النظافة ورؤية جديدة ..!

النظافة ورؤية جديدة ..!

لا نختلف اليوم ودوما في أن النظافة بكل أشكالها ومواقعها وأحجامها
أمر ضروري ومطلب ديني، كيف ونحن مطالبون بها على الأقل
خمس مرات في اليوم في أجسادنا وحياتنا اليومية ومع تطور المجتمعات
وتغير السلوك الاستهلاكي أصبح حجم النفايات التي يخرجها الفرد
في ازدياد مطرد، ومن هذا الازدياد- إضافة إلى غياب التنظيمات
المنظمة لأسلوب جمع النفايات سواء المنزلية أو التجارية أو الصناعية-
أصبحت مدننا الرئيسة بشكل خاص تعاني تراكم النفايات وأصبح المنظر
الحضاري لهذه المدن غير مريح للعين والصحة،
ولهذا فإن إعادة النظر في أسلوب حياتنا المعيشية أولاً ثم في حجم
النفايات ونوعها وطريقة التخلص الشخصي منها وكيفية جمعها أمور
تتطلب إعادة نظر شاملة وكاملة للأسلوب والأنظمة ودور
مختلف أطياف المجتمع في ذلك التغيير ولو التفت كل واحد منا
وهو يسير على قدميه أو في سيارته للاحظ حجم ونوع النفايات
التي أصبحت تستقبلها شوارعنا كل يوم ومن كل بيت ومتجر
ومصنع وغيرها، وكما نلاحظ أن كل واحد من هذه المواقع يتخلص
من نفاياته في الشوارع وفي كل وقت وبكل حجم، حتى إن أصحاب
المنازل يقومون بالتخلص من الأثاث القديم بكل أحجامه
وأنواعه ومخلفات المزروعات ورميها في الشارع وعلى البلدية
المعنية تحمل مسؤوليتها في جمع تلك المخلفات والتخلص منها،
وهذه أمور لا نراها في العديد من مدن العالم.

إن المرحلة التنموية الحالية التي نعيشها ومتطلبات المستقبل تفرض
علينا إعادة النظر في كل ما ذكر من أسلوب وطريقة ونظام وهذا
يتطلب إعادة النظر في أسلوبنا التقليدي في نظافة مدننا التي تعتمد
على عامل النظافة الأجنبي ومكنسته التقليدية التي تحول معها
مع الزمن إلى عامل شحاذة أمام إشارات المرور وتقاطعات الشوارع،
وهنا نحتاج إلى الاعتماد على النظام الآلي لنظافة الشوارع
وتحديد فترة زمنية محددة في الأسبوع لجمع النفايات من داخل الأحياء،
حيث تحدد ساعات معينة في الأسبوع لجمع النفايات من الحاويات
وألا توضع النفايات في تلك الحاويات إلا قبل الموعد بفترة قصيرة جداً
لا تزيد على الساعة حتى لا تتحول تلك النفايات إلى ضرر على المدن
وسكانها ومن يرغب في التخلص من نفاياته خارج الساعات المحددة،
فعليه حملها إلى مرمى النفايات المخصص، وكذلك من يرغب في التخلص
من أثاثه القديم وما في حكمه، فعليه نقله إلى مرمى النفايات
مع وضع العقوبات المالية لكل من يخالف ذلك، وهذا النظام معمول به
في العديد من دول ومدن العالم، كما يجب أن يصاحب تطوير
الأنظمة والإجراءات والعقوبات توعية شاملة لأهمية تقليل حجم النفايات
التي تخرج من منازلنا لأنه حسب الدراسات التي تمت على هذه النفايات
أوضحت أن أكثر من 80 في المائة منها مواد غذائية
لا يمكن إعادة تدويرها، وإعادة التدوير برنامج حضاري يجب فرضه
ضمن نظامنا الجديد للنظافة.

إن إعادة التدوير للنفايات برنامج حضاري لم يعد تأخيره منطقيا،
خصوصاً مع توسع المدن وارتفاع حجم النفايات الصادرة منها
مثل الورق والزجاج والبلاستيك والحديد وغيرها ووفقاً للإحصائيات
الحديثة التي تؤكد أن هذه النفايات التي يمكن إعادة تدويرها كمياتها
عالية جداً وستحقق الربح المقبول للشركات والمؤسسات المعنية بذلك،
كما أن تطبيق نظام تدوير النفايات سيقلل من حجم النفايات
التي لا يمكن تدويرها، خصوصاً عندما يتم فصل كل نوع على حدة.

نظافة المدن وأسلوب جمع النفايات الحالي لم يعد قادرا على مواكبة
تطور ونمو المدن ولا يتفق مع التوجهات الحديثة المطبقة
في العديد من مدن العالم، ولهذا فإن الأمر يتطلب ما يلي:

1- استخدام التقنية الحديثة وعدم الاعتماد على الحشد البشري
الكبير من العمالة الأجنبية التي ستستمر مع الوقت في استغلال
كل الفرص لتعطيل العمل والإضراب وغيرها من السلوكيات التي أصبحنا
نعانيها في مدننا.

2- تطوير نظام جمع النفايات وفرزها وتحديد نوعية النفايات
التي تكون مسؤولة عنها المدينة أو البلدية والنفايات المسؤول
عنها الأفراد، حيث لا يتم التخلص من كل مخلفات المنازل أو المتاجر
أو المصانع أمامها دون الشعور بالمسؤولية نحوها ووضع العقوبات
التي تضمن احترام ذلك.

3- الأخذ بمفهوم نظام تدوير النفايات وإعادة استخدامها
بما يقلل من النفايات التي يتم التخلص منها.

4- التخلص من النفايات التي لا يمكن إعادة تدويرها
واستخدامها وذات التأثير السلبي على البيئة.

5- القيام بحملة توعية إعلامية شاملة من خلال منع استخدامها
مثل أكياس البلاستيك وما في حكمها لإيضاح الآثار السلبية
من حجم ونوع النفايات وإيضاح التوجهات الجديدة لتطوير
جمع النفايات وأسلوب التخلص منها.

إن مشكلة النفايات وجمعها وأسلوب التخلص منها أصبحت
مثل كرة الثلج التي أخذت في الكبر وازدياد الحجم دون أن ندرك
أثرها السلبي اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً والوقوف بحزم نحو تطوير
آليتها بكل الأبعاد والأشكال لم يعد ترفا وطنيا، وإنما مطلب اجتماعي
واقتصادي وبيئي لا يقبل التأخير أو التراخي،
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.