أشجاكَ في ذكرِ الأحبَةِ صادحُ
و غشاكَ من فيضِ الموَدَّةِ قارحُ
والقلبُ أُتعبَهُ جفاؤكَ وانقضت
زُمَرُ السرابِ و موتُ عُمرِكَ لائحُ
ما كلُّ مَن ملكَ المشاعرَ شاعرٌ
لكنَّما نبضٌ بقلبِكَ جامحُ
أتُحبُّ مِمَّنْ طارحوكَ محبَّةً
أن يَقربوكَ وأنتَ عنهمْ كاشحُ؟
فلكلِّ أمرٍ في الحياةِ شؤونُهُ
والخيرُ يجري في عروقكَ سائحُ
كانوا لروحكَ أيكةً مُخضرَّةً
حتَّى جفاها الظلُّ وَهْوَ يُراوِحُ
زمنٌ يمرُّ ونحنُ فيهِ أهلَّةٌ
و لكُلِّ بدرٍ في الظلامِ جوانحُ
والكلُّ مِن بعدِ الكمالِ بواردٍ
نقصاً وإنْ غلبتْ عليهِ مطامحُ
إلاَّ الذي فطرَ السماءَ كمالُهُ
تمٌّ ومن عهدٍ قديمٍ طافحُ
تسقيكَ من كأسِ المنونِ خواطرٌ
بعضٌ لبعَضٍ خِلفةٌ تتصافحُ
و أشقُّ ما فيها كلامٌ قلتَهُ
حين الوصالِ وحرفُ لَسنِكَ جارحُ
كلُّ اللُّغاتِ بِهمسِ قلبكَ عادها
صمتٌ سقيمٌ والحروفُ نوائحُ
وتئنُّ من وجعِ المشاعرِ غايةٌ
قد ناجزتها للمُثولِ كوابحُ
يستلُّ صبرُكَ سيفَهُ بتواضعٍ
أغرى العِدى والموتُ دونكَ نائحُ
يا كُلَّ هذي الأرضِ دمعي سافحُ
يا قلبَ هذا الكون فيكَ أُسَامِحُ
مثلي ألوفٌ شاقها بمودَّةٍ
شملُ الأحبَّةِ والقلوبُ صوافحُ
لم تُبقِ هذي الحربُ فينا أُلفةً
وبنارها يُكوى جِنانٌ نازحُ
قد أطلقتْ لزمامها مُرَّ العنا
سيَّانَ عندَكَ سانحٌ أو بارحُ
و توارثتْ قسرَ الهمومِ دماءنا
فحياتُنا للشرِّ رهنٌ واضحُ
الناسُ سكرى في خمورِ لهيبها
يتمايلونَ وهم دُمىً تتطارحُ