لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَّسْئُولًا (16)
( لهم فيها ما يشاءون ) [ أي ] : من الملاذ : من مآكل ومشارب ، وملابس ومساكن ، ومراكب ومناظر ، وغير ذلك ، مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب أحد . وهم في ذلك خالدون أبدا دائما سرمدا بلا انقطاع ولا زوال ، ولا انقضاء ، لا يبغون عنها حولا . وهذا من وعد الله الذي تفضل به عليهم ، وأحسن به إليهم ، ولهذا قال : ( كان على ربك وعدا مسئولا ) أي لا بد أن يقع وأن يكون ، كما حكاه أبو جعفر بن جرير ، عن بعض علماء العربية أن معنى قوله : ( وعدا مسئولا ) أي : وعدا واجبا .
وقال ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ( كان على ربك وعدا مسئولا ) يقول : سلوا الذي واعدتكم - أو قال : واعدناكم - ننجز .
وقال محمد بن كعب القرظي في قوله : ( كان على ربك وعدا مسئولا ) : إن الملائكة تسأل لهم ذلك : ( ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ) [ غافر : 8 ] .
وقال أبو حازم : إذا كان يوم القيامة قال المؤمنون : ربنا عملنا لك بالذي أمرتنا ، فأنجز لنا ما وعدتنا . فذلك قوله : ( وعدا مسئولا ) .
وهذا المقام في هذه السورة من ذكر النار ، ثم التنبيه على حال أهل الجنة ، كما ذكر تعالى في سورة " الصافات " حال أهل الجنة ، وما فيها من النضرة والحبور ، ثم قال : ( أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون ) [ الصافات : 62 - 70 ] .