صيدا ثالث أكبر المدن اللبنانية و أكبر مدن محافظة الجنوب تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط شمال صور بحوالي 25 كم . و 50 كم جنوبي العاصمة بيروت إن صيدا هي وريثة صيدون الفينيقية. لا يتطابق موقع صيدا الحالي مع موقع صيدون الفينيقية تماماً والتي كانت تمتد نحو الشرق أكثر (الدليل على ذلك إنّ معظم الآثار الفينيقية المكتشفة وُجدت في القياعة، الهلالية ومؤخراً في تلة شرحبيل بن حسنة) بينما انحصرت صيدا قديما حتى أسوارها حتى اواسط القرن التاسع عشر، ثم أخذت بالإنتشار نحو الشمال والشرق عبر البساتين التي تغطي سهلها.
إسمها باللاتينية وباليونانية "صيدون" وبالعبرانية "صيدو". لا يوجد تفسير واضح عن آصل التسمية. فمنهم من ذكر أنها تنسب إلى صيدون ابن كنعان. كما يعتقد آن الإسم مشتق من كثرة السمك في شواطئها او نسبة إلى أهلها الأقدمون الذين عملوا كصيادي أسماك.
يرجع تاريخ المدينة إلى فينيقيي سواحل البحر المتوسط في أوائل الألف الثالث ق.م. وقد ازدهرت المدينة بنوع خاص في أواخر الألف الثاني وأوائل الألف الأول ق.م. وآصبحت رائدة المدن الفينيقية و لها السيادة البحرية في البداية وفي فترة مارست الرئاسة على صور وخلفت بسيادتها البحرية جبيل وأرواد. وأسست صيدا مدينة هبّو في شمالي إفريقيا ومدينة كيثيوم في قبرص جيران قرطاجة الصورية.
وفي القرن الثاني عشر ق.م. خسرت صيدون سيادتها بسبب غزو الفلستينيون لها وتدميرهم إياها. فانتقلت عظمتها إلى صور.
قلعة صيدا البحرية, بناها الصليبيون عام 1228
تعاقب على صيدون الاحتلال فمن الفراعنة المصريون ثم الآشوريون. وقد ثارت المدينة على الآشوريون حوالي سنة 680-670 ق.م. فجاء الملك آسرحدون ودمر المدينة وذبح أهلها ونفى سكانها إلى آشور. كما ثارت ضد الفرس فحاصرها إرتحششت الثالث. الا أن الصيدونيون فضلوا الموت على السبي والأسر. فأحرقوا مدينتهم و جميع مراكبهم واستسلموا للموت حرقاً. ويقال أن أكثر من 40 ألف نسمة هلكوا في هذا الحريق. بعد الفرس استسلمت صيدون إلى الاسكندر المقدوني بدون مقاومة ومن بعده إلى خلفائه. وفي أوائل العهود الرومانية كانت صيدون تشكل شبه جمهورية صغيرة لها حكامها وقضاتها ومجلس شيوخها.
وفي سنة 667 فتحها العرب ومنذ ذلك الحين أصبحت تدعى صيدا. وضمها الأمويون لامارة دمشق.
وفي سنة 1111 م استسلمت إلى الملك بدوين الأول الصليبي بعد حصار 47 يوماً. وفي العهد الصليبي كانت صيدا مركز ولاية تابعة لمملكة القدس وكان يحكمها كونت وتمتد حدودها من الدامور شمالا" إلى جبل الكرمل جنوباً. وفي سنة 1187م استسلمت بدون مقاومة إلى صلاح الدين الأيوبي فهدم أسوارها. وفي سنة 1197م استعادها الصليبيون ثم استردها العرب في سنة م 1249 لتعود وتقع مرة أخرى في يد الإفرنجة. وفي سنة 1291 تخلى عنها فرسان المعبد نهائياً بعد سقوط مدينة عكا.
وانحط شأنها في عهد المماليك لأنهم كانوا يخشون رجوع الصليبيون من قبرص فقاموا بتدمير الموانئ والمراكب ومنها صيدون. إلا أنها انتعشت في القرن الخامس عشر كمرفأ لمدينة دمشق. وفي سنة 1662 خلال العهد العثماني أصبحت صيدا مركز ولاية تبتدئ حدودها من ولاية طرابلس شمالا وتنتهي جنوبا عند جبيل الكرمل ثم اتسعت على أيام الجزار.
صيدا من ساحل الحر الأبيض المتوسط.
وفي القرن السابع عشر عهد جعلها فخر الدين المعني الثاني عاصمة له فنشطت الحركة التجارية وازدهرت وحلت مكان طرابلس كمركز تجاري. وفي أواخر القرن الثامن عشر نقل الجزار مركز ولاية صيدا إلى عكا وطرد التجار الأجانب منها فاحتلت بيروت مكان صيدا في العلاقات التجارية مع أوروبا. وفي سنة 1873 أصاب صيدا زلزال هدم قسم منها. فأعاد إبراهيم باشا تعميرها وأحاطها بسور من جهة اليابسة.
وفي عام 1920 ضمها الفرنسيين إلى دولة لبنان الكبير ومنثما إلى الجمهورية اللبنانية و اصبحت عاصمة محافظة الجنوب اللبناني.