عندما تدمع العين كمدا !!

السلام عليكم

عندما تدمع العين كمدا !!

ذات يوم جمعني موقف مع أحد العاملين في أحد ( دار الضيافة ) لكبار السن .
الضيافة هي عبارة عن مبنى مجهز على نفقة الدولة يستقبل كبار السن والذي
من المفترض أن يكون كبير السن ممن لم يرزقه الله بأبناء أو بنات أي أن لا معيل له .

وهذا ما كان يدور بمخيلتي قبل لقاء ذلك الشخص موقف طريف حصل في أحد الأسواق
الكبرى عندما انتهيت من جمع الأغراض وعند المحاسب وكان ذلك الطيب خلفي ينتظر
أن أنهي دفع المبلغ وفسح المجال له . لكن حصل أن البطاقة رفضت في تلك اللحظة .
حاول الموظف عدة مرات ولكن بدون جدوى وصاحبي ينظر بصمت . وبعد أن رأى أن لا مفر
من ترك الأغراض والذهاب للبحث عن آلة صرف .
قال وهو يخاطب المحاسب حمل المبلغ مع فاتورة أغراضي .
وأنا آخذ حقي من هذا الرجل فيما بعد !! حاولت معه أن يتركها جانبا حتى أبحث عن ماكينة
صراف . المهم هذا الموقف جعلنا أصدقاء نتقابل في أوقات متباعدة نظرا للارتباطات الحياتية .

ذات يوم سألته عن طبيعة عملة وكيف هي حال ( الدار ) وحال ساكنيها .
قال تسأل من أي ناحية فهي ذات نواحي كثيرة ؟ قلت أعلم أنها طبعا مجهزة وبها رعاية
جيده بدليل أنت وأمثالك من الطيبين يعملون بها .
اسال عن كبار السن الذين يأتون ويسكنون عندكم . هل كلهم مالهم من يرعاهم خارج الدار .

نظر إلي وقال لا هناك من لهم أبناء وعائلة ولكن جاءوا به وأدخلوه الدار ولكل شخص له
سبب مختلف عن الآخر عندما يحضر والدة أو عمة أو خاله وهكذا .

وصمت ذلك الصديق لفتره وكأنه يتذكر الكلمات . وعندما نظرت إليه وإذا به يحاول إخفاء
دمعة ترقرقت لمعتها في عينه . لم أحاول إحراجه أكثر . فقلت حتى أخفف من حرقة تلك
الدمعة التي وراءها قصة بكل تأكيد .
زين عساك مرتاح في عملك وعسى الراتب زين في مثل هــ الوظائف . رد بصوت شبه
مخنوق لا أبرك مرتاح جدا لأن هذا العمل أجرة كبير وأما المردود المالي فهو جيد جداً .

ولكن ما يحز بالنفس ويحرق القلب أن يأتي بعضهم بوالدة ويتركة لشهور طويلة
ولم يكلف نفسه حتى المرور والسؤال عن والدة وكيف صحته وهل هو مرتاح في مكانه
الجديد هل يقدم له الرعاية التي يستحقها .

مع أننا لم نقصر مع أي واحد منهم ونعاملهم كأباء لنا أنا وزملائي . ولكن غياب ذلك الأبن
يترك بروح المسن الم كبير خصوصا إذا كان لم يدخل في مرحلة الزهايمر . وأنه مازال
يعي ما حولة هذا النوع من المسنين ما يؤلمنا عندما يأتي البعض زيارة نرى عيونه تلتفت
يمنه ويسرى ودمعة الحزن أحيانا تسيل على لحيته ونظراته تقول أين أنتم يا أبنائي ..

ذلك المنظر يصيبنا بألم شديد لا يعلمه سوى من جربه . ولكن دوما ندعو الله سبحانه
أن يرحمهم برحمته فهو من يتولى عبادة وهو أرحم بهم من البشر .
جزاكم الله خير وأثابكم يا صديقي على ما تقومون به من يستحق الإشادة .
وجزا الله هذه الحكومة المباركة التي حفظت كرامة هذه الفئة وهيئة لهم سبل العيش
بكرامة وبدون منّة من أحد حتى يرحلوا من هذه الحياة الفانية ..

اللهم وارحمهم والطف بهم وارحم ضعفهم ورقق القلوب لهم .
كيف تنام عينك يا من تركت والدك بأيدي الآخرين ليرعونه .!!
ليس من عذر مهما كان الظرف ومهما كانت المشاغل ومهما كان فقرك وعوزك
كلها لن تفيدك عند السؤال أمام ملك الملوك . ولا تنسى أن العمر يمضي وسوف
تصل لنفس المرحلة إن جعلك الله ممن يطول عمرهم .