بائعة الورد

موضوع: بائعة الورد الثلاثاء مايو 14, 2019 11:49 pm

في ذلك الركن من الشارع تقبع في محلها الصغير والجميل بائعة الورد

ذات الإبتسامة الساحرة التي لا تفارق محياها ..

أمرها بين فترة وأخرى لأطلب منها باقة ورد لأهديها لأحدهم .. تقابلني بتلك

الإبتسامة الجميلة وبالترحيب الرائع ..فارجع ذلك لحب يسكن حناياها وقلب

ينبض بحبها ويزيد على ذلك هذا المكان الجميل وروائح وعبير الزهور التي

تحيط بها من كل زاوية في محلها الصغير ..

وذات يوم وبعد أن طلبت منها تنسيق باقة على ذوقها ضحكت من كل قلبها

بضحكة تسحر الألباب وتشنف الأذن من جمال ضحكتها .

وهي تسأل لمن يا ترى هذا الباقة اليوم أهي لحبيب قد سكن الفؤاد أن

لعزيز على القلب ..

فتجاهلت سؤالها عن قصد ، وقلت في قرارة نفسي هذه الفرصة التي أتتك

على طبق من ذهب حتى تعرف سر سعادتها وإبتسامتها التي دائماً تعلو

محياها .. ومن يكون صاحب الحظ السعيد الذي أسعدها وأسعدته ..

إنني ياسيدتي ومن فترة طويلة يجول في مخيلتي سؤال يحيرني .

هل تسمحين لي أن أساله لك ..؟ فقالت بكل سرور تفضل وأسأل ..

من هو ذاك السعيد الذي منحتيه قلبك الطيب ..؟ ومن هو المحظوظ الذي

إستطاع أن يمتلك تلك الإبتسامة الرقيقة وهذا الحب الكبير الذي إنعكس

حتى على تلك الورود بين يديك .. ؟

تنهدت وكأنها تطفئ حريقاً داخلها ..

وقالت لن تصدق إن سمعت مني الجواب .. فارجو أن تسمح لي بعدم الإجابة .

فزاد الفضول في نفسي لمعرفة حكايتها وسر تلك التنهيدة التي تشق الصدر

من قوّتها .. وتلك الغيمة الحزينه التي إعتلت عينيها عندما سألتها ذلك

السؤال

فاردفت قائلة لماذا تريد أن توقظ الجرح الذي أحاول أن أخفيه خلف تلك

الإبتسامة .. ؟ لقد مضى وقت طويل عليه ولكنه يزورني كل ليلة فيسهر جفني

ويحرقني حتى تنعس عيوني من التعب فأنام ، فأصحو في الصباح على أمل

أن يعود ..

فأحاول أن أخمد نار فراقة بتنسيق الورود ورعايتها وبيعها .. ولكن عندما أخلد

إلى فراشي يأتيني بصورته وجميع ذكرياته الليل وسكونه ..

لقد منحته حياتي ساعدته بكل ما أملك من مال حتى قوي عوده ونبت له

جناحين قويين وما إن إستطاع الطيران حتى طار بعيداً مع إمرأة أخرى .

فرجوته أن يأتي حتى لو كانت معه .. رجوته أن يمرني ولو لوقت قصير حتى

أكحل عيني بمشاهدته .. لكنه رحل ولم يترك لي سوى الجرح والألم الذي

أحاول أن أتصبر به في إبتسامتي مع زبائني .. وأما نار الفراق التي داخلي

وحــجـم حزني وعذابي فهو أكبر مما تتصور ..

أخذت باقة الورد من يدها المرتجفه من ألم الذكرى وأنا أحمل حزنها داخلي

وسؤال يحرقني ويجلدني بسوطه القاسي .. ماذا يريد الرجل أكبر من هذا

الحب .. ؟ وكيف إستطاع أن يفارق ذلك القلب وتلك الإبتسامة التي تسحر

العيون وتطرب القلوب .. ؟

إنها الخيانة عندما تسكن النفوس فإنها تعمي العيون عن كل جميل في

هذه الحياة ..

أعانك الله على عمق جرحك وعظيم ألمك من خناجر الغدر التي غرزت في

صدرك وعوضك الله خير منه بالدنيا والآخرة يا بائعة الورد الحزينه .