باب العمود - عمدة الأبواب في سور القدس
يقع باب العمود في السور الشمالي لمدينة القدس بين بابي الساهرة والباب الجديد، ويعد أكبر أبواب القدس وأجملها، وتتأثر واجهته الشمالية الخارجية بفن العمارة العثمانية المبكرة، فقد أدخل العثمانيون عليه بصماتهم الزخرفية والمعمارية لا سيما في مدخله المنكسر، وواجهته العلوية، ويتوسط هذا الباب واجهة حجرية محاطة ببرجين كبيرين لهما كوابل حجرية ضخمة، ويتألف من باب مستطيل له مصراعين نحاسيين يعلوه قوسً مدبّبة لها وساد حجرية في مركزها نقش تأسيسي، يليها فتحتة مستطيلة يعلوها شرفات حجرية في أعلى سور المدينة، له دركاة تؤدي إلى مدخل منكسر في اتجاه الشرق ثم الجنوب .>>
أقيم الباب على أساسٍ أثريٍ لبابٍ قديم يرقى إلى العصور الإسلامية المبكرة وفيه لمساتٍ واضحة من فن العمارة الصليبية ، وتظهر هذه الآثار جليةً أسفل الباب في اتجاه الشرق، وتبدو كذلك آثار حجارة هيرودية ورومانية وصليبية ضخمة ترتفع فوقها حجارة عثمانية صغيرة مبنية على أساساتٍ قديمة مما يؤكد أنّ بصمات العثمانيين أتت فقط على الواجهات العلوية من الباب لا سيما فوق البرجين الكائنين على جانبيه . >>
لقد استمر موضع باب العمود في مكانه منذ العصور الإسلامية المبكرة، وحظي باهتمام المؤرخين وعلماء الآثار والرحالة الذي نزلوا القدس منذ قديم الزمان، وأطلق عليه أسماء عدّة من أهمها باب العمود نسبةً إلى عمودٍ رومانيٍ كان يقع تجاه باب العمود الروماني القديم، وقد استمر هذا الاسم شائعاً إلى يومنا هذا بالرغم من بناء هذا الباب فوق باب العمود القديم .>>
وقد عُرف بين الأوروبيين بباب دمشق Damascus Gate حيث يرى عدد من الباحثين أنهّ عرف بباب دمشق كونه كان يؤدي إليها، في حين نرجح أنّ سبب تسميته بباب دمشق جاء نتيجة لشيوع اسم الباب الشامي عليه في العهد العثماني كونه كان يقع في سور القدس الشمالي، ولماّ كان أهل القدس يطلقون على جهة الشمال اسم الشام؛ ظنّ المؤرخون الأوروبيون أنّ المقصود هو دمشق الشام، فحرّفوا اسمه إلى باب دمشق بدلاً من الباب الشامي أي الشمالي، وقد أطلق على باب العمود أيضاً اسم باب النصر، وباب طريق نابلس كونه يقع تجاه هذه الطريق المبتدئة في حي سعد وسعيد (حي المسعودية) شمالي القدس .>>
يرقى هذا الباب إلى العصر الأيوبي، فهو من بصمات الناصر صلاح الدين الأيوبي؛ وقد ذكره مجير الدين من جملة أبواب القدس التي كانت قائمةً في سورها في سنة 900هـ/1494م، وعُرفت الحارة أو المحلة التي تحيطه باسم حارة باب العمود، وكانت تشمل عدداً من المحلات الأصغر الممتدة من الشرق إلى الغرب، وكان من بين المشاهير الذين دخلوا القدس من باب العمود ولي العهد الفارسي في سنة 1896م، والبابا بولس السادس الذي زار القدس بتاريخ 4/1/1964م.>>
يؤدي باب العمود إلى عددٍ من الطرق والعقبات الموصلة إلى جملةٍ من حارات القدس كحارة النصارى وحارة السعدية وسوق خان الزيت وطريق الواد، وقد كان حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي كل من عقبة الشيخ لولو (عقبة الفاخورة) والطريق الفرعية الواصلة بين باب الخوخة المفتوح في جهة الغرب مغلقتين بجدرانٍ حجرية، أما اليوم فقد أصبح هذا الباب يصل إلى كل من عقبة الشيخ لولو وعقبة الرصاص وعقبتي الشيخ ريحان والمولوية في اتجاه الشرق، وعقبة الجبشة في اتجاه الغرب، وكل من سوق خان الزيت وطريق الواد في اتجاه الجنوب .>>
لقد حافظ باب العمود منذ أوائل العهد العثماني على أهمتيه بين سائر أبواب القدس، وأصبح بمرور الزمن أهم أبواب القدس، فقد فصل حدّه الغربي المنطقة الحرام والقدس الشرقية حين أنشأ المؤتمر الإسلامي العام السور الفاصل بين العرب واليهود قبل نكبة القدس الثانية في العام 1967م .
__________________
شعار مجموعة نرقى ليرقى منتدانا