عُمري إلى دارِ الفَنا يَمشي
والشَّيبُ مثلُ النارِ في القَشِّ
لم يَترُكِ الشَّيْبُ السَّوادَ على
رأسي وأذقاني سوى رِمْشي
وكأنَّ بِيضًا مِن ملائكةٍ
يَتْبعنَ آثارًا إلى نَعْشي
يَصْبَغْنَ شَعْري بالبياضِ بلا
فُرشاةِ صَبْغٍ أو طِلا رشِّ
يَضْحكنَ منِّي إنْ سعَيتُ إلى
أسبابِ عَيشي في ذُرًى هشِّ
انظُر إلى جهلٍ يخامرهُ
في عقلِ ذا المخبولِ ذي البطشِ
يَسْعى إلى عَيشٍ تحيطُ بهِ
أيْدي المَنونِ حِيالَهُ تَمشي
أتُراهُ قد أمِنَ الحياةَ ولَم
يأمَنْ بها المحقورُ في الوَحْشِ
فيها وُجوهُ الموتِ شاخصةٌ
مِن غَرْزِ أنيابٍ ومِن نَهشِ
منها يَعيشُ الكلُّ مضطرِبًا
مثلَ اضطِراب الحوتِ مِن قِرْشِ
ربِّي يَسوقُ الرِّزقَ في قدَرٍ
والخلقُ في دوَّامةِ العيشِ
حمداً لهُ؛ إذ لَستُ فرعنةً
أطغَى لكي أُبقِي على عرشي
لستُ المهيمِنَ والإلهُ يَرى
مُتقَلَّبي في النُّور والدَّغْشِ
والمالُ لا أدلُو بهِ زهقاً
للحقِّ أو لمراتعِ الفحشِ
كُلاًّ أرى في عيشهِ عجَباً
هذا مدَى بصري الذي غُشِّي.