إنه سفينة النجاة في بحر الدنيا المتلاطم الأمواج المختلط بالفتن والأهواء ، العمل الصالح أنيس الوحشة في
القبر والقرين بعد أن ذهب الأهل والأصحاب ، والمال والبنون ، بالعمل الصالح فاز الصالحون وإليه مطمع
الفائزون ، بالعمل الصالح تتنزل الرحمات ، وبه تنال البركات ، وبه يحصل الحفظ والرعاية ، والأمن والوقاية ،
بالعمل الصالح يثقل الميزان يوم القيامة يوم لا دينار فيه ولا درهم ، العمل الصالح يشفع لصاحبه في الدنيا
والآخرة ، فثمرة العمل الصالح عاجلة وآجلة "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ" (فاطر: من الآية10) عَنْ اِبْنِ عَبَّاس فِي تَفْسِيرهَا " الْكَلِم الطَّيِّب " ذِكْر اللَّه " وَ الْعَمَل
الصَّالِح " أَدَاء فَرَائِض اللَّه , فَمَنْ ذَكَرَ اللَّه وَلَمْ يُؤَدِّ فَرَائِضه رَدَّ كَلَامه , وَقَالَ الْفَرَّاء مَعْنَاهُ: أَنَّ الْعَمَل الصَّالِح يَرْفَع
الْكَلَام الطَّيِّب أَيْ يُتَقَبَّل الْكَلَام الطَّيِّب إِذَا كَانَ مَعَهُ عَمَل صَالِح , العمل الصالح يرفع صاحبه إذا ما عثر، وإذا ما
صرع وجد متكأ
وأصحاب الأعمال صالحة يجاهدون أنفسهم عليها جهادا مستمرا أمام شهوات النفس وزينة الحياة الدنيا ،
ويدفعون عن أنفسهم الرياء والسمعة وداء العجب بما هم عليه من طاعة حتى يجدوا حلاوة ولذة أعمالهم
الصالحة قال أحد السلف وقد بلغ الستين من عمره : جاهدت نفسي على قيام الليل أربعين سنة وتلذذت
بها عشرون.
ومن السلف من لم تفته تكبيرة الإحرام أربعين سنة ، وقال الشيرازي : إذا سمعتم حيّ على الصلاة ولم
تروني في الصف الأول ، فاطلبوني في المقبرة .
فكيف هو حالي وحالك ايها القارئ الكريم... التسويف سوف أفعل وسأفعل ... إلقاء التبعات ... زماننا غير
زمانهم ...وكان لهم أعوان ونحن لا أعوان لنا... حياتهم كانت أسهل ....وهكذا مما زينت لنا شهواتنا وسول
لنا الشيطان وإسلامنا حجة لنا أو علينا!
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.