منتديات سبيس باور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات سبيس باور

 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

 

 تفسير سورة الضحى

اذهب الى الأسفل 
+4
روح الصداقة
* بقايا روح *
كاورو
اطياف حائرة
8 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
اطياف حائرة
مشرفة مطبخ سبيس باور
مشرفة مطبخ سبيس باور
اطياف حائرة


الأوسمة :
تفسير سورة الضحى 1434607027571تفسير سورة الضحى I_c3c0f377bf1

عدد الرسائل : 37794
العمر : 64
الإقامة : بين الاطياف
الدولة : تفسير سورة الضحى Iraq
الجنسية : تفسير سورة الضحى Iraqy
تاريخ التسجيل : 10/03/2013
السٌّمعَة : 42

تفسير سورة الضحى Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الضحى   تفسير سورة الضحى Emptyالأربعاء أبريل 19, 2017 11:48 am

الضحى





قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِي " الضُّحَى " , وَالْمُرَاد بِهِ النَّهَار لِقَوْلِهِ : " وَاللَّيْل إِذَا سَجَى " فَقَابَلَهُ بِاللَّيْلِ . وَفِي سُورَة ( الْأَعْرَاف ) " أَفَأَمِنَ أَهْل الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ . أَوَأَمِنَ أَهْل الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ " [ الْأَعْرَاف : 97 - 98 ] أَيْ نَهَارًا . وَقَالَ قَتَادَة وَمُقَاتِل وَجَعْفَر الصَّادِق : أَقْسَمَ بِالضُّحَى الَّذِي كَلَّمَ اللَّه فِيهِ مُوسَى , وَبِلَيْلَةِ الْمِعْرَاج . وَقِيلَ : هِيَ السَّاعَة الَّتِي خَرَّ فِيهَا السَّحَرَة سُجَّدًا . بَيَانه قَوْله تَعَالَى : " وَأَنْ يُحْشَر النَّاس ضُحًى " [ طه : 59 ] . وَقَالَ أَهْل الْمَعَانِي فِيهِ وَفِي أَمْثَاله : فِيهِ إِضْمَار , مَجَازه وَرَبّ الضُّحَى .

{2} وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى



" سَجَا " مَعْنَاهُ : سَكَنَ قَالَهُ قَتَادَة وَمُجَاهِد وَابْن زَيْد وَعِكْرِمَة . يُقَال : لَيْلَة سَاجِيَة أَيْ سَاكِنَة . وَيُقَال لِلْعَيْنِ إِذَا سَكَنَ طَرَفهَا : سَاجِيَة . يُقَال : سَجَا اللَّيْل يَسْجُو سَجْوًا : إِذَا سَكَنَ . وَالْبَحْر إِذَا سَجَا : سَكَنَ . قَالَ الْأَعْشَى : فَمَا ذَنْبُنَا أَنْ جَاشَ بَحْرُ اِبْنِ عَمِّكُمْ وَبَحْرُك سَاجٍ مَا يُوَارِي الدَّعَامِصَا وَقَالَ الرَّاجِز : يَا حَبَّذَا الْقَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ سَاجْ وَطُرُقٌ مِثْلُ مِلَاءِ النِّسَاجْ وَقَالَ جَرِير : وَلَقَدْ رَمَيْنَك يَوْمَ رُحْنَ بِأَعْيُنٍ يَنْظُرْنَ مِنْ خِلَلِ السُّتُورِ سَوَاجِي وَقَالَ الضَّحَّاك : " سَجَا " غَطَّى كُلّ شَيْء . قَالَ الْأَصْمَعِيّ : سَجْو اللَّيْل : تَغْطِيَته النَّهَار مِثْلَمَا يُسَجَّى الرَّجُل بِالثَّوْبِ . وَقَالَ الْحَسَن : غَشِيَ بِظَلَامِهِ وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس . وَعَنْهُ : إِذَا ذَهَبَ . وَعَنْهُ أَيْضًا : إِذَا أَظْلَمَ . وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : أَقْبَلَ وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَة أَيْضًا . وَرَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد : " سَجَا " اِسْتَوَى . وَالْقَوْل الْأَوَّل أَشْهَر فِي اللُّغَة : " سَجَا " سَكَنَ أَيْ سَكَنَ النَّاس فِيهِ . كَمَا يُقَال : نَهَار صَائِم , وَلَيْل قَائِم . وَقِيلَ : سُكُونه اِسْتِقْرَار ظَلَامِهِ وَاسْتِوَاؤُهُ . وَيُقَال : " وَالضُّحَى . وَاللَّيْل إِذَا سَجَا " : يَعْنِي عِبَاده الَّذِينَ يَعْبُدُونَهُ فِي وَقْت الضُّحَى , وَعِبَاده الَّذِينَ يَعْبُدُونَهُ بِاللَّيْلِ إِذَا أَظْلَمَ . وَيُقَال : " الضُّحَى " : يَعْنِي نُور الْجَنَّة إِذَا تُنَوَّر . " وَاللَّيْل إِذَا سَجَا " : يَعْنِي ظُلْمَة اللَّيْل إِذَا أَظْلَمَ . وَيُقَال : " وَالضُّحَى " : يَعْنِي النُّور الَّذِي فِي قُلُوب الْعَارِفِينَ كَهَيْئَةِ النَّهَار . " وَاللَّيْل إِذَا سَجَا " : يَعْنِي السَّوَاد الَّذِي فِي قُلُوب الْكَافِرِينَ كَهَيْئَةِ اللَّيْل فَأَقْسَمَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَذِهِ الْأَشْيَاء .

{3} مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى



هَذَا جَوَاب الْقَسَم . وَكَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَبْطَأَ عَلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : قَلَاهُ اللَّه وَوَدَّعَهُ فَنَزَلَتْ الْآيَة . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : اِحْتَبَسَ عَنْهُ الْوَحْي اِثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : خَمْسَة عَشَرَ يَوْمًا . وَقِيلَ : خَمْسَة وَعِشْرِينَ يَوْمًا . وَقَالَ مُقَاتِل : أَرْبَعِينَ يَوْمًا . فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : إِنَّ مُحَمَّدًا وَدَّعَهُ رَبّه وَقَلَاهُ , وَلَوْ كَانَ أَمْره مِنْ اللَّه لَتَابَعَ عَلَيْهِ , كَمَا كَانَ يَفْعَل بِمَنْ كَانَ قَبْله مِنْ الْأَنْبِيَاء . وَفِي الْبُخَارِيّ عَنْ جُنْدُب بْن سُفْيَان قَالَ : اِشْتَكَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَجَاءَتْ اِمْرَأَة فَقَالَتْ : يَا مُحَمَّد , إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُون شَيْطَانُك قَدْ تَرَكَك , لَمْ أَرَهُ قَرُبَك مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاث فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَالضُّحَى . وَاللَّيْل إِذَا سَجَى . مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَى " .



وَفِي التِّرْمِذِيّ عَنْ جُنْدُب الْبَجَلِيّ قَالَ : كُنْت مَعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَار فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ , فَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : [ هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ , وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ ] قَالَ : وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّد فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَى " . هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . لَمْ يَذْكُر التِّرْمِذِيّ : " فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا " أَسْقَطَهُ التِّرْمِذِيّ . وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ , وَهُوَ أَصَحّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم .



وَقَدْ ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ أَيْضًا عَنْ جُنْدُب بْن سُفْيَان الْبَجَلِيّ , قَالَ : رُمِيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إِصْبَعِهِ بِحَجَرٍ , فَدَمِيَتْ , فَقَالَ : [ هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ , وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ ] فَمَكَثَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَا يَقُوم اللَّيْل . فَقَالَتْ لَهُ أُمّ جَمِيل اِمْرَأَة أَبِي لَهَب : مَا أَرَى شَيْطَانَك إِلَّا قَدْ تَرَكَك , لَمْ أَرَهُ قَرُبَك مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاث فَنَزَلَتْ " وَالضُّحَى " . وَرَوَى عَنْ أَبِي عِمْرَان الْجَوْنِيّ , قَالَ : أَبْطَأَ جِبْرِيل عَلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِ فَجَاءَ وَهُوَ وَاضِع جَبْهَته عَلَى الْكَعْبَة يَدْعُو فَنُكِتَ بَيْن كَتِفَيْهِ , وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ : " مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَى " . وَقَالَتْ خَوْلَة - وَكَانَتْ تَخْدُم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّ جِرْوًا دَخَلَ الْبَيْت , فَدَخَلَ تَحْت السَّرِير فَمَاتَ , فَمَكَثَ نَبِيّ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيَّامًا لَا يَنْزِل عَلَيْهِ الْوَحْي . فَقَالَ : [ يَا خَوْلَة , مَا حَدَثَ فِي بَيْتِي ؟ مَا لِجِبْرِيل لَا يَأْتِينِي ] قَالَتْ خَوْلَة فَقُلْت : لَوْ هَيَّأَتْ الْبَيْت وَكَنَسْته فَأَهْوَيْت بِالْمِكْنَسَةِ تَحْت السَّرِير , فَإِذَا جِرْوٌ مَيِّت , فَأَخَذْته فَأَلْقَيْته خَلْف الْجِدَار فَجَاءَ نَبِيّ اللَّه تَرْعَد لَحْيَاهُ - وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي اِسْتَقْبَلَتْهُ الرِّعْدَة - فَقَالَ : [ يَا خَوْلَة دَثِّرِينِي ] فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ السُّورَة . وَلَمَّا نَزَلَ جِبْرِيل سَأَلَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّأَخُّر فَقَالَ : [ أَمَا عَلِمْت أَنَّا لَا نَدْخُل بَيْتًا فِيهِ كَلْب وَلَا صُورَة ] . وَقِيلَ : لَمَّا سَأَلَتْهُ الْيَهُود عَنْ الرُّوح وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَأَصْحَاب الْكَهْف قَالَ : [ سَأُخْبِرُكُمْ غَدًا ] . وَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّه . فَاحْتَبَسَ عَنْهُ الْوَحْي , إِلَى أَنْ نَزَلَ جِبْرِيل عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : " وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِل ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه " [ الْكَهْف : 23 ] فَأَخْبَرَهُ بِمَا سُئِلَ عَنْهُ . وَفِي هَذِهِ الْقِصَّة نَزَلَتْ " مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَى " . وَقِيلَ : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , مَا لَك لَا يَنْزِل عَلَيْك الْوَحْي ؟ فَقَالَ : [ وَكَيْف يَنْزِل عَلَيَّ وَأَنْتُمْ لَا تُنْقُونَ رَوَاجِبَكُمْ - وَفِي رِوَايَة بَرَاجِمَكُمْ - وَلَا تَقُصُّونَ أَظْفَارَكُمْ وَلَا تَأْخُذُونَ مِنْ شَوَارِبكُمْ ] . فَنَزَلَ جِبْرِيل بِهَذِهِ السُّورَة فَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : [ مَا جِئْت حَتَّى اِشْتَقْت إِلَيْك ] فَقَالَ جِبْرِيل : [ وَأَنَا كُنْت أَشَدَّ إِلَيْك شَوْقًا , وَلَكِنِّي عَبْد مَأْمُور ] ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَيْهِ " وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك " [ مَرْيَم : 64 ] . " وَدَّعَك " بِالتَّشْدِيدِ : قِرَاءَة الْعَامَّة , مِنْ التَّوْدِيع , وَذَلِكَ كَتَوْدِيعِ الْمُفَارِق . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَابْن الزُّبَيْر أَنَّهُمَا قَرَآهُ " وَدَعَك " بِالتَّخْفِيفِ , وَمَعْنَاهُ : تَرَكَك . قَالَ : وَثَمَّ وَدَعْنَا آلَ عَمْرٍو وَعَامِرٍ فَرَائِسَ أَطْرَافَ الْمُثَقَّفَةِ السُّمْر وَاسْتِعْمَاله قَلِيل . يُقَال : هُوَ يَدَع كَذَا , أَيْ يَتْرُكهُ . قَالَ الْمُبَرِّد مُحَمَّد بْن يَزِيد : لَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ وَدَعَ وَلَا وَذَرَ , لِضَعْفِ الْوَاو إِذَا قُدِّمَتْ , وَاسْتَغْنَوْا عَنْهَا بِتَرْكِ .

{3} مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى



أَيْ مَا أَبْغَضك رَبّك مُنْذُ أَحَبَّك . وَتُرِكَ الْكَاف ; لِأَنَّهُ رَأْس آيَة . وَالْقِلَى : الْبُغْض فَإِنْ فَتَحْت الْقَاف مَدَدْت تَقُول : قَلَاهُ يَقْلِيهِ قِلًى وَقَلَاءً . كَمَا تَقُول : قَرَيْت الضَّيْف أَقْرِيهِ قِرًى وَقَرَاءً . وَيَقْلَاهُ : لُغَة طَيِّئ . وَأَنْشَدَ ثَعْلَب : أَيَّام أُمّ الْغَمْر لَا نَقْلَاهَا أَيْ لَا نُبْغِضهَا . وَنَقْلَى أَيْ نُبْغِض . وَقَالَ : أَسِيئِي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي لَا مَلُومَةً لَدَيْنَا وَلَا مَقْلِيَّةً إِنْ تَقَلَّتِ وَقَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس : وَلَسْت بِمَقْلِيِّ الْخِلَالِ وَلَا قَالِ وَتَأْوِيل الْآيَة : مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَاك . فَتُرِكَ الْكَاف ; لِأَنَّهُ رَأْس آيَة كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : " وَالذَّاكِرِينَ اللَّه كَثِيرًا وَالذَّاكِرَات " [ الْأَحْزَاب : 35 ] أَيْ وَالذَّاكِرَات اللَّه .

{4} وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى



رَوَى سَلَمَة عَنْ اِبْن إِسْحَاق قَالَ : " وَلَلْآخِرَة خَيْر لَك مِنْ الْأُولَى " أَيْ مَا عِنْدِي فِي مَرْجِعك إِلَيَّ يَا مُحَمَّد , خَيْر لَك مِمَّا عَجَّلْت لَك مِنْ الْكَرَامَة فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أُرِيَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَفْتَح اللَّه عَلَى أُمَّته بَعْده فَسُرَّ بِذَلِكَ فَنَزَلَ جِبْرِيل بِقَوْلِهِ : " وَلَلْآخِرَة خَيْر لَك مِنْ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيك رَبّك فَتَرْضَى "

{5} وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى



قَالَ اِبْن إِسْحَاق : الْفَلْج فِي الدُّنْيَا , وَالثَّوَاب فِي الْآخِرَة . وَقِيلَ : الْحَوْض وَالشَّفَاعَة . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس : أَلْف قَصْر مِنْ لُؤْلُؤ أَبْيَض تُرَابه الْمِسْك . رَفَعَهُ الْأَوْزَاعِيّ , قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أُرِيَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا هُوَ مَفْتُوح عَلَى أُمَّته , فَسُرَّ بِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَالضُّحَى - إِلَى قَوْله تَعَالَى - وَلَسَوْفَ يُعْطِيك رَبّك فَتَرْضَى " , فَأَعْطَاهُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَلْف قَصْر فِي الْجَنَّة , تُرَابهَا الْمِسْك فِي كُلّ قَصْر مَا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ الْأَزْوَاج وَالْخَدَم . وَعَنْهُ قَالَ : - رَضِيَ مُحَمَّد أَلَّا يَدْخُل أَحَد مِنْ أَهْل بَيْته النَّار . وَقَالَ السُّدِّيّ . وَقِيلَ : هِيَ الشَّفَاعَة فِي جَمِيع الْمُؤْمِنِينَ . وَعَنْ عَلِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( يُشَفِّعُنِي اللَّه فِي أُمَّتِي حَتَّى يَقُول اللَّه سُبْحَانه لِي : رَضِيت يَا مُحَمَّد ؟ فَأَقُول يَا رَبّ رَضِيت ) . وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ , عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص أَنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَلَا قَوْل اللَّه تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيم : " فَمَنْ تَبِعْنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّك غَفُور رَحِيم " [ إِبْرَاهِيم : 36 ] وَقَوْل عِيسَى : " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادك " [ الْمَائِدَة : 118 ] , فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ : ( اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي ) وَبَكَى . فَقَالَ اللَّه تَعَالَى لِجِبْرِيل : ( اِذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد , وَرَبّك أَعْلَم , فَسَلْهُ مَا يُبْكِيك ) فَأَتَى جِبْرِيل النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَ فَأَخْبَرَهُ . فَقَالَ اللَّه تَعَالَى لِجِبْرِيل : [ اِذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد , فَقُلْ لَهُ : إِنَّ اللَّه يَقُول لَك : إِنَّا سَنُرْضِيك فِي أُمَّتك وَلَا نَسُوءُك ] . وَقَالَ عَلِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَهْلِ الْعِرَاق : إِنَّكُمْ تَقُولُونَ إِنَّ أَرْجَى آيَة فِي كِتَاب اللَّه تَعَالَى : " قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرِفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة اللَّه " [ الزُّمَر : 53 ] قَالُوا : إِنَّا نَقُول ذَلِكَ . قَالَ : وَلَكِنَّا أَهْل الْبَيْت نَقُول : إِنَّ أَرْجَى آيَة فِي كِتَاب اللَّه قَوْله تَعَالَى : " وَلَسَوْفَ يُعْطِيك رَبّك فَتَرْضَى " . وَفِي الْحَدِيث : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة قَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : [ إِذًا وَاَللَّه لَا أَرْضَى وَوَاحِد مِنْ أُمَّتِي فِي النَّار ] .

{6} أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى



عَدَّدَ سُبْحَانه مِنَنَهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : " أَلَمْ يَجِدْك يَتِيمًا " لَا أَب لَك قَدْ مَاتَ أَبُوك . " فَآوَى " أَيْ جَعَلَ لَك مَأْوَى تَأْوِي إِلَيْهِ عِنْد عَمّك أَبِي طَالِب , فَكَفَّلَك . وَقِيلَ لِجَعْفَرِ بْن مُحَمَّد الصَّادِق : لِمَ أُوتِمَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَبَوَيْهِ ؟ فَقَالَ : لِئَلَّا يَكُون لِمَخْلُوقٍ عَلَيْهِ حَقّ . وَعَنْ مُجَاهِد : هُوَ مِنْ قَوْل الْعَرَب : دُرَّة يَتِيمَة إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مِثْل . فَمَجَاز الْآيَة : أَلَمْ يَجِدْك وَاحِدًا فِي شَرَفِك لَا نَظِير لَك , فَآوَاك اللَّه بِأَصْحَابٍ يَحْفَظُونَك وَيَحُوطُونَك .

{7} وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى



أَيْ غَافِلًا عَمَّا يُرَاد بِك مِنْ أَمْر النُّبُوَّة , فَهَدَاك : أَيْ أَرْشَدك . وَالضَّلَال هُنَا بِمَعْنَى الْغَفْلَة كَقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : " لَا يَضِلّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى " [ طَه : 52 ] أَيْ لَا يَغْفُل . وَقَالَ فِي حَقّ نَبِيّه : " وَإِنْ كُنْت مِنْ قَبْله لِمَنْ الْغَافِلِينَ " [ يُوسُف : 3 ] . وَقَالَ قَوْم : " ضَالًّا " لَمْ تَكُنْ تَدْرِي الْقُرْآن وَالشَّرَائِع , فَهَدَاك اللَّه إِلَى الْقُرْآن , وَشَرَائِع الْإِسْلَام عَنْ الضَّحَّاك وَشَهْر بْن حَوْشَب وَغَيْرهمَا . وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى : " مَا كُنْت تَدْرِي مَا الْكِتَاب وَلَا الْإِيمَان " , عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي سُورَة " الشُّورَى " . وَقَالَ قَوْم : " وَوَجَدَك ضَالًّا " أَيْ فِي قَوْم ضُلَّال , فَهَدَاهُمْ اللَّه بِك . هَذَا قَوْل الْكَلْبِيّ وَالْفَرَّاء . وَعَنْ السُّدِّيّ نَحْوه أَيْ وَوَجَدَ قَوْمك فِي ضَلَال , فَهَدَاك إِلَى إِرْشَادهمْ . وَقِيلَ : " وَوَجَدَك ضَالًّا " عَنْ الْهِجْرَة , فَهَدَاك إِلَيْهَا . وَقِيلَ : " ضَالًّا " أَيْ نَاسِيًا شَأْن الِاسْتِثْنَاء حِين سُئِلْت عَنْ أَصْحَاب الْكَهْف وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَالرُّوح - فَأَذْكَرَك كَمَا قَالَ تَعَالَى : " أَنْ تَضِلّ إِحْدَاهُمَا " [ الْبَقَرَة : 282 ] . وَقِيلَ : وَوَجَدَك طَالِبًا لِلْقِبْلَةِ فَهَدَاك إِلَيْهَا بَيَانه : " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهك فِي السَّمَاء . .. " [ الْبَقَرَة : 144 ] الْآيَة . وَيَكُون الضَّلَال بِمَعْنَى الطَّلَب ; لِأَنَّ الضَّالَّ طَالِب . وَقِيلَ : وَوَجَدَك مُتَحَيِّرًا عَنْ بَيَان مَا نَزَلَ عَلَيْك , فَهَدَاك إِلَيْهِ فَيَكُون الضَّلَال بِمَعْنَى التَّحَيُّر ; لِأَنَّ الضَّالّ مُتَحَيِّر . وَقِيلَ : وَوَجَدَك ضَائِعًا فِي قَوْمك فَهَدَاك إِلَيْهِ وَيَكُون الضَّلَال بِمَعْنَى الضَّيَاع . وَقِيلَ : وَوَجَدَك مُحِبًّا لِلْهِدَايَةِ , فَهَدَاك إِلَيْهَا وَيَكُون الضَّلَال بِمَعْنَى الْمَحَبَّة . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّك لَفِي ضَلَالِك الْقَدِيمِ " [ يُوسُف : 95 ] أَيْ فِي مَحَبَّتك . قَالَ الشَّاعِر : هَذَا الضَّلَالُ أَشَابَ مِنِّي الْمَفْرِقَا وَالْعَارِضَيْنِ وَلَمْ أَكُنْ مُتَحَقِّقَا عَجَبًا لِعَزَّةَ فِي اِخْتِيَارِ قَطِيعَتِي بَعْدَ الضَّلَالِ فَحَبْلُهَا قَدْ أَخْلَقَا وَقِيلَ : " ضَالًّا " فِي شِعَاب مَكَّة , فَهَدَاك وَرَدَّك إِلَى جَدِّك عَبْد الْمُطَّلِب . قَالَ اِبْن عَبَّاس : ضَلَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ صَغِير فِي شِعَاب مَكَّة , فَرَآهُ أَبُو جَهْل مُنْصَرِفًا عَنْ أَغْنَامه , فَرَدَّهُ إِلَى جَدّه عَبْد الْمُطَّلِب فَمَنَّ اللَّه عَلَيْهِ بِذَلِكَ , حِين رَدَّهُ إِلَى جَدّه عَلَى يَدَيْ عَدُوِّهِ . وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : خَرَجَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ عَمّه أَبِي طَالِب فِي سَفَر , فَأَخَذَ إِبْلِيس بِزِمَامِ النَّاقَة فِي لَيْلَة ظَلْمَاء , فَعَدَلَ بِهَا عَنْ الطَّرِيق , فَجَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام , فَنَفَخَ إِبْلِيسَ نَفْخَةً وَقَعَ مِنْهَا إِلَى أَرْض الْهِنْد , وَرَدَّهُ إِلَى الْقَافِلَة فَمَنَّ اللَّه عَلَيْهِ بِذَلِكَ . وَقَالَ كَعْب : إِنَّ حَلِيمَة لَمَّا قَضَتْ حَقّ الرَّضَاع , جَاءَتْ بِرَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَرُدَّهُ عَلَى عَبْد الْمُطَّلِب , فَسَمِعَتْ عِنْد بَاب مَكَّة : هَنِيئًا لَك يَا بَطْحَاء مَكَّة , الْيَوْم يُرَدُّ إِلَيْك النُّور وَالدِّين وَالْبَهَاء وَالْجَمَال . قَالَتْ : فَوَضَعْته لِأُصْلِح ثِيَابِي , فَسَمِعْت هَدَّةً شَدِيدَة , فَالْتَفَتّ فَلَمْ أَرَهُ , فَقُلْت : مَعْشَر النَّاس , أَيْنَ الصَّبِيّ ؟ فَقَالَ : لَمْ نَرَ شَيْئًا فَصِحْت : وَامُحَمَّدَاه فَإِذَا شَيْخ فَانٍ يَتَوَكَّأ عَلَى عَصَاهُ , فَقَالَ : اِذْهَبِي إِلَى الصَّنَم الْأَعْظَم , فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْك فَعَلَ . ثُمَّ طَافَ الشَّيْخ بِالصَّنَمِ , وَقَبَّلَ رَأْسه وَقَالَ : يَا رَبّ , لَمْ تَزَلْ مِنَّتُك عَلَى قُرَيْش , وَهَذِهِ السَّعْدِيَّة تَزْعُم أَنَّ اِبْنهَا قَدْ ضَلَّ , فَرُدَّهُ إِنْ شِئْت . فَانْكَبَّ هُبَل عَلَى وَجْهه , وَتَسَاقَطَتْ الْأَصْنَام , وَقَالَتْ : إِلَيْك عَنَّا أَيّهَا الشَّيْخ , فَهَلَاكُنَا عَلَى يَدَيْ مُحَمَّد . فَأَلْقَى الشَّيْخ عَصَاهُ , وَارْتَعَدَ وَقَالَ : إِنَّ لِابْنِك رَبًّا لَا يُضَيِّعُهُ , فَاطْلُبِيهِ عَلَى مَهَل . فَانْحَشَرَتْ قُرَيْش إِلَى عَبْد الْمُطَّلِب , وَطَلَبُوهُ فِي جَمِيع مَكَّة , فَلَمْ يَجِدُوهُ . فَطَافَ عَبْد الْمُطَّلِب بِالْكَعْبَةِ سَبْعًا , وَتَضَرَّعَ إِلَى اللَّه أَنْ يَرُدَّهُ , وَقَالَ : يَا رَبِّ رُدَّ وَلَدِي مُحَمَّدًا اُرْدُدْهُ رَبِّي وَاِتَّخِذْ عِنْدِي يَدَا يَا رَبِّ إِنْ مُحَمَّدٌ لَمْ يُوجَدَا فَشَمْلُ قَوْمِي كُلِّهِمْ تَبَدَّدَا فَسَمِعُوا مُنَادِيًا يُنَادِي مِنْ السَّمَاء : مُعَاشِر النَّاس لَا تَضِجُّوا , فَإِنَّ لِمُحَمَّدٍ رَبًّا لَا يَخْذُلُهُ وَلَا يُضَيِّعُهُ , وَإِنَّ مُحَمَّدًا بِوَادِي تِهَامَةَ , عِنْد شَجَرَة السَّمَر . فَسَارَ عَبْد الْمُطَّلِب هُوَ وَوَرَقَة بْن نَوْفَل , فَإِذَا النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِم تَحْت شَجَرَة , يَلْعَب بِالْأَغْصَانِ وَبِالْوَرِقِ . وَقِيلَ : " وَوَجَدَك ضَالًّا " لَيْلَة الْمِعْرَاج , حِين اِنْصَرَفَ عَنْك جِبْرِيل وَأَنْتَ لَا تَعْرِف الطَّرِيق , فَهَدَاك إِلَى سَاق الْعَرْش . وَقَالَ أَبُو بَكْر الْوَرَّاق وَغَيْره : " وَوَجَدَك ضَالًّا " : تُحِبُّ أَبَا طَالِب , فَهَدَاك إِلَى مَحَبَّة رَبّك . وَقَالَ بَسَّام بْن عَبْد اللَّه : " وَوَجَدَك ضَالًّا " بِنَفْسِك لَا تَدْرِي مَنْ أَنْتَ , فَعَرَّفَك بِنَفْسِك وَحَالِك . وَقَالَ الْجُنَيْدِيّ : وَوَجَدَك مُتَحَيِّرًا فِي بَيَان الْكِتَاب , فَعَلَّمَك الْبَيَان بَيَانه : " لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ " [ النَّحْل : 44 ] الْآيَة . " لِتُبَيِّن لَهُمْ الَّذِي اِخْتَلَفُوا فِيهِ " [ النَّحْل : 64 ] . وَقَالَ بَعْض الْمُتَكَلِّمِينَ : إِذَا وَجَدَتْ الْعَرَب شَجَرَة مُنْفَرِدَة فِي فَلَاة مِنْ الْأَرْض , لَا شَجَرَ مَعَهَا , سَمَّوْهَا ضَالَّة , فَيُهْتَدَى بِهَا إِلَى الطَّرِيق فَقَالَ اللَّه تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " وَوَجَدَك ضَالًّا " أَيْ لَا أَحَد عَلَى دِينك , وَأَنْتَ وَحِيد لَيْسَ مَعَك أَحَد فَهَدَيْت بِك الْخَلْق إِلَيَّ .



قُلْت : هَذِهِ الْأَقْوَال كُلّهَا حِسَان , ثُمَّ مِنْهَا مَا هُوَ مَعْنَوِيّ , وَمِنْهَا مَا هُوَ حِسِّيّ . وَالْقَوْل الْأَخِير أَعْجَب إِلَيَّ ; لِأَنَّهُ يَجْمَع الْأَقْوَال الْمَعْنَوِيَّة . وَقَالَ قَوْم : إِنَّهُ كَانَ عَلَى جُمْلَة مَا كَانَ الْقَوْم عَلَيْهِ , لَا يُظْهِر لَهُمْ خِلَافًا عَلَى ظَاهِر الْحَال فَأَمَّا الشِّرْك فَلَا يَظُنّ بِهِ بَلْ كَانَ عَلَى مَرَاسِم الْقَوْم فِي الظَّاهِر أَرْبَعِينَ سَنَة . وَقَالَ الْكَلْبِيّ وَالسُّدِّيّ : هَذَا عَلَى ظَاهِره أَيْ وَجَدَك كَافِرًا وَالْقَوْم كُفَّار فَهَدَاك . وَقَدْ مَضَى هَذَا الْقَوْل وَالرَّدّ عَلَيْهِ فِي سُورَة " الشُّورَى " . وَقِيلَ : وَجَدَك مَغْمُورًا بِأَهْلِ الشِّرْك , فَمَيَّزَك عَنْهُمْ . يُقَال : ضَلَّ الْمَاء فِي اللَّبَن وَمِنْهُ " أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض " [ السَّجْدَة : 10 ] أَيْ لَحِقْنَا بِالتُّرَابِ عِنْد الدَّفْن , حَتَّى كَأَنَّا لَا نَتَمَيَّز مِنْ جُمْلَته . وَفِي قِرَاءَة الْحَسَن " وَوَجَدَك ضَالٌّ فَهَدَى " أَيْ وَجَدَك الضَّالُّ فَاهْتَدَى بِك وَهَذِهِ قِرَاءَة عَلَى التَّفْسِير . وَقِيلَ : " وَوَجَدَك ضَالًّا " لَا يَهْتَدِي إِلَيْك قَوْمُك , وَلَا يَعْرِفُونَ قَدْرك فَهَدَى الْمُسْلِمِينَ إِلَيْك , حَتَّى آمَنُوا بِك .

{8} وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى



أَيْ فَقِيرًا لَا مَال لَك . " فَأَغْنَى " أَيْ فَأَغْنَاك بِخَدِيجَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهَا يُقَال : عَالَ الرَّجُل يَعِيل عَيْلَة : إِذَا اِفْتَقَرَ . وَقَالَ أُحَيْحَة بْن الْجُلَاح : فَمَا يَدْرِي الْفَقِيرُ مَتَى غِنَاهُ وَمَا يَدْرِي الْغَنِيُّ مَتَى يعيل أَيْ يَفْتَقِر . وَقَالَ مُقَاتِل : فَرَضَّاك بِمَا أَعْطَاك مِنْ الرِّزْق . وَقَالَ الْكَلْبِيّ : قَنَّعَك بِالرِّزْقِ . وَقَالَ اِبْن عَطَاء : وَوَجَدَك فَقِيرَ النَّفْس , فَأَغْنَى قَلْبك . وَقَالَ الْأَخْفَش : وَجَدَك ذَا عِيَال دَلِيله " فَأَغْنَى " . وَمِنْهُ قَوْل جَرِير : اللَّهُ أَنْزَلَ فِي الْكِتَابِ فَرِيضَةً لِابْنِ السَّبِيلِ وَلِلْفَقِيرِ الْعَائِلِ وَقِيلَ : وَجَدَك فَقِيرًا مِنْ الْحُجَج وَالْبَرَاهِين , فَأَغْنَاك بِهَا . وَقِيلَ : أَغْنَاك بِمَا فَتَحَ لَك مِنْ الْفُتُوح , وَأَفَاءَهُ عَلَيْك مِنْ أَمْوَال الْكُفَّار . الْقُشَيْرِيّ وَفِي هَذَا نَظَر ; لِأَنَّ السُّورَة مَكِّيَّة , وَإِنَّمَا فُرِضَ الْجِهَاد بِالْمَدِينَةِ . وَقِرَاءَة الْعَامَّة " عَائِلًا " . وَقَرَأَ اِبْن السَّمَيْقَع " عَيِّلًا " بِالتَّشْدِيدِ مِثْل طَيِّب وَهَيِّن .

{9} فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ



أَيْ لَا تُسَلَّطْ عَلَيْهِ بِالظُّلْمِ , اِدْفَعْ إِلَيْهِ حَقّه , وَاذْكُرْ يُتْمَك قَالَ الْأَخْفَش . وَقِيلَ : هُمَا لُغَتَانِ : بِمَعْنًى . وَعَنْ مُجَاهِد " فَلَا تَقْهَرْ " فَلَا تَحْتَقِر . وَقَرَأَ النَّخَعِيّ وَالْأَشْهَب الْعُقَيْلِيّ " تَكْهَر " بِالْكَافِ , وَكَذَا هُوَ فِي مُصْحَف اِبْن مَسْعُود . فَعَلَى هَذَا يَحْتَمِل أَنْ يَكُون نَهْيًا عَنْ قَهْره , بِظُلْمِهِ وَأَخْذ مَاله . وَخَصَّ الْيَتِيم ; لِأَنَّهُ لَا نَاصِر لَهُ غَيْر اللَّه تَعَالَى فَغَلَّظَ فِي أَمْره , بِتَغْلِيظِ الْعُقُوبَة عَلَى ظَالِمه . وَالْعَرَب تُعَاقِب بَيْن الْكَاف وَالْقَاف . النَّحَّاس : وَهَذَا غَلَط , إِنَّمَا يُقَال كَهَرَهُ : إِذَا اِشْتَدَّ عَلَيْهِ وَغَلَّظَ . وَفِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث مُعَاوِيَة بْن الْحَكَم السُّلَمِيّ , حِين تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاة بِرَدِّ السَّلَام , قَالَ : فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّيّ مَا رَأَيْت مُعَلِّمًا قَبْله وَلَا بَعْده أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ - يَعْنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَاَللَّهِ مَا كَهَرَنِي , وَلَا ضَرَبَنِي , وَلَا شَتَمَنِي . .. الْحَدِيث . وَقِيلَ : الْقَهْر الْغَلَبَة . وَالْكَهْر : الزَّجْر .



وَدَلَّتْ الْآيَة عَلَى اللُّطْف بِالْيَتِيمِ , وَبِرِّهِ وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ حَتَّى قَالَ قَتَادَة : كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيم . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسْوَة قَلْبه فَقَالَ : ( إِنْ أَرَدْت أَنْ يَلِينَ , فَامْسَحْ رَأْس الْيَتِيم , وَأَطْعِمْ الْمِسْكِين ) . وَفِي الصَّحِيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : ( أَنَا وَكَافِل الْيَتِيم لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَهَاتَيْنِ ) . وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى . وَمِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : ( إِنَّ الْيَتِيم إِذَا بَكَى اِهْتَزَّ لِبُكَائِهِ عَرْش الرَّحْمَن , فَيَقُول اللَّه تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ : يَا مَلَائِكَتِي , مَنْ ذَا الَّذِي أَبْكَى هَذَا الْيَتِيم الَّذِي غَيَّبْت أَبَاهُ فِي التُّرَاب , فَتَقُول الْمَلَائِكَة رَبّنَا أَنْتَ أَعْلَم , فَيَقُول اللَّه تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ : يَا مَلَائِكَتِي , اِشْهَدُوا أَنَّ مَنْ أَسْكَتَهُ وَأَرْضَاهُ ؟ أَنْ أَرْضِيهِ يَوْم الْقِيَامَة ) . فَكَانَ اِبْن عُمَر إِذَا رَأَى يَتِيمًا مَسَحَ بِرَأْسِهِ , وَأَعْطَاهُ شَيْئًا . وَعَنْ أَنَس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : [ مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا فَكَانَ فِي نَفَقَته , وَكَفَاهُ مَؤُونَتَهُ , كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّار يَوْم الْقِيَامَة , وَمَنْ مَسَحَ بِرَأْسِ يَتِيم كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَة حَسَنَة ] . وَقَالَ أَكْثَم بْن صَيْفِيّ : الْأَذِلَّاءُ أَرْبَعَة : النَّمَّام , وَالْكَذَّاب , وَالْمَدْيُون , وَالْيَتِيم .

{10} وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ



أَيْ لَا تَزْجُرْهُ فَهُوَ نَهْي عَنْ إِغْلَاظ الْقَوْل . وَلَكِنَّ رَدَّهُ بِبَذْلٍ يَسِيرٍ , أَوْ رَدٍّ جَمِيل , وَاذْكُرْ فَقْرك قَالَهُ قَتَادَة وَغَيْره . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : [ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ السَّائِلَ , وَأَنْ يُعْطِيَهُ إِذَا سَأَلَ , وَلَوْ رَأَى فِي يَده قَلْبَيْنِ مِنْ ذَهَب ] . وَقَالَ إِبْرَاهِيم بْن أَدْهَمَ : نِعْمَ الْقَوْم السُّؤَّال : يَحْمِلُونَ زَادَنَا إِلَى الْآخِرَة . وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ : السَّائِل بَرِيد الْآخِرَة , يَجِيء إِلَى بَاب أَحَدكُمْ فَيَقُول : هَلْ تَبْعَثُونَ إِلَى أَهْلِيكُمْ بِشَيْءٍ . وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : [ رُدُّوا السَّائِل بِبَذْلٍ يَسِيرٍ , أَوْ رَدٍّ جَمِيل , فَإِنَّهُ يَأْتِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِنْ الْإِنْس وَلَا مِنْ الْجِنّ , يَنْظُر كَيْف صَنِيعكُمْ فِيمَا خَوَّلَكُمْ اللَّه ] . وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالسَّائِلِ هُنَا , الَّذِي يَسْأَل عَنْ الدِّين أَيْ فَلَا تَنْهَرْهُ بِالْغِلْظَةِ وَالْجَفْوَة , وَأَجِبْهُ بِرِفْقٍ وَلِينٍ قَالَهُ سُفْيَان . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَأَمَّا السَّائِل عَنْ الدِّين فَجَوَابُهُ فَرْض عَلَى الْعَالَم , عَلَى الْكِفَايَة كَإِعْطَاءِ سَائِل الْبِرّ سَوَاء . وَقَدْ كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يَنْظُر إِلَى أَصْحَاب الْحَدِيث , وَيَبْسُط رِدَاءَهُ لَهُمْ , وَيَقُول : مَرْحَبًا بِأَحِبَّةِ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي حَدِيث أَبِي هَارُون الْعَبْدِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا أَبَا سَعِيد يَقُول : مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : [ إِنَّ النَّاس لَكُمْ تَبَعٌ وَإِنَّ رِجَالًا يَأْتُونَكُمْ مِنْ أَقْطَار الْأَرْض يَتَفَقَّهُونَ , فَإِذَا أَتَوْكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا ] . وَفِي رِوَايَة [ يَأْتِيكُمْ رِجَال مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِق ] . .. فَذَكَرَهُ . و " الْيَتِيم " و " السَّائِل " مَنْصُوبَانِ بِالْفِعْلِ الَّذِي بَعْده وَحَقّ الْمَنْصُوب أَنْ يَكُون بَعْد الْفَاء , وَالتَّقْدِير : مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْء فَلَا تَقْهَرْ الْيَتِيم , وَلَا تَنْهَرْ السَّائِل . وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : ( سَأَلْت رَبِّي مَسْأَلَة وَدِدْت أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهَا : قُلْت يَا رَبّ اِتَّخَذْت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا , وَكَلَّمْت مُوسَى تَكْلِيمًا , وَسَخَّرْتَ مَعَ دَاوُدَ الْجِبَال يُسَبِّحْنَ , وَأَعْطَيْت فُلَانًا كَذَا فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : أَلَمْ أَجِدْك يَتِيمًا فَآوَيْتُك ؟ أَلَمْ أَجِدْك ضَالًّا فَهَدَيْتُك ؟ أَلَمْ أَجِدك عَائِلًا فَأَغْنَيْتُك ؟ أَلَمْ أَشْرَح لَك صَدْرك ؟ أَلَمْ أُوتِكَ مَا لَمْ أُوتِ أَحَدًا قَبْلَك : خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة , أَلَمْ أَتَّخِذْك خَلِيلًا , كَمَا اِتَّخَذْت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ؟ قُلْت بَلَى يَا رَبّ )

{11} وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ



أَيْ اُنْشُرْ مَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْك بِالشُّكْرِ وَالثَّنَاء . وَالتَّحَدُّث بِنِعَمِ اللَّه , وَالِاعْتِرَاف بِهَا شُكْر . وَرَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّك " قَالَ بِالْقُرْآنِ . وَعَنْهُ قَالَ : بِالنُّبُوَّةِ أَيْ بَلِّغْ مَا أُرْسِلْت بِهِ . وَالْخِطَاب لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحُكْم عَامّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ . وَعَنْ الْحَسَن بْن عَلِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : إِذَا أَصَبْت خَيْرًا , أَوْ عَمِلْت خَيْرًا , فَحَدِّثْ بِهِ الثِّقَة مِنْ إِخْوَانِك . وَعَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون قَالَ : إِذَا لَقِيَ الرَّجُل مِنْ إِخْوَانه مَنْ يَثِق بِهِ , يَقُول لَهُ : رَزَقَ اللَّه مِنْ الصَّلَاة الْبَارِحَة وَكَذَا وَكَذَا . وَكَانَ أَبُو فِرَاس عَبْد اللَّه بْن غَالِب إِذَا أَصْبَحَ يَقُول : لَقَدْ رَزَقَنِي اللَّه الْبَارِحَة كَذَا , قَرَأْت كَذَا , وَصَلَّيْت كَذَا , وَذَكَرْت اللَّه كَذَا , وَفَعَلْت كَذَا . فَقُلْنَا لَهُ : يَا أَبَا فِرَاس , إِنَّ مِثْلَك لَا يَقُول هَذَا قَالَ يَقُول اللَّه تَعَالَى : " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّك فَحَدِّثْ " وَتَقُولُونَ أَنْتُمْ : لَا تُحَدِّثْ بِنِعْمَةِ اللَّه وَنَحْوه عَنْ أَيُّوب السَّخْتِيَانِيّ وَأَبِي رَجَاء الْعُطَارِدِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ . وَقَالَ بَكْر بْن عَبْد اللَّه الْمُزَنِيّ قَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مَنْ أُعْطِيَ خَيْرًا فَلَمْ يُرَ عَلَيْهِ , سُمِّيَ بَغِيض اللَّه , مُعَادِيًا لِنِعَمِ اللَّه ) . وَرَوَى الشَّعْبِيّ عَنْ النُّعْمَان بْن بَشِير قَالَ : قَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : [ مَنْ لَمْ يَشْكُو الْقَلِيل , لَمْ يَشْكُرْ الْكَثِير , وَمِنْ لَمْ يَشْكُر النَّاس , لَمْ يَشْكُر اللَّه , وَالتَّحَدُّث بِالنِّعَمِ شُكْر , وَتَرْكه كُفْر , وَالْجَمَاعَة رَحْمَة , وَالْفُرْقَة عَذَاب ] . وَرَوَى النَّسَائِيّ عَنْ مَالِك بْن نَضْلَةَ الْجُشَمِيّ قَالَ : كُنْت عِنْد رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا , فَرَآنِي رَثّ الثِّيَاب فَقَالَ : [ أَلِك مَال ؟ ] قُلْت : نَعَمْ , يَا رَسُول اللَّه , مِنْ كُلّ الْمَال . قَالَ : [ إِذَا آتَاك اللَّه مَالًا فَلْيُرَ أَثَره عَلَيْك ] . وَرَوَى أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ عَنْ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : [ إِنَّ اللَّه جَمِيل يُحِبّ الْجَمَال , وَيُحِبّ أَنْ يَرَى أَثَر نِعْمَته عَلَى عَبْده ] .



فَصْلٌ : يُكَبِّر الْقَارِئ فِي رِوَايَة الْبَزِّيّ عَنْ اِبْن كَثِير - وَقَدْ رَوَاهُ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِذَا بَلَغَ آخِر " وَالضُّحَى " كَبَّرَ بَيْن كُلّ سُورَة تَكْبِيرَة , إِلَى أَنْ يَخْتِم الْقُرْآن , وَلَا يَصِل آخِر السُّورَة بِتَكْبِيرِهِ بَلْ يَفْصِل بَيْنهمَا بِسَكْتَةٍ . وَكَأَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوَحْي تَأَخَّرَ عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيَّامًا , فَقَالَ نَاس مِنْ الْمُشْرِكِينَ : قَدْ وَدَّعَهُ صَاحِبه وَقَلَاهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة فَقَالَ : [ اللَّه أَكْبَر ] . قَالَ مُجَاهِد : قَرَأْت عَلَى اِبْن عَبَّاس , فَأَمَرَنِي بِهِ , وَأَخْبَرَنِي بِهِ عَنْ أُبَيّ عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُكَبِّر فِي قِرَاءَة الْبَاقِينَ ; لِأَنَّهَا ذَرِيعَة إِلَى الزِّيَادَة فِي الْقُرْآن .



قُلْت : الْقُرْآن ثَبَتَ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا سُوَرُهُ وَآيَاتُهُ وَحُرُوفُهُ لَا زِيَادَة فِيهِ وَلَا نُقْصَانَ فَالتَّكْبِير عَلَى هَذَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ . فَإِذَا كَانَ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم الْمَكْتُوب فِي الْمُصْحَف بِخَطِّ الْمُصْحَف لَيْسَ بِقُرْآنٍ , فَكَيْف بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي هُوَ لَيْسَ بِمَكْتُوبٍ . أَمَّا أَنَّهُ ثَبَتَ سُنَّةً بِنَقْلِ الْآحَاد , فَاسْتَحَبَّهُ اِبْن كَثِير , لَا أَنَّهُ أَوْجَبَهُ فَخَطَّأَ مَنْ تَرَكَهُ . ذَكَرَ الْحَاكِم أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْحَافِظ فِي كِتَاب الْمُسْتَدْرَك لَهُ عَلَى الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم : حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يَزِيد , الْمُقْرِئ الْإِمَام بِمَكَّة , فِي الْمَسْجِد الْحَرَام , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن زَيْد الصَّائِغ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة : سَمِعْت عِكْرِمَة بْن سُلَيْمَان يَقُول : قَرَأْت عَلَى إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه بْن قُسْطَنْطِين , فَلَمَّا بَلَغْت " وَالضُّحَى " قَالَ لِي كَبِّرْ عِنْد خَاتِمَة كُلّ سُورَة حَتَّى تَخْتِم , فَإِنِّي قَرَأْت عَلَى عَبْد اللَّه بْن كَثِير فَلَمَّا بَلَغْت " وَالضُّحَى " قَالَ : كَبِّرْ حَتَّى تَخْتِمَ . وَأَخْبَرَهُ عَبْد اللَّه بْن كَثِير أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِد , وَأَخْبَرَهُ مُجَاهِد أَنَّ اِبْن عَبَّاس أَمَرَهُ بِذَلِكَ , وَأَخْبَرَهُ اِبْن عَبَّاس أَنَّ أُبَيّ بْن كَعْب أَمَرَهُ بِذَلِكَ , وَأَخْبَرَهُ أُبَيّ بْن كَعْب أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِذَلِكَ . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَمْ يُخْرِجَاه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاورو
(¸.•'´* كبرياء العراق*`'• .¸)
(¸.•'´* كبرياء العراق*`'• .¸)
كاورو


الأوسمة :
تفسير سورة الضحى I_5b2274d1fd1تفسير سورة الضحى 1434606728541تفسير سورة الضحى I_e8385f594d1

انثى عدد الرسائل : 70859
العمر : 100
الإقامة : الرمادي
الدولة : تفسير سورة الضحى Iraq
الجنسية : تفسير سورة الضحى Iraqy
تاريخ التسجيل : 24/01/2009
السٌّمعَة : 187

تفسير سورة الضحى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الضحى   تفسير سورة الضحى Emptyالأربعاء أبريل 19, 2017 12:05 pm

عاشت ايديك الحلوة
على مواضيعك الرائعة
فعلا استمتعنا واستفدنا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
* بقايا روح *
مراقبة قسم المنتديات الاسلامية
مراقبة قسم المنتديات الاسلامية
* بقايا روح *


الأوسمة :
تفسير سورة الضحى 1434607027571تفسير سورة الضحى I_c3c0f377bf1

عدد الرسائل : 17288
العمر : 31
الإقامة : دنيا الاحزان
الدولة : تفسير سورة الضحى Iraq
الجنسية : تفسير سورة الضحى Iraqy
تاريخ التسجيل : 04/03/2013
السٌّمعَة : 40

تفسير سورة الضحى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الضحى   تفسير سورة الضحى Emptyالأربعاء أبريل 19, 2017 12:09 pm

بارك الله فيك وبجهودك
المباركة القيمة أسال لك التوفيق والسداد
وأن يجمعنا الله ويبقينا على الود والمحبة والإخاء
وان يجزيك خير الجزاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
روح الصداقة
مراقبة قسم الانمي
مراقبة قسم الانمي
روح الصداقة


الأوسمة :
تفسير سورة الضحى P_59jyzp1تفسير سورة الضحى P_239rakx1تفسير سورة الضحى I_eb4744df221تفسير سورة الضحى 2ivbojrتفسير سورة الضحى 1434607027571تفسير سورة الضحى I_c3c0f377bf1

انثى عدد الرسائل : 59752
العمر : 28
الإقامة : ·♥ في وطني المجروح ♥·
الدولة : تفسير سورة الضحى Iraq
الجنسية : تفسير سورة الضحى Iraqy
تاريخ التسجيل : 19/07/2013
السٌّمعَة : 224

تفسير سورة الضحى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الضحى   تفسير سورة الضحى Emptyالأربعاء أبريل 19, 2017 12:36 pm

مشكورة حبيبتي طيوفة على جهدك
ربي يعطيك العافية وما يحرمنا طلتك يا قمر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.spacepoweriq.net
انجليتـا
نجم نجوم المنتدى
نجم نجوم المنتدى
انجليتـا


الأوسمة :
انثى عدد الرسائل : 5844
العمر : 23
الإقامة : بَينَ الكُتبِ الشُريَرَة . . !
الدولة : تفسير سورة الضحى Iraq
الجنسية : تفسير سورة الضحى Unknow
تاريخ التسجيل : 21/09/2015
السٌّمعَة : 2

تفسير سورة الضحى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الضحى   تفسير سورة الضحى Emptyالخميس أبريل 20, 2017 6:11 pm

شكرا لاناملك التي خطت
هذا الابداع وهذا الجمال
بإنتظار ابداعاتك القادمة..
لك مني كل الود والاحترام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دموع الحروف
مشرفة منتدى القرآن الكريم
مشرفة منتدى القرآن الكريم
دموع الحروف


الأوسمة :
تفسير سورة الضحى 10pdid0تفسير سورة الضحى 1434607027571تفسير سورة الضحى I_c3c0f377bf1

عدد الرسائل : 11816
العمر : 31
الإقامة : جزيرة وسط بحرالدموع
الدولة : تفسير سورة الضحى Iraq
الجنسية : تفسير سورة الضحى Iraqy
تاريخ التسجيل : 08/03/2013
السٌّمعَة : 32

تفسير سورة الضحى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الضحى   تفسير سورة الضحى Emptyالسبت أبريل 22, 2017 5:16 pm


أإسـ عٍ ـد الله أإأوٍقـآتَكُـم بكُـل خَ ـيرٍ
دآإئمـاَ تَـبهَـرٍوٍنآآ بَمَ ـوٍآضيعكـ
أإلتي تَفُـوٍح مِنهآ عَ ـطرٍ أإلآبدآع وٍأإلـتَمـيُزٍ
لك الشكر من كل قلبى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نطق الصمت
قمر المنتدى
قمر المنتدى
نطق الصمت


الأوسمة :
تفسير سورة الضحى 1434607027571تفسير سورة الضحى I_c3c0f377bf1

عدد الرسائل : 8390
العمر : 32
الإقامة : بالعالم
الدولة : تفسير سورة الضحى Sirya
الجنسية : تفسير سورة الضحى Syrian
تاريخ التسجيل : 31/08/2013
السٌّمعَة : 22

تفسير سورة الضحى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الضحى   تفسير سورة الضحى Emptyالسبت أبريل 22, 2017 5:28 pm

آللهْ يعطيكِ آلفْ ع ـآفيهْ
جع ـلهُ آللهْ فيّ ميزآنْ حسنآتِك
أنآرَ آللهْ بصيرتِك وَ بصرِك بـ نور آلإيمآنْ شآهِد لِكِ يومـ آلع ـرض وَ آلميزآنْ
وَ ثبتِك علىـآ آلسُنهْ وَ آلقُرآنْ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شموخ العراق
نجم المنتدى
نجم المنتدى
شموخ العراق


الأوسمة :
عدد الرسائل : 4572
العمر : 30
الإقامة : العراق
الدولة : تفسير سورة الضحى Iraq
الجنسية : تفسير سورة الضحى Iraqy
تاريخ التسجيل : 27/01/2014
السٌّمعَة : 10

تفسير سورة الضحى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الضحى   تفسير سورة الضحى Emptyالسبت أبريل 22, 2017 5:39 pm

بارك فيـك رب الارض والسماء
وجزاكـ عــنـــا خــيـر الجــــــزاء
ورفـــع عنــك كـل هـــم وبــــــــلاء
وحشـــرك مــع الانبيـــــاء والشهـــــداء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة الضحى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الضحى
»  تفسير سورة الضحى
» تفسير سورة الضحى
»  تفسير سورة ق
» تفسير سورة البقرة : الآية 169 - تفسير السعدي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سبيس باور :: المنتديات الاسلامية :: منتدى القرآن الكريم-
انتقل الى: