| " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " | |
|
+5ابن البلد اطياف حائرة الليدي لين بغـــــداد كاورو 9 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
كاورو (¸.•'´* كبرياء العراق*`'• .¸)
الأوسمة : عدد الرسائل : 70859 العمر : 100 الإقامة : الرمادي الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 24/01/2009 السٌّمعَة : 187
| موضوع: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " الخميس أكتوبر 03, 2013 6:50 pm | |
|
الحديث
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا ، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ".
ألفاظ الحديث : نَفَّسَ : خفَّفَ ، مأخوذٌ مِنْ تنفيس الخناق ، كأنه يُرخى له الخناق حتَّى يأخذ نفسًا ، وفي حديث ابن عمر " وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً " ( [1] ) ، أي : أزال . كُرْبَةً : الْكُرْبَةُ بِضَمِّ الْكَاف فُعْلَة مِنْ الْكَرْب ، الشدة العظيمة ، وَهِيَ الْخَصْلَة الَّتِي يُحْزَنُ بِهَا ، أَيْ : الغُمَّة الَّتِي تَأْخُذُ النَّفْسَ، وَجَمْعهَا كُرَب . يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؛ سمي بذلك لأنه يقوم فيه الناس من قبورهم لرب العالمين ، ويقام فيه العدل ، ويقوم الأشهاد . يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ : يَسَّرَ : سهَّل ، والمُعْسِرٍ : من أثقلته الديون وعجز عن وفائها ؛ وذلك بإنظاره إلى الميسرة ، أو بإعطائه ما يزول به إعساره ،أو بالوضع عنه إن كان غريمًا . يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ : أي : أموره ومطالبه . وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا : الستر : إخفاء العيب ؛ ولكن الستر لا يكون محمودًا إلا إذا كان فيه مصلحة ولم يتضمن مفسدة ، فالمجرم لا يُستر عليه لأنه معروفٌ بالشر و الفساد ، ولكن المستقيم في ظاهره إذا بدا منه ما لا يحل فقد يكون الستر مطلوبًا ، لأنه لم يعرف بفساد ، أو علم منه وقوع معصية فيما مضى ، لم يخبر بها أحدًا ، فهذا يستر عليه . سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ : أي : حجب عيوبه عن الناس في الدنيا والآخرة ، فلا يعاقبه على ما فرط منه . عَوْنِ الْعَبْدِ : إعانته وتسديده . مَا كَانَ الْعَبْدُ : ما دام . سَلَكَ طَرِيقًا : يشمل الطريق الحسي المعروف ، والمعنوي كالحفظ والمذاكرة والمطالعة والتفهم . يَلْتَمِسُ : يطلب . فِيهِ عِلْمًا : أي : شرعيًّا ، قاصدًا به وجه الله تعالى. سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ : أي : بتيسير ذلك العلم الذي طلبه والعمل بمقتضاه أو علوم أخرى توصله إلى الجنة ، ويحتمل أن يراد به تسهيل طريق الجنة الحسي يوم القيامة وهو الصراط . وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ : أي : المساجد . السَّكِينَةُ : الطمأنينة والوقار . وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ : شملتهم من كل جهة . وَحَفَّتْهُمْ : أحاطت بهم . الْمَلَائِكَةُ : عالم غيبي خلقوا من نور عملهم عبادة الله . وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ : أثنى عليهم . فِيمَنْ عِنْدَهُ : أي : من الملائكة . بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ : أخَّر وقصَّر ، لفقد بعض شروط الصحة أو الكمال . لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ : لم يلحقه برتب أصحاب الأعمال الكاملة ؛ لأن المسارعة إلى السعادة بالأعمال لا بالأحساب .
[1]- البخاري ( 2442 ) ، ومسلم ( 2580 ) .
المعنى الإجمالي
هذا حَدِيث عَظِيم جَامِع لِأَنْوَاعٍ مِنْ الْعُلُوم وَالْقَوَاعِد وَالْآدَاب ؛ فقوله e : " مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا " الكُربة : هي الشِّدَّةُ العظيمة التي تُوقعُ صاحبَها في الكَرب ، وتنفيسُها أن يُخفَّفَ عنه منها ، وفي حديث ابن عمر " وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"،والتفريجُ أعظمُ ، وهو أنْ يُزيلَ عنه الكُربةَ ، فتنفرج عنه كربتُه ، ويزول همُّه وغمُّه ، فجزاءُ التَّنفيسِ التَّنفيسُ ، وجزاءُ التَّفريجِ التَّفريجُ ؛ قال النووي - رحمه الله : وَيَدْخُل فِي كَشْف الْكُرْبَة وَتَفْرِيجهَا مَنْ أَزَالَهَا بِمَالِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ مُسَاعَدَته ، وَالظَّاهِر أَنَّهُ يَدْخُل فِيهِ مَنْ أَزَالَهَا بِإِشَارَاتِهِ وَرَأْيه وَدَلَالَته .ا.ه ( [1] ) . وقوله e : " نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ " أي : خفف أو كشف وأزال " كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، وهذا من باب الجزاء من جنس العمل ؛ وكربات الآخرة أشد ، فرَّجها الله عنا بفضله ؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النَّبيِّ e قال : " يَجْمَعُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، فَيُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي ، وَيَنْفُذُهُمْ الْبَصَرُ ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنْ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ ، وَمَا لَا يَحْتَمِلُونَ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ : أَلَا تَرَوْنَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ ؟ أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ ؟ أَلَا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ ؟ " ( [2] ) . وقوله e : " وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ "هذا - أيضًا - الجزاءُ فيه من جنس العمل ، والعمل هو التيسير على المُعسر ، وذلك بإعانته على إزالة عُسرته ، فإن كان مَدينًا أعانه على قضائه ، وإن كان الدَّين له أنظره ، أو وضع عنه بعضه إن لم يُبْرئه منه ، والإبراء خيرٌ وأفضل ؛لقول الله U :] وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فنظرة إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خير لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [[البقرة:280]،وقد بيَّن e أنَّ الجزاءَ على التيسير تيسيرٌ يحصل في الدنيا والآخرة ؛ ودلُّ ذلك على أنَّ الإعسار قد يحصُل في الآخرة ، وقد وصف الله يومَ القيامة بأنّه يومٌ عسير وأنّه على الكافرين غيرُ يسير ، فدلَّ على أنَّه يسير على غيرهم ، وقال : ] وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا [ [ الفرقان : 26 ] ؛ وفي صحيح مسلم من حديث أبي قتادةَ t عنِ النَّبيِّ e قال : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ " ( [3] ) ؛ وفيه - أيضًا - عن أبي اليَسَر t عنِ النَّبيِّ e قال : " مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ " ( [4] ) . وقوله e : " وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا " أَيْ : ستر بَدَنه ، أَوْ عَيْبه إذا رَآهُ عَلَى قَبِيحٍ فَلَمْ يُظْهِرْهُ لِلنَّاسِ ؛ ففي مسند أحمد وسنن أبي داود عَنْ دُخَيْنٍ كَاتِبِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قُلْتُ لِعُقْبَةَ : إِنَّ لَنَا جِيرَانًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ ، وَأَنَا دَاعٍ لَهُمْ الشُّرَطَ فَيَأْخُذُوهُمْ ؛ فَقَالَ : لَا تَفْعَلْ ، وَلَكِنْ عِظْهُمْ وَتَهَدَّدْهُمْ ؛ فَفَعَلَ ، فَلَمْ يَنْتَهُوا ، فَجَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي نَهَيْتُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا ، وَأَنَا دَاعٍ لَهُمْ الشُّرَطَ ؛ فَقَالَ عُقْبَةُ : وَيْحَكَ لَا تَفْعَلْ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَقُولُ : " مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُؤْمِنٍ فَكَأَنَّمَا اسْتَحْيَا مَوْءُودَةً مِنْ قَبْرِهَا " ( [5] ) ، يعني كان ثوابه كثواب من أحيا موءودة ، أي : كمن رأى حيًّا مدفونا في قبره فأخرجه من القبر كيلا يموت ؛ ووجه الشبه أن الساتر دفع عن المستور الفضيحة بين الناس التي هي بمنزلة الموت ، فكأنه أحياه ؛ كما دفع الموت عن الموءودة من أخرجها من القبر ( [6] ) ؛ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَرْكِ الْغِيبَةِ لِأَنَّ مَنْ أَظْهَرَ مَسَاوِئَ أَخِيهِ لَمْ يَسْتُرْهُ . وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي تَرْك الْإِنْكَار عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ، قاله ابن حجر ؛ وقال : وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّتْرَ مَحَلُّهُ فِي مَعْصِيَةٍ قَدْ اِنْقَضَتْ ، وَالْإِنْكَارَ فِي مَعْصِيَةٍ قَدْ حَصَلَ التَّلَبُّس بِهَا ؛ فَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا رَفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ ، وَلَيْسَ هذا مِنْ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ ، بَلْ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ ( [7] ) . قال النووي – رحمه الله : وَأَمَّا السَّتْرُ الْمَنْدُوب إِلَيْهِ هُنَا فَالْمُرَاد بِهِ السَّتْر عَلَى ذَوِي الْهَيْئَات وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مَعْرُوفًا بِالْأَذَى وَالْفَسَاد ؛ فَأَمَّا الْمَعْرُوف بِذَلِكَ فَيُسْتَحَبّ أَلَّا يُسْتَر عَلَيْهِ ، بَلْ تُرْفَع قَضِيَّته إِلَى وَلِيِّ الْأَمْر إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَة ؛ لِأَنَّ السَّتْر عَلَى هَذَا يُطْمِعهُ فِي الْإِيذَاء وَالْفَسَاد ، وَانْتَهَاك الْحُرُمَات ، وَجَسَارَة غَيْره عَلَى مِثْل فِعْله .ا.ه ( [8] ) ؛ وبنحوه قال ابن رجب رحمه الله في ( جامع العلوم والحكم ) . قال e : " سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " أَيْ : لَمْ يَفْضَحْهُ بِإِظْهَارِ عُيُوبِهِ وَذُنُوبِهِ ؛ وهذا - أيضًا - من باب الجزاء من جنس العمل . ثم قال e كلمة جامعه مانعة : " وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ" ، وفي حديث ابن عمر " وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ " أي : فمن أَعَانَ أخاه وسعى - حسب طاقته - في قضاء حاجته - وسَوَاءٌ أكَانَ ذلك بِقَلْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ بِهِمَا لِدَفْعِ الْمَضَارِّ أَوْ جَلْبِ الْمَنَافِعِ إِذْ الْكُلُّ عَوْنٌ - " كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ " أي أَنَّ الْمُكَافَأَةَ عَلَى ذلك بِجِنْسِهَا مِنْ الْعِنَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ ، وهي أن الله تعالى يعينه وييسر له قضاء حاجاته كما يسعى هو في قضاء حاجة إخوانه ؛ روى الطبراني عَنْ زَيْدِ بن ثَابِتٍ t عَنْ رَسُولِاللَّهِ e قَالَ : " لا يَزَالُ اللَّهُ فِي حَاجَةِ الْعَبْدِ ، مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ " ( [9] ) . وقوله e : " وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ" فيه الحثُّ على طلب العلم الشرعيِّ وسلوك الطرق الموصلة إلى تحصيله ، سواء أكان ذلك طريقًا حسيًّا كمشي وسفر لطلبه وملازمة العلماء والأخذ عنهم ، واقتناء الكتب المفيدة وقراءتها والاستفادة منها ؛ أو كان طريقًا معنويًا مثل حفظه ، ودارسته ، ومذاكرته ، ومطالعته ، وكتابته ، والتفهُّم له ، ونحو ذلك مِنَ الطُّرق المعنوية التي يُتوصَّل بها إلى العلم . والجزاء على ذلك من الله تسهيل الطريق التي يصلبها طالب العلم إلى الجنَّة ، وذلك يكون بإعانته على تحصيل ما قصد ، فيكون بذلك محصِّلاً للعلم ؛ ويكون - أيضًا - بإعانته على العمل بما علمه من أحكام الشريعة ، وذلك يفضي به إلى دخول الجنَّة ؛كما قد يُيَسِّرُ الله لطالبِ العلم علومًا أُخَرَ ينتفع بها ، وتكونُ موصلة إلى الجنَّة ،كما قيل : من عَمِلَ بما عَلِمَ ، أورثه الله علم ما لم يعلم ؛ وكما قيل : ثوابُ الحسنة الحسنةُ بعدَها ، وقد دلَّ على ذلك قولُه تعالى : ] وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً [ [ مريم : 76 ] ، وقوله : ] وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ [ [ محمد : 17 ] . وقوله e : " وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ " أي : المسجد ، فإن بيوت الله هي المساجد قال الله تعالى : ] فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [ [ النور : 36 ] ، وقال تعالى ] وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [ [ الجن : 18 ] ؛ فأضاف المساجد إليه ؛ لأنها موضع ذكره ؛ قوله : " يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ" أي : يشتركون في قراءة بعضهم على بعض ، ويدرس بعضهم على بعض ، وأصل الدراسة التعهد ، وتدارس : تفاعل للمشاركة ؛ وفيه الحثُّ على الاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن وتدارسه ، ويكون ذلك بقراءة أحد المجتمعين والباقون يسمعون ، وبقراءتهم بالتناوب ليقوِّم بعضُهم بعضًا في القراءة ، وإذا كان فيهم عالم بتفسيره علَّمهم ، وإن كانوا من أهل العلم أو طلبته تدارسوا معانيه ، ورجعوا في ذلك إلى كتب التفسير ؛ " إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ" هذا هو الجزاء على العمل ، ولا يخفى ما فيه من الفضل العظيم : نزول الطمأنينة عليهم ، وتشملهم الرحمةَ وتغطِّيهم ، وتحيط بهم الملائكة ، ويذكرهم الله تعالى فيمن عنده من الملائكة ؛ وهذه الخصال الأربعُ لكلِّ مجتمعين على ذكر الله تعالى ، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد عن النَّبيِّ e قال : " إنَّ لأهلِ ذكرِ الله تعالى أربعًا : تنزلُ عليهمُ السَّكينةُ ، وتغشاهمُ الرَّحمةُ ، وتحفُّ بهم الملائكةُ ، ويذكرُهُم الرَّبُّ فيمن عنده " ( [10] ) . وقَوْله e : " وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَله لَمْ يُسْرِع بِهِ نَسَبه " مَعْنَاهُ : مَنْ كَانَ عَمَله نَاقِصًا ، لَمْ يُلْحِقهُ بِمَرْتَبَةِ أَصْحَاب الْأَعْمَال ، فَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَّكِل عَلَى شَرَف النَّسَب ، وَفَضِيلَة الْآبَاء ، وَيُقَصِّر فِي الْعَمَل ؛ لأن مَن أخَّره عملُه عن دخول الجنَّة لم يسرع به نسبه إلى دخول الجنَّة ؛ لأنَّ المعتبَر في ذلك الإيمان والتقوى ، فالعملَ هو الذي يبلغ بالعبد درجات الآخرة ، كما قال تعالى : ] وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا [ [ الأنعام : 132 ] ، فمَن أبطأ به عمله أن يبلغ به المنازل العالية عند الله تعالى ، لم يسرع به نسبه فيبلغه تلك الدرجات ؛ فإنَّ الله رتَّب الجزاءَ على الأعمال لا على الأنساب ، كما قال تعالى : ] فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بينهم يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ [ [ المؤمنون : 101 ] ، وفي هذا المعنى يقول بعضهم :
لعمرك ما الإنسان إلاَّ بدينه ... فلا تترك التقوى اتِّكالاً على النسب
لقد رفع الإسلامُ سلمانَ فارس ... وقد وضع الشرك النسيبَ أبا لهب
[1] - انظر شرح مسلم : 16 / 135 .
[2] - جزء من حديث طويل رواه البخاري ( 3340 ، 3361 ، 4712 ) ، ومسلم ( 194 ) .
[3] - مسلم ( 1563 ) .
[4] - جزء من حديث طويل رواه مسلم ( 3006 ) .
[5]- أحمد : 4 / 153 واللفظ له ، ورواه - أيضًا : 4 / 147 ، 158 من طريق أخرى ، وأبو داود ( 4891 ) ، ورواه البخاري في الأدب ( 758 ) ، النسائي في الكبرى ( 7281 )،والحاكم: 4 / 426 وصححه ووافقه الذهبي ، والطبراني في الكبير : 17 / 319 ، ( 883 ) .
[6]- انظر فيض القدير للمناوي : 6 / 129 ، 130 .
[7] - انظر فتح الباري : 5 / 97 ؛ وانظر أيضًا شرح النووي على صحيح مسلم : 16 / 135 .
[8] - شرح النووي على صحيح مسلم : 16 / 135 .
[9] - الطبراني في الكبير : 5 / 118 ( 8401 ) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : 8 / 193 ، ورجاله ثقات .ا.ه .
[10] - مسلم ( 2700 )
شعار مجموعة نرقى ليرقى منتدانا
| |
|
| |
بغـــــداد شمس المنتدى
الأوسمة : عدد الرسائل : 12950 العمر : 29 الإقامة : بالعراق والعراق باعماقي وفلسطين وطني ويسكن قلبي ووجداني الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 06/02/2013 السٌّمعَة : 9
| |
| |
الليدي لين نائبة المدير العام
الأوسمة : عدد الرسائل : 56848 تاريخ التسجيل : 18/02/2008 السٌّمعَة : 141
| موضوع: رد: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " الجمعة أكتوبر 04, 2013 2:12 pm | |
|
موضوع جميل الله يعطيك حتى يرضيك شكري وامتناني لشخصك على حسن التميز
| |
|
| |
اطياف حائرة مشرفة مطبخ سبيس باور
الأوسمة : عدد الرسائل : 37794 العمر : 64 الإقامة : بين الاطياف الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 10/03/2013 السٌّمعَة : 42
| موضوع: رد: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " الجمعة أكتوبر 04, 2013 5:30 pm | |
|
شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيد ?
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ?
ننتظر إبداعاتك الجميلة بفارغ الصبر | |
|
| |
ابن البلد شمس المنتدى
الأوسمة : عدد الرسائل : 22103 العمر : 30 الإقامة : بالبلد الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 13/02/2013 السٌّمعَة : 39
| موضوع: رد: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " الجمعة أكتوبر 04, 2013 8:40 pm | |
|
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي انتظار جديدك الأروع والاجمل
لك مني أجمل التحيات
██████████ ★ الله ★ اكبر ★ ██████████ | |
|
| |
spacepower مشرف منتدى الأنمي الحديث
الأوسمة : عدد الرسائل : 50292 العمر : 35 الإقامة : spacepower الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 20/05/2009 السٌّمعَة : 94
| موضوع: رد: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " السبت أكتوبر 05, 2013 2:02 pm | |
| كالعادة ابداع رائع وطرح يستحق المتابعة شكراً لك بانتظار جديدك | |
|
| |
كاورو (¸.•'´* كبرياء العراق*`'• .¸)
الأوسمة : عدد الرسائل : 70859 العمر : 100 الإقامة : الرمادي الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 24/01/2009 السٌّمعَة : 187
| موضوع: رد: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " السبت أكتوبر 05, 2013 3:19 pm | |
| تـوآجدكم المميز وردكم اللطيف على موضوعي هو الأبداع والجمال بــنفسه
يــســعدني ويــشرفني مروورك الرائع وردك وكلمااتك الأرووع لاحرمت من طلتكم البهيه والعطره
شعار مجموعة نرقى ليرقى منتدانا
| |
|
| |
iraqi شمس المنتدى
الأوسمة : عدد الرسائل : 13714 العمر : 33 الإقامة : iraq الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 30/08/2012 السٌّمعَة : 46
| |
| |
كاورو (¸.•'´* كبرياء العراق*`'• .¸)
الأوسمة : عدد الرسائل : 70859 العمر : 100 الإقامة : الرمادي الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 24/01/2009 السٌّمعَة : 187
| موضوع: رد: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " الأحد أكتوبر 06, 2013 4:08 pm | |
| تـوآجدكم المميز وردكم اللطيف على موضوعي هو الأبداع والجمال بــنفسه
يــســعدني ويــشرفني مروورك الرائع وردك وكلمااتك الأرووع لاحرمت من طلتكم البهيه والعطره
شعار مجموعة نرقى ليرقى منتدانا
| |
|
| |
سانـــدي بل شمس المنتدى
الأوسمة : عدد الرسائل : 11768 العمر : 26 الإقامة : ببيتي الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 21/03/2013 السٌّمعَة : 12
| موضوع: رد: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " الإثنين أكتوبر 07, 2013 10:10 pm | |
|
موضوع جميل . . بوركت على الاختيار | |
|
| |
كاورو (¸.•'´* كبرياء العراق*`'• .¸)
الأوسمة : عدد الرسائل : 70859 العمر : 100 الإقامة : الرمادي الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 24/01/2009 السٌّمعَة : 187
| موضوع: رد: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " الثلاثاء أكتوبر 08, 2013 12:13 pm | |
| تـوآجدكم المميز وردكم اللطيف على موضوعي هو الأبداع والجمال بــنفسه
يــســعدني ويــشرفني مروورك الرائع وردك وكلمااتك الأرووع لاحرمت من طلتكم البهيه والعطره
شعار مجموعة نرقى ليرقى منتدانا
| |
|
| |
ينبوع الأماني شمس المنتدى
الأوسمة : عدد الرسائل : 68976 العمر : 27 الإقامة : غــــــــــــــــزة الدولة : الجنسية : تاريخ التسجيل : 30/04/2012 السٌّمعَة : 5
| موضوع: رد: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " الأحد يوليو 06, 2014 8:18 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته طرح رائــــــــــــع ومميـــــــــز بارك الله فيك وجزاك الله خيــــــــــــرا لا حرمنا جديدك
| |
|
| |
| " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَة " | |
|