برز من بين الأنقاض مزدانا بدماء زاهية. في كفه رشاشه وخصلة شعر ابنته الصغيرة.في ساقيه ندوب رمادية. في صدره ثقوب رمادية. في وجنتيه خدوش رمادية. في ذراعيه، في حوضه، في فخديه.. وفي جبهته رصاصة لا زالت تحتفظ بحرارتها الأولى. اندهش الشبان وبهتوا فتساءلوا: - الشهيد عاد؟ قتلوه مرات ومرات ثم عاد؟ مشى لا يكلم أحدا ، ومن جديد اخترقت كل بدنه رصاصات وقذائف ولم يسقط. توقف وسط الساحة وطفق يخرج الشظايا من أنحاء جسمه ويرميها ثم يهشمها بما تبقى من حذائه الثقيل. برز من بين الأنقاض آخرون تماما كما هو. أسقطوا- هم الآخرون- ما في أبدانهم من شظايا ثم سقطوا تباعا، فرفعهم الشبان عاليا ومما تبقى من لباسهم صنعوا علما آخر.