أسكرَ الْحُسنُ في العقولِ الخيالا وجَمالي كسا المِلاحَ الْجَمالا
فَجَبِيْنِيْ يفيضُ أنْهُرَ نورٍ وَسَناها رَوى بِخدِّي الْهلالا
وبعينِيْ يُسافرُ البحرُ، يزهو حَوَرٌ يُخجلُ الْمَها والغَزالا
تطلُعُ الشمسُ من فمي حين أتلو همساتِ الْهوى فأسبِي الرِّجالا
وَبِيَ العندليبُ للصَّبِّ غَنَّى وعلى شَدْوِه الْمُتَيَّمُ مَالا
نايُ شِعْري حَبَا الحزينَ حُبوراً كَفْكَفَ الدَّمعَ في الخدودِ الثَّكالى
والْمُحِبُّونَ من جُمانِيَ صاغوا عِقْدَ وجدٍ مدى الزَّمان تَلالا
فأنا مَنْ غرستُ في كُلِّ قلبٍ غصنَ حُبٍّ يشبُّ حالاً فحالا
وأنا من عصرتُ خَمرَ بيانِي ساكباً للأنامِ سِحْراً حَلالا
أُتْرِعُ الكونَ من أريجِ نقائي في فَلا اليأس أزرعُ الآمالا
أُمطرُ الشِّعرَ من غمائم عزمٍ يُنبتُ الْجِدَّ في نفوس الكسالى
..أيُّ وصفٍ يَضُمُّني وزُهوري من قديْمٍ زَكَتْ، وفاحتْ جَلالا؟
عَقَمَتْ بعديَ السنونَ فوصْفي بِمديح الإله حازَ الكمالا
ومدادُ القُرآن منّي وذكري فاضَ شُهْداً بآيه وزُلالا
من فم الْمُصطفى نثرتُ بُدوري فجلتْ عن دُجى الوجود ضلالا
وأذاني بِمَسمَعِ الدَّهرِ يَحْدُو فاسألوا عن ندى الأذان بلالا
كمْ زَهتْ في العصورِ أَيْكُ لغاتٍ ثم جَفَّتْ على القِفارِ رِمالا!
كم كَسَا الشَّيبُ أحرفاً في مِهَادٍ وانحنى ظَهْرُها يُحاكي النِّبالا!
غيرَ أنّي ظللْتُ غُصناً فَتِيَّاً شامخاً ما انْحنى لريحٍ ومالا
..لم أزلْ أُنْجبُ الفصيحَ وَمُزْنِي تُمْطر الشُّهدَ يَمْنةً وشِمالا
وإذا ألقتِ الحضارةُ بِدْعاً من قَشيبي كسوتُهُ سِرْبالا
كلُّ نطقٍ بغير حرفي سَرابٌ في يبابِ الْمَدى تلاشى وزالا
إنني البحرُ، مَن يرومُ كنوزي في الشّواطي كمن يرومُ الْمُحالا
زانَنِي مَجْمعٌ على الكونِ ألقى بِشِباكٍ فصادَ شِعْراً، مَقالا
يأسِرُ القلبَ، يُطلقُ الرُّوحَ جَذْلَى فوق غُصْنٍ من الفصاحةِ طَالا
وبروضي رَبَتْ مَجامعُ فُصْحَى نَشَرتْ في لَظى الْحَرُورِ ظِلالا
..فلِمنْ يرتَجي وِصالِيَ قُولوا: امتطِ العشقَ والجوى لا الْجِمَالا
والتزم مَجْمَعَاً بَنَاهُ كِرامٌ أنْفَقوا في هوايَ وَقْتاً وَمَالا
وإذا ما بَدا هلالِيَ هَامُوا وانقضى العمرُ يطلبونَ الوِصالا
و بِدَوْحِ الضُّلوعِ شَبَّ غرامٌ أشعلَ القلبَ والهوى القَتَّالا
..كم حَمَوْني من الدَّخيل فكانوا في رياح الحديثِ حَولي جِبالا!
وانتضَوْا في وَغى الْخِداع كُمَاةً سَمهريّاً يردُّ عنِّي الوَبالا
ثُم سَلُّوا اليَراعَ صوناً لِعِرْضِي وعلى الأعجميِّ ألقَوْا نِصالا
...أجرُهُم في الْمَعَادِ أجرُ شهيدٍ في سبيل الإلهِ يهوى النِّزَالا
أنا أمُّ اللُّغاتِ، بِكْرُ الْمَعاني خَصَّنِي بالخلودِ رَبِّي تَعالى
وأنا من أحبَّها النَّبِيُّ فأمستْ تتباهى على اللُّغاتِ دَلالا
فعليه الإله صلَّى مَلِيَّاً وعلى الأكرمينَ صَحْبَاً وآلا