</A>لم يصل أسطول السلام والحرية إلى شواطئ غزة، لكنه حقق بالدم الأهداف السياسية التي انطلق من أجلها، أهداف لا تنحصر في تعرية الوجه المجرم لإسرائيل المتمثل بجيشها وجنرالاتها وحكامها، بل تتعدى ذلك إلى فك الحصار عن غزة الآن وفورا، بعد أن غدت مسألة غزة مسألة العالم، كما أنه نجح في تعرية عار المفاوضات "بالوكالة" بين سلطة أوسلوية جبانة وحكومة إسرائيلية أكثر من جبانة حكومة رعديدة، وفي العالم العربي هز أركان الأنظمة العميلة التي لم تعد تجد أين تخفي قبحها الكياني وذلها الألفي وهزيمتها الوجودية، أما في العالم الإسلامي، في تركيا على الخصوص، فقد دقت على إيقاع خطوات أبطال أسطول الدواء والغذاء ساعة الحقيقة التي يجب على أساسها أن يكون التعامل مع إسرائيل من الآن فصاعدا، وأن يكون على إسرائيل دفعه في المقابل إذا أرادت أن تصبح في النهاية دولة غير خارجة على القانون. لكن الذهاب بهذه الأهداف إلى أبعد لن يتم إلا إذا تواصل الضغط على مستوى العالم، فكم من مرة لفلفَ حكام هذا العالم، حكام الغرب على الخصوص، الأمرَ لفلفةً، فكمموا الأفواه، وزيفوا الأحداث، وتركوا المجرم دون إدانة، وكل ما فعلوه أنهم أعطوه وقتا جديدا يسمح له بفبركة جريمته القادمة، وهكذا إلى ما لا نهاية، فالمشروع الأمريكي النيوأمبريالي في المنطقة لم ينته بعد، وإسرائيل بجرائمها يمكن أن تكون عاملا قهريا من عوامل هذا المشروع في فلسطين والدول العربية وحتى في إسرائيل نفسها وقد جرى تشييء الإنسان وتحميله عبء عزلة حكومته ورفض الآخر له، ليسهل بالتالي تحريكه كما دأبت الصهيونية منذ مهدها على تحريكه، وكذلك، إسرائيل بجرائمها في المشروع الأمريكي ما هي سوى تلك التي تَرْتَكِبُ جرائم أخرى تضاف إلى جرائم أمريكية في العراق وأفغانستان وغير العراق وأفغانستان، وهذا الأوباما ليس أقل دموية من ذاك النتنياهو، وما يُرتكب من جرائم يومية في بغداد يجب ألا ينسينا أن أمريكا من فَعَلَت مثلما فعلت إسرائيل في بحر غزة أو على سفوح جبل الشيخ جراح أو في حارات نابلس، الكثير منا ينسى أن أمريكا بلد مجرم ومغتصب ومحتل مثلما هي إسرائيل، وأن أمريكا لن تكون أبدا ضد إسرائيل لأنها ابنتها الدموية مثلها، لهذا أن يطالب أوباما بتحقيق في جريمة مكشوفة لا تحتاج إلى تحقيق مؤشر أول على التمييع، وبالتالي على سلب موقف العالم وإرادته في لحظة فتح العالم فيها عينيه ورأى غير ما اعتاد عليه من أكاذيب الإعلام.
سفن أخرى إلى غزة شيء جيد وكذلك التظاهر في كل مدن العالم العربي والعالم أجمع ولكن عندما تدخل القضية في دواليب التحقيق والمحققين سيخف اللهب ثم ينطفئ.
ما يجب فعله هو وضع حد للمشروع الأمريكي في المنطقة بأنظمته وأحذيته وأزلامه كل أزلامه ولا فرق هنا بين الوقحين الذين أقروا ثلاثة أيام حداد على الشهداء أو الذين ذرفوا دموع التماسيح، وإنهاء هذا المشروع ممكن بتضحيات شعبية عربية كبيرة تدفع إلى تواصل الضغط على مستوى العالم
</A>