهُ كَالصَّقْرِ ظَلَّ مُجَنِّحاً يَرْنُو إِلَى الدُّنْيَا بِمُقْلَةِ سَاخِرِ
يَبْكِي وَيَضْحَكُ حَامِلاً هَمَّ الوَرَى أَلَماً وَآمَالاً بِقَلْبٍ صَابِرِ
يَهْفُو إِلَى المَاضِي وَبَيْنَ ضُلُوْعِهِ ذِكْرَى يَرِقُّ لَهَا فُؤَادُ الذَّاكِرِ
وَيَبِيْتُ مُعْتَبِراً بِهِ مُسْتَعْبِراً مِنْ خَشْيَةِ الآتِي وَذُلِّ الحَاضِرِ
وَيَرَى الحَيَاةَ تَنَامُ فِي حِضْنِ الرَّدَى مَجْدٌ يُشَيَّدُ فَوْقَ مَجْدٍ غَابِرِ
وَيَعِيْشُ فِيْهَا كَالغَرِيْبِ وَقَلْبُهُ أَضْنَاهُ شَوْقُ مُسَافِرٍ لِمُسَافِرِ
وَيَظَلُّ يُسْرِجُ فِكْرَهُ بَيْنَ الدُّجَى قَبَساً يَتِيْهُ عَلَى الظَّلامِ الجَائِرِ
أَوَمَا تَرَاهُ كَشَمْعَةٍ رَقَصَتْ عَلَى كَفِّ الرَّدَى تَجْلُو دُرُوْبَ الحَائِرِ؟
فَمُنَاهُ أَنْ تَبْقَى الحَيَاةُ كَرِيْمَةً يَحْيَا الأَنَامُ بِهَا حَيَاةَ الظَّافِرِ
مَنْ ذَاكَ؟ قَالَ البَدْرُ يَسْأَلُ نَجْمَةً حَيْرَى بِنَبْرَةِ مُسْتَبِدٍّ آمِرِ
وَتَجَمَّعَتْ زُهْرُ النُّجُوْمِ وَقَدْ سَرَى رَجْعُ السُّؤَالِ لِيَسْتَقِرَّ بِخَاطِرِي
فَهَمَسْتُ فِي سَمْعِ الزَّمَانِ وَغَرَّدَتْ فَرَحاً حُرُوْفُ الشِّعْرِ فَوْقَ دَفَاتِرِي
تَذْوِي الحَيَاةُ وَتَضْمَحِلُّ وَتَنْطَفِي أَنْوَارُهَا وَتُضِيْءُ رُوْحُ الشَّاعِرِ