دين ام دنيا

رحلتنا
اليوم للفردوس المفقود. رحلتنا اليوم للأندلس. الأرض الخضراء التي أنارها
الإسلام بعدله وسماعته ثمانية قرون. لكن بعد أن طغى حب الدنيا على الدين
في النفوس، ضاعت هذه الجنة، وعاد لها أصحاب الديانات المنحرفة يحكمونها
وينعمون بخيراتها.
نحن
الآن في قصر المعتمد بن عباد، حاكم إشبيلية. في عهدٍ تفكك فيه المسلمون،
فحاربوا بعضهم بعضا من أجل ملك زائل، سيحاسبهم الله عليه يوم القيامة.
تمزقوا فكان بأسهم بينهم شديدا، أما أمام العدو فقدوا كانوا ضعفاء، لا حول
لهم ولا قوة في صد النصارى الحاقدين. فضاعت أراضيهم واستحل النصارى
دمائهم.
المعتمد
أحد ملوك الطوائف، التي تكاثر عددها في الأندلس. سمع بجيوش النصارى تتقدم
نحوه، تسعى لإزالة الإسلام من الأندلس، وإذلال أهله. جيوش لا آخر لها،
متعطشة لدماء المسلمين الطاهرة. فكيف يمكنه ردها.
دعا
المعتمد قادته في اجتماع طارئ. وأخذ يسألهم عن عدد الجنود وتدريبهم
وسلاحهم واستعدادهم، وما إمكانية صد المعتدين. لكن إجاباتهم لم تكن تبشر
بالخير. فعدد الجنود معدود، ومعنوياتهم غير مرتفعه، فهم يرون انتصارات
النصارى على إخوانهم في الممالك الأخرى في الأندلس.

الموضوع الأصلى من هنا: منتديات الأستاذ http://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=189560











google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_rendeهل
أترك أرض الإسلام تضيع بهذه السهولة؟! لا يمكنني فعل ذلك بالطبع! لكن..
كيف السبيل للحفاظ عليها؟! من يمكنه مساعدتي؟! من يستطيع صد أعداء الله؟!
ملوك الطوائف المجاورة! إنهم أضعف من أن يحموا أنفسهم فكيف لهم بمعاونتي؟!
من إذا؟!
أسئلة
كثيرة كانت تدور في عقل ابن عباد، تبحث عن إجابة لها. "كيف تبقى الأندلس
بيد المسلمين". هذا ما يجب أن يضعه كل قائد نصب عينيه. إن لن يعيش الملك
للأبد، لكن، ماذا بعد ذلك، هل كان خادما للدين ودينه وسعى للحفاظ عليه، أم
أنه خان الله ورسوله، وباع الأرض لأعداء الله. لا يهم من يحكم الأرض ما
دام يحكمها بشرع الله.
وهنا،
أشرق وجه ابن عباد. تذكر إخوانا له في المغرب العربي، يبذلون أرواحهم لنشر
دين الله. لم لا أستعين بهم؟! أليسوا مسلمين؟! أليسوا أقويا؟! إذا هم أولا
من غيرهم.
اجتمع
ابن عباد بقادته مرة أخرى، وعرض عليهم الاستعانة بمرابطين. فارتسمت معالم
الدهشة على وجوه قادته! المرابطون! أهل المغرب! إنهم يحلمون بدخول الأندلس
منذ أمد! فيكف نقدم لهم الأندلس على طبق من ذهب؟! هذا هو الجنون بعينه!
تشجع
أحد القادة وطلب الحديث نيابة عن زملائه وقال: مولاي المعتمد، إن دخل
المرابطون الأندلس فلن يخرجوا منها! وأومأ بقية القادة في إشارة بموافقتهم
لما قد قيل. فأتاهم قرار ابن عباد حازما بطلب المساعدة من المرابطين،
وقال: لأن أرعى ابل ابن تاشفين، خير لي من أن أرعى خنازير الفونسو.
يا
الله! ما هذه التضحية! إنه يفتح أبواب دولته لمن سيأخذ الحكم منه!
فلماذا؟! لأنه قدم الدين على الدنيا؟! الملك زائل لكن الدين باق. هكذا
يضحي الملك بملكه لتبقى العزة والأرض للمسلمين. هكذا يضرب مثل للحكام من
بعده. يا من أعمت عيونكم الدنيا، انشروا الدين بدلا من أن تقفوا عقبة في
طريقه، فهو منتصر لا محالة، بكم أو بسواكم.
قدّر
الله للأندلس أن تبقى ثلاثة قرون أخرى تحت راية الإسلام، حين سخر ابن عباد
باتخاذ هذا القرار الحازم. حيث وصلت جيوش المرابطون بقيادة يوسف بن تاشفين
من المغرب، واتحدت مع جيش المعتمد بن عباد، لتلحق هزيمة نكراء بأعداء
الله، وتردهم خائبين. وظل الأذان يدوي في الأندلس تحت راية المرابطون.
انتهت
رحلة اليوم، وقد رأينا فيها مثالا جميلة للتضحية، وتقديم الدين على
الدنيا، علنا نعتبر منه. ونرجو من الله التوفيق والسداد في القول والعمل.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً ع الطرح الرائع
جزاكِ الله خيراً

شكرا لك على الموضوع

بارك الله فيك

يعطيك العافية

مشكورين
ع
الرد
منوري
الموضوع
بمروركم العطرر
و
جميل

مشكور على الموضوع الرائع جزاك الله خيرا

الله يعطيكـ العافيه..

شكرا على الموضوع المميز