يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة ( وَيَوْمَ يَقُومُ ) بالياء. وينفع أيضا بالياء, وقرأ ذلك بعض أهل مكة وبعض قرّاء البصرة: " تَقُومُ" بالتاء, و " تَنْفَعُ" بالتاء.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقد بيَّنا فيما مضى أن العرب تذكر فعل الرجل وتؤنث إذا تقدّم بما أغنى عن إعادته.
وعني بقوله: ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) يوم يقوم الأشهاد من الملائكة والأنبياء والمؤمنين على الأمم المكذبة رسلها بالشهادة بأن الرسل قد بلغتهم رسالات ربهم, وأن الأمم كذّبتهم. والأشهاد: جمع شهيد, كما الأشراف: جمع شريف.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتاد.( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) من ملائكة الله وأنبيائه, والمؤمنين به.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) يوم القيامة.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن مجاهد, في قول الله: ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) قال الملائكة.
وقوله: ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ) يقول تعالى ذكره: ذلك يوم لا ينفع أهل الشرك اعتذارهم لأنهم لا يعتذرون إن اعتذروا إلا بباطل, وذلك أن الله قد أعذر إليهم في الدنيا, وتابع عليهم الحجج فيها فلا حجة لهم في الآخرة إلا الاعتصام بالكذب بأن يقولوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ .
وقوله: ( وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ ) يقول: وللظالمين اللعنة, وهي البعد من رحمة الله ( وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) يقول: ولهم مع اللعنة من الله شرّ ما في الدار الآخرة, وهو العذاب الأليم.