تُجرِّعُني الكُلَى مُرَّ السَّقامِ وتطحنُ صحتي طحنَ العِظامِ
وتعصرني فأشربُ من يديها كؤوسَ الصَّابِ والكُرَبِ العظامِ
وتشري غفلتي عن ناجذيها فتسلمُني لآلامٍ جِسامِ
وتُذكي في الحشا ناراً تلظَّى فتحرقُ راحتي وهَنَا طعامي
تطوِّقني بأغلالٍ ثقالٍ من الأوجاع من قَدمي لهامي
تجيءُ إلِيَّ في نومي خفاءً فتوقظني بشَفْرات الحُسامِ
أَفِقْ فالحربُ ثائرةٌ لظاها وأنتَ اليومَ مرمًى من مرامِ
قليلاً ليس عندي درعُ حربٍ يقيني منكِ تسديدَ السهامِ
فتسبقُ ردَّها آلامُ جنبي ويفتِكُ صحتي جمعُ اقتحامِ
وتبعث من سراياها جنوداً تطارد كلَّ عضو غيرَ دامِ
رصاصتُها تَشلُّ الجسمَ حتى أشاهدَ حينها وجهَ الحِمامِ
كأن الموت أوشك أن يوافي فراشي والبقا صعبُ المَرامِ
وتحمل كُليتي حِملاً تولَّى عذابي حين صار إلى تمامِ
ففي أحشائها جُنَّتْ حصاةٌ فضاق بصدرها طولُ المقامِ
وتعشق بعدما حُبِست فضاءً طليقًا ليس في جوف الأنامِ
وفيما تشتهي وجعٌ شديد عليَّ فطلْقُها يُوهي اعتزامي
تجيش لساعةِ الميلاد عيني ويلفحني لها وهجُ اضطرامِ
وحين ترى حصاتي النورَ يخبو لهيبٌ سامني سوءَ السقامِ
فللهِ الرحيمِ جميعُ حمدي على رِيِّ الشِّفا بعد الأُوامِ
شفاني والبَلا يَبري سروري فأشرقَ خاطري بعد الظلامِ
لتعلمَ أيها الإنسانُ دومًا بضعفِك يومَ ترسُف في الكِلامِ
فلا تِيهٌ بعافيةٍ ونُعمى ففي الأبوابِ مُرضعةُ الفطامِ