بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم
سلسلة تأملات في آيات من القرآن الكريم
الأستاذ الدكتور أحمد محمد عبد الدايم عبدالله
1 ـ قال تعالى : { وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ...(8)}(المائدة).
سبحانك ربي، أحمدك وأشكرك.
خلقْتَنا ولَم نكُ شيئًا مذكورًا.
خلقْتَنا من ترابٍ،
وكرَّمتنا وجعَلتنا خُلفاءَ لك في الأرض ،
وعلَّمتنا ما لَم نكن نعلم ،
وأدَّبتنا أدبًا رفيعًا يَليق بمَن جعَلته خليفة لك.
وتعلم أننا خَلْق ضعيفٌ، نُخطئ ونُصيب،
وجعَلت خيرنا مَن يُخطئ ويتوب ويُنيب،
وتعلم أن الشيطان عدوٌّ لنا، يُلقي بيننا بالبغضاء والعداوة؛ حتى تنقطع بيننا حبائلُ الودِّ والرحمة؛
لذلك وصَّيْتنا في كتابك العزيز بوصايا هي حبال النجاة لنا يوم الوعيد.
فقلت لنا وقولك الحق { وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا }
أي: لا يَدفعنَّكم عداوة قومٍ لكم، واختلافهم معكم، إلى ارتكاب جُرم عدم العدل، اجْعَلوا العداوة جانبًا، فإذا حكَمتم بين الناس عليكم أن تَحكموا بالعدل، غير متأثِّرين في أحكامكم بما بينكم، ولنا في سلفنا الصالح قدوة وأُسوة حسنة، فهذا عدوٌّ لله وعدوٌّ لنبيِّه وللمؤمنين، شكا عليًّا بن أبي طالب رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه فجاء إلى مجلس القضاء، فسوَّى بينهما عمر وحكَم لليهودي، ولَم تَنفعه العداوة إلى تجاوز العدل بينهما، أو لتحيُّزٍ إلى علي رضي الله عنه وهو مَن هو إيمانًا وفضلاً، وقُربى ومصاحبة.
فهل لنا أن نتعلَّم؟ وهل لنا في الأسوة الحسنة من سبيل؟
إنَّ العدل أقربُ لتقوى الله ومُراعاته،
والحذر من عذابه يوم لا ينفع مال ولا بنون.
ودي وعبير وردي