في روضةِ القرآنِ طابَ زماني وتَضوَّعتْ بعبيرِها أركاني
وتفيَّأ القلبُ السقيمُ بظلِّها فصحا من الأدواء والأدرانِ
رعَدتْ بروقُ القلبِ بين تدبُّري حتى أسالتْ مُزنةَ الأجفانِ
فنمتْ بساتينُ الرضا وترعرعتْ في النفس ألوانٌ من القُربانِ
فتناثرتْ أحزانُ نفسي وامَّحتْ فبَدتْ على الدنيا بلا أحزانِ
في نهر آيات الكتاب غَسلتُ عن صدري لهيبَ الحقد والأضغانِ
وطويتُ في جنَبَاتها بُسُطَ الهوى وفرشتُ في روحي هوى القرآنِ
وبحُسنها ألبستُ نفسيَ حُلَّةً من بهجة الأخلاق والإحسانِ
ورقيتُ في رُتَب السعادة كلما سرَّحتُ طَرفي في سَنا الفرقانِ
ورأيتُ في آي الكتاب مواعظًا تنهى عن الغفلات والطغيانِ
ويضيءُ دربُ الحق بين سنائها بمعالم الإقناع والبرهانِ
وتلوحُ أطلالُ الذين تمرَّدوا تحكي حكايةَ أَخْذةٍ وهوانِ
وهناك تبتسمُ النهايةُ بالعُلا للمؤمنين على رُبَى الرضوانِ
تلك الرياضُ الناعماتُ أَسَرْنَنِي فأقمتُ بين جَمالها الفتَّانِ
وغدوتُ كالطيرِ الطَّروبِ بِجَنةٍ حسناءَ بالأزهارِ والأغصانِ
فأطيرُ فوقَ سرورها متنقِّلاً بين الزهور وضمَّةِ الأفنانِ
أتلوْ على تلك الجِنان سعادتي وأبوحُ للدنيا بِسرِّ جَناني
هذا كتابُ الله يا قومُ ارجعوا لرياضه الفيحاءِ كلَّ أوانِ
فاتلوه في فهمٍ يُزيح عن النُّهى رهَجَ الشكوك وعُقدة الحَيرانِ
وتدبَّروه ففي تدبُّره الهدى ومنابعُ الخيرات والإيمانِ
وخذوا هُداه إلى الحياة وسَيرِها فهو الدليلُ لراحة الإنسانِ
لو كان قائدَ أمَّةٍ ودليلَها حقًّا لنالتْ نُصرةَ الدَّيانِ
وتَبوَّأتْ هامَ السيادة واعتَلَتْ عن أن تُسامَ الذُلَّ في الأوطانِ
فإلى كتابِ الله نَلوي وجهَنا فهو الحياةُ وروضةُ الرحمنِ
من ضيَّعَ القرآنَ ضاعتْ نفسُهُ في قَفْرةِ الخِذلان والخُسرانِ