فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)
القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)
يقول تعالى ذكره: فإن لم يجبك هؤلاء القائلون للتوراة والإنجيل: سحران تظاهرا, الزاعمون أن الحقّ في غيرهما من اليهود يا محمد, إلى أن يأتوك بكتاب من عند الله, هو أهدى منهما, فاعلم أنما يتبعون أهواءهم, وأن الذي ينطقون به ويقولون في الكتابين, قول كذب وباطل, لا حقيقة له, ولعل قائلا أن يقول: أو لم يكن النبيّ صلى الله عليه وسلم يعلم أن ما قال القائلون من اليهود وغيرهم في التوراة والإنجيل من الإفك والزور, المسموهما سحرين باطل من القول, إلا بأن لا يجيبوه إلى إتيانهم بكتاب هو أهدى منهما؟
قيل: هذا كلام خرج مخرج الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم , والمراد به المقول لهم: أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ من كفار قريش, وذلك أنه قيل للنبيّ صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لمشركي قريش: أو لم يكفر هؤلاء الذين أمروكم أن تقولوا: هلا أوتي محمد مثل ما أوتي موسى -بالذي أوتي موسى- من قبل هذا القرآن؟ ويقولوا للذي أنـزل عليه وعلى عيسى سِحْرَانِ تَظَاهَرَا فقولوا لهم إن كنتم صادقين أن ما أوتي موسى وعيسى سحر, فأتوني بكتاب من عند الله, هو أهدى من كتابيهما, فإن هم لم يجيبوكم إلى ذلك فأعلموا أنهم كذبة, وأنهم إنما يتبعون في تكذيبهم محمدا, وما جاءهم به من عند الله أهواء أنفسهم, ويتركون الحق وهم يعلمون.
يقول تعالى ذكره: " وَمَنْ أَضَلُّ" عن طريق الرشاد, وسبيل السداد ممن اتبع هوى نفسه بغير بيان من عند الله, وعهد من الله, ويترك عهد الله الذي عهده إلى خلقه في وحيه وتنـزيله: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: إن الله لا يوفق لإصابة الحقّ وسبيل الرشد القوم الذين خالفوا أ مر الله وتركوا طاعته, وكذّبوا رسوله, وبدّلوا عهده, واتبعوا أهواء أنفسهم إيثارا منهم لطاعة الشيطان على طاعة ربهم.