وَزُخْرُفًا ۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)
( وزخرفا ) ، أي : وذهبا . قاله ابن عباس ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد .
ثم قال : ( وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا ) أي : إنما ذلك من الدنيا الفانية الزائلة الحقيرة عند الله [ تعالى ] أي : يعجل لهم بحسناتهم التي يعملونها في الدنيا مآكل ومشارب ، ليوافوا الآخرة وليس لهم عند الله حسنة يجزيهم بها ، كما ورد به الحديث الصحيح . [ وقد ] ورد في حديث آخر : " لو أن الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ، ما سقى منها كافرا شربة ماء " ، أسنده البغوي من رواية زكريا بن منظور ، عن أبى حازم ، عن سهل بن سعد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره ورواه الطبراني من طريق زمعة بن صالح ، عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لو عدلت الدنيا جناح بعوضة ، ما أعطى كافرا منها شيئا " .
ثم قال : ( والآخرة عند ربك للمتقين ) أي : هي لهم خاصة لا يشاركهم : فيها [ أحد ] غيرهم ولهذا لما قال عمر بن الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صعد إليه في تلك المشربة لما آلى من نسائه ، فرآه [ عمر ] على رمال حصير قد أثر بجنبه فابتدرت عيناه بالبكاء وقال : يا رسول الله هذا كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت صفوة الله من خلقه . وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متكئا فجلس وقال : " أوفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ " ثم قال : " أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا " وفي رواية : " أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ؟ "
وفي الصحيحين أيضا وغيرهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافها ، فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة " . وإنما خولهم الله تعالى في الدنيا لحقارتها ، كما روى الترمذي وابن ماجه ، من طريق أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ، ما سقى منها كافرا شربة ماء أبدا " ، قال الترمذي : حسن صحيح .