أَمِنْ حَيْرَةٍ أَمْ مِنْ ضُرُوبِ تَوَهُّمِ
أَمِ اليَأْسُ أَزْرَى بِالفُؤَادِ المُثَلَّمِ
فَرَاحَ يُذِيغُ الشِّعْرَ فِي غَيْرِ صَبْوَةٍ
يُنَاغِمُ فِيهَا ذَاتَ جِيدٍ وَمِعْصَمِ
وَمِنْ عَادَةِ العُشَّاقِ لِلحَرْفِ مَطْلَعٌ
تَلِينُ القَوَافِي فِيهِ لِلمُتَكَلِّمِ
أَقُولُ وَقَدْ شَطَّ المَزَارُ إِلَى الَّتِي
يُدَاعِبُهَا شِعْرِي بِتَشْوَاقِ مُغْرَمِ
دَعِينِي فَمَا قَاسَيْتُ مِنْكِ صَبَابَةً
وَمِنْ خَطَلٍ أُصْفِيكِ شِعْرَ المُتَيَّمِ
أَرَانِي بِحُبِّ اللهِ مُضْطَرِمَ الحَشَا
وَمَا هَزَّنِي لِلشِّعْرِ غَيْرُ التَّأَلُّمِ
وَنَظْرَةُ مُلْتَاعٍ عَلَى مَجْدِ أُمَّةٍ
تَقَاذَفَهُ فِي اليَمِّ طُوفَانُ مُجْرِمِ
أَفِي كُلِّ أَرْضٍ لِلطَّوَاغِيتِ مَرْتَعٌ
تَطَاوَلَ فِيهِ سَافِحُ العِرْضِ وَالدَّمِ
يُطَاعُ فَيَعْلُو أَوْ يَصُدُّ فَيَعْتَدِي
عَلَى فِئَةٍ للهِ بِالشَّرْعِ تَنْتَمِي
سَلِ الجُنْدَ فِي الأَفْغَانِ عَنْ فِعْلِ غَادِرٍ
يَشُقُّ لَهُ ثَوْبَ العَزَا وَالتَّرَحُّمِ
وَكَمْ مِنْ بَرِيءٍ وُسِّدَ التُّرْبَ جَاثِمًا
وَفِي كُلِّ قَلْبٍ طَعْنَةُ الكُفْرِ تَرْتَمِي
فَلا الطِّفْلُ مَرْحُومٌ إِذَا جَادَ دَمْعُهُ
وَلا العِرْضُ لِلأُمِّ الحَنُونِ بِمُكْرَمِ
وَلا الشَّيْخُ فِي ثَوْبِ الوَقَارِ بِنَجْوَةٍ
يَذِلُّ بِرَفْعِ السَّوْطِ مِنْ كَفِّ مُرْغَمِ
يُهَانُ مُصَلاَّهُ وَيُعْلِي طَرِيقَهُ
بِوَقْعٍ رَصَاصٍ مِنْ يَدِ الغَادِرِ العَمِي
دِيَارُ بَنِي الإِسْلامِ شَرْقًا وَمَغْرِبًا
بِهَا الكُفْرُ مَضْرُوبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمِ
جُمُوعٌ تَرَامَى فِي المَفَازَاتِ شُرَّدٌ
وَوَسْطَ كُهُوفٍ أُودِعَتْ جَمْعَ يُتَّمِ
مَنَازِلُهُمْ قَدْ قُوِّضَتْ مِنْ عُلُوِّهَا
عَفَتْ فَاسْتَحَالَتْ فِي عِرَاكِ التَّهَدُّمِ
مَنَازِلُ أَدْرَاسٍ تَبَدَّتْ لِنَاظِرٍ
بِهَا مِنْ حَدِيثِ الذِّكْرِ أَشْبَاحُ نُوَّمِ
وَمَاذَا يُرِيدُ الزَّاحِفُونَ بِجَيْشِهِمْ
عَلَى أُمَّةِ الإِسْلامِ غَيْرَ التَّصَرُّمِ
يُثَبِّتُ حِزْبُ الكُفْرِ قَانُونَ فُجْرِهِ
لِيُطْفِئَ نُورَ اللهِ فِي كُلِّ مَعْلَمِ
مُحَالٌ فَرَبُّ الكَوْنِ يَأْبَى انْطِفَاءَهُ
سَيَبْقَى وَإِنْ دَارَتْ رَحَى كُلِّ مُضْرِمِ
أَيَشْقَى بِزَرْعِ الخَيْرِ أَهْلُوهُ مُثْمِرًا
وَيَسْعَدُ أَقْوَامٌ بِهِ فِي التَّنَعُّمِ
عَلَى غَيْرِ إِيمَانٍ بِهِ أَوْ تَمَسُّكٍ
بِفَحْوَاهُ لَكِنْ ضَرْبُ حِقْدٍ مُنَمْنَمِ
وَلَيْسَ غَرِيبًا أَنْ نُسَاقَ إِلَى العَرَا
حُفَاةً وَفِي الأَنْفَاقِ وَالبِيدِ نَرْتَمِي
نَسِينَا وَيَنْسَى اللهُ كُلَّ مُجَانِبٍ
شَرِيعَتَهُ وَالأَمْرُ للهِ فَاعْلَمِ
رُوَيْدَكَ سَلْنِي عَنْ قَدِيمٍ وَحَاضِرٍ
أُجِبْكَ بِشِعْرِ النَّدْبِ مِنْ مُتَظَلِّمِ
أَلَمْ نَمْلِكِ الدُّنْيَا بِتَحْكِيمِ مُصْحَفٍ
وَسُنَّةِ هَادٍ مُسْتَجِيبٍ مُقَوِّمِ
سَمَوْنَا بِشَرْعِ اللهِ لَمْ نَبْغِ غَيْرَهُ
وَلَمْ نَتَزَوَّدْ مِنْ حَدِيثٍ مُرَجَّمِ
وَلَمْ نُصْلِتِ السَّيْفَ الجُرَازَ تَعَسُّفًا
وَلَكِنْ لِقَمْعِ الكُفْرِ لا حُبَّ مَغْنَمِ
قِتَالٌ لإِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ وَدَعْوَةٌ
لِنَشْرِ الهُدَى فِي العَالَمِ المُتَرَدَّمِ
وَصَوْتُ أَذَانٍ قَدْ عَلا كُلَّ شَامِخٍ
مِنَ الأَرْضِ وَالآيَاتِ نُورٌ لِمُعْتِمِ
وَصَحْبٍ سَرَى الإِيمَانُ فِي خَلَجَاتِهِمْ
فَمَا رَغِبُوا الدُّنْيَا لِعَيْشٍ مُنَعَّمِ
تَرَاهُمْ إِذَا مَا ذَرَّتِ الشَّمْسُ أَرْقَلُوا
عَلَى الجَرْدِ ضِدَّ المَارِقِ المُتَلَثِّمِ
وَللهِ فِي جُنْحِ الظَّلامِ تَوَجَّهُوا
قُلُوبُهُمُ مِنْ خَشْيَةٍ فِي تَضَرُّمِ
أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ فَاسْلُكْ طَرِيقَهُمْ
هُوَ الحَقُّ مِعْرَاجُ العُلا وَالتَّقَدُّمِ
فَحَاضِرُنَا قَدْ ظَلَّلَتْهُ سَحَابَةٌ
مِنَ الزَّيْغِ فِي وَقْرِ السَّرَابِ المُخَيِّمِ
فَلا نَحْنُ بِالإِسْلامِ فُزْنَا فَأَنْبَتَتْ
مَرَابِعُنَا مِنْ هَدْيِهِ طِيبَ مَنْشِمِ
وَلا نَحْنُ مِنْ دَاءِ الأَعَادِي بِمَعْزِلٍ
فَيَسْلَمُ فِينَا العِرْقُ مِنْ لَدْغِ أَرْقَمِ
وَكَمْ بَيْنَ ظَهْرَانِيِّنَا مِنْ مُنَافِقٍ
يَهُونُ عَلَيْهِ العِرْضُ فِي جَمْعِ دِرْهَمِ
لَقَدْ صَدَقَتْ فِينَا فَرِيدَةُ شَاعِرٍ
يَقُولُ بِمِلْءِ السَّمْعِ وَالعَيْنِ وَالفَمِ
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ العِلْمِ صَانُوهَ صَانَهُمْ)
وَأَعْظِمْ بِهِ فِي النَّفْسِ مَا جَلَّ أَعْظَمُ
رُجُوعًا إِلَى الشَّرْعِ الحَكِيمِ فَإِنَّهُ
طَرِيقٌ لِتَحْقِيقِ المُنَى وَالتَّسَنُّمِ
وَيَا شِعْرُ هَوِّنْ مِنْ قَوافِيكَ مَطْلَعًا
كَفَاكَ التَّشَكِّي مِنْ ضُرُوبِ التَّجَهُّمِ
\