إنها آية من آيات الله تبارك وتعالى تدعو المؤمن اليائس للتفاؤل برحمة الله.. إن الذي يرزق هذه السمكة في أعماق المحيط قادر على أن يرزق عبداً يقول: يا رب!! ....
عندما نزل العلماء إلى أعماق المحيطات ووصلوا بغواصاتهم إلى عمق أكثر من ألف متر وجدوا ظلاما تاما يخيم على هذه الأعماق، ولم يتصوروا أن يجدوا أي مخلوق أو كائن حي يمكن أن يعيش في هذه الظلمات الحالكة. ولكن المفاجأة كانت عندما اكتشف العلماء حديثاً أنواعاً من المخلوقات البحرية تعتمد في حياتها على الإضاءة الذاتية. حيث تقوم خلايا هذه المخلوقات بتوليد الطاقة الضوئية وتبثها للمسافة التي تحتاجها وذلك لتدلها على الطريق الصحيح وتهديها لكسب رزقها. وهناك أسماك شفافة تبث الضوء وتبدو بصورة رائعة تشهد على عظمة خالقها عز وجل.
إن هذه الأسماك تعيش في المحيطات على أعماق سحيقة، ولكنها تقترب من السطح أثناء الليل بحثًا عن الغذاء، وتحمل مجموعة من الحوامل الضوئية المركزة أسفل الرأس وعلى سطح البطن، والضوء المنبعث لونه أزرق مخضرٌّ، وتستخدمه السمكة لجذب فرائسها من السمك.
الأسماك المضيئة هي آية من آيات الله تبارك وتعالى، حيث سخر لها هذه الإضاءة الحيوية لتنير لها طريقها وتحصل على رزقها وتسبح بحمد ربها. هناك أنواع كثيرة جداً من هذه الكائنات التي أنعم الله عليها بأن يجعل نوعًا من البكتيريا المضيئة بذات الطريقة تتعايش معها على سطحها أو بين ثنايا الجلد؛ فينبعث منها الضوء فترى السمكة نتيجة الضوء المنبعث من البكتيريا والفطريات. من أشهر أنواع هذه الأسماك: سمكة المصباح..
في كل يوم يكشف العلماء أنواعاً جديدة من الأسماك المضيئة في أعماق المحيط، ومن الأنواع المهمة لهذه الأسماك: سمكة الفأس : تعيش أيضًا على أعماق كبيرة وتحمل الحوامل الضوئية على سطحها البطني، وينبعث منها إضاءة شديدة تعمل ككشافات تشوِّش على باقي الأسماك، فتبتعد عنها ولا تفترسها، فهذا الضوء هو وسيلة الدفاع الوحيدة لهذه السمكة.
سمكة الثعبان: توجد على أعماق من 80: 1600م تحت سطح الماء، ويوجد على زعنفتها الظهرية حوامل ضوئية تنتج ضوءًا مبهرًا يعمل على جذب الأسماك الأخرى، ثم تقوم بالهجوم والتغذية عليها.... وأنواع أخرى كثيرة جداً لم يكتشف منها العلماء إلا القليل..
ومع أن العلماء يتعقدون أن هذه الوسائل الضوئية قد تطورت بفعل الطبيعة، ولكنهم لم يعرفوا كيف استطاعت هذه المخلوقات أن تطور مثل هذه التقنية المعقدة في توليد الضوء على الرغم من الأعماق المظلمة التي تعيش فيها!
إن الجواب على ذلك نجده في كتاب ربنا تبارك وتعالى القائل: (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: 49-50]. فالله تعالى الذي خلق هذه المخلوقات هو الذي هيأ لها الطريق وهداها لرزقها وسخر لها كل الوسائل لتستمر في حياتها، ولولا هذه الإضاءة الذاتية لانقرضت هذه الأسماك ..