النظر إلى الوالدين عبادة
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما صحة هذا الحديث وجزاكم الله خيرا
فوائد النظر إلى الوالدين
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من رجل ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بها حجة مقبولة مبرورة).
(ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة " قالوا : وإن نظر كل يوم مائة مرة ؟ قال "نعم ، الله أكبر وأطيب).
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. لا شك أن بر الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات وآكد الواجبات ولذلك قرن الله عز وجل بين حقه وحقهما في أكثر من آية قال تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ). وكل تصرف أو وسيلة يحقق برهما ومودتهما واحترامهما والإحسان إليهما داخلة في معنى البر بهما ويترتب عليها ثواب البر وفي المقابل كل تصرف أو وسيلة تسيء لهما بأمر من الأمور داخلة في معنى العقوق بهما ويترتب عليها إثم العقوق.
أما النظر إليهما فليس عبادة ولم ير دليل في الشرع يدل على قصد التعبد بالنظر إليهما بل هو عادة في الأصل ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتبر النظر إليهما عبادة أو رتب على ذلك ثوابا خاصا وجميع ما يروى في هذا الباب فمنكر ليس له أصل في السنة ولا يشرع العمل بها. وأما حديث: (ما من رجل ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بها حجة مقبولة مبرورة). فقد أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث ابن عباس وهو حديث منكر لأنه من رواية نهشل بن سعيد وصفه بالكذب أبو داود الطيالسي وإسحاق بن راهويه ومتنه ظاهر النكارة. ولفظه الآخر: (ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة قالوا : وإن نظر كل يوم مائة مرة قال نعم ، الله أكبر وأطيب). حديث موضوع لأنه من رواية محمد بن حميد متهم بالكذب قال عنه إسحق بن منصور: (أشهد بين يدي الله أنه كذاب). وقال عنه أبو زرعة الرازي: (كان يتعمد الكذب).
وقد ورد هذا المعنى عن بعض السلف ولكنه صدر عن اجتهاد منهم ولا دليل عليه. وكذلك ما يروي في هذا الباب أن النظر إلى المصحف أو الكعبة أو العالم عبادة ليس عليه دليل صحيح في السنة ولا يعول عليه والأصل في باب النظر المجرد أنه من العادات ولا أعلم في الشرع ورود عبادة مبنية على النظر المجرد لأي شيء وإنما ورد مشروعية النظر المقترن بالتفكر والتأمل في الآيات الكونية لأن ذلك يقوي الإيمان بالخالق ويزيد في اليقين ويحقق كمال التوحيد.
والحاصل أن النظر إلى الوالدين ليس بعبادة لكن إذا قصد به إكرامهما وإدخال السرور عليهما فيؤجر لا بأصل العمل ولكن ما اقترن به من النية الحسنة فلا ينبغي للمسلم أن يعتقد في عمل أو قول أنه عبادة ويقصد التقرب بهذا العمل بناء على حديث متكلم فيه أو اجتهاد عالم أو استحسان رأي لأن باب العبادة موقوف على أدلة الشرع فقط ولا مدخل فيه للقياس والنظر. ولا يحل للوعاظ والدعاة التسهيل للناس في هذا الباب وذكر ما يروى فيه من الغرائب والمناكير ويجب عليهم التحقق منها قبل نشرها.
منقول عن:
خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة