لا يزال مستوى التوعية حول مرض الإكزيما المزمنة عند الحد الأدنى، على الرغم من تأثيره الكبير على حياة المرضى وعائلاتهم، لذا من المهم اكتساب المعرفة حوله، وتحقيق نظام دعم مناسب يركز على السلامة الجسدية والعقلية للمرضى؛ لمساعدتهم خلال مسيرتهم مع المرض. وفي الإطار نظمت شركة "سانوفي" حلقة حوارية للإعلاميين عبر الإنترنت تحت عنوان "الإكزيما المزمنة: أكثر من مجرد حكة!"؛ بهدف رفع الوعي حول هذا المرض.
مرض الإكزيما المزمنة: ما هو؟
مرض الإكزيما المزمنة (AD) هو من الأمراض الالتهابية الناتجة عن اضطراب المناعة، وهو من الأمراض المزمنة التي تؤثر بشكل كبير على حياة المرضى وعلى عائلاتهم. تشكّل نسبة الإصابة بالمرض من 2 - 10% من البالغين حول العالم، وترتفع هذه النسبة عند المراهقين والأطفال، حيث تبدو آثار هذا المرض على الجلد لديهم على شكل احمرار وتورم وجروح وتشققات، ويشعر المرضى بالتأثير الكبير والمنهك على حياتهم اليومية؛ بسبب هذه العوارض.
وتعدّ الإكزيما المزمنة، بالنسبة للكثير من المصابين، أكثر من مجرد "مرض جلدي"، حيث إنّ التعايش معه من شأنه أن يولّد لديهم مجموعة واسعة من المشاعر السلبية، مثل اضطراب النوم (5 إلى7 ليالٍ في الأسبوع) وأعراض القلق والاكتئاب والعزلة.
أعراض الإكزيما
سلّط الخبراء المشاركون في هذه الجلسة الحوارية على العلامات والأعراض السريرية التي يتسبب بها مرض الإكزيما المزمنة، لاسيّما الآفات الجلدية والحكة التي قد تكون حادّة ومتكررة أو انتكاسية، تترافق مع احمرارٍ يصيب الجلد (الحمامية) وتورم في الجلد (بثور) ولويحات متقشرة تسبب حكة شديدة متواصلة، وغالباً ما تكون مُرهقة.
تظهر هذه الآفات الجلدية بشكلٍ أساسي على ثنيات الجلد (الطيات المرنة) وعلى الوجه والرقبة والذراعين والظهر واليدين والقدمين وأصابع اليدين والقدمين. من ناحية أخرى، تعتبر الحكة واحدة من أكثر الأعراض المتعبة بالنسبة لمرضى الإكزيما المزمنة، ويمكن أن تكون منهكة للغاية.
دراسة تسلّط الضوء على آلام المرضى
أظهرت دراسة، شملت 380 مريضاً بالغاً يعانون من الإكزيما المزمنة بدرجة متوسطة إلى شديدة، أنَّ 61% منهم يعانون من حكة شديدة أو لا تطاق، كما أفاد 86% منهم عن وجود حكة يومية، فيما أشار 63% إلى إصابتهم بالحكة لمدة لا تقل عن 12 ساعة في اليوم. ووصف 77% من المرضى بأن ما يشعرون به من ألم أو انزعاج يتراوح بين متوسط إلى شديد.
وناقشت البروفسورة كارلا عيراني، رئيسة الجمعية اللبنانية لأمراض الحساسية والمناعة خلال مداخلتها، جوانب متعددة تترافق مع مرض الإكزيما المزمنة، والتي يمكن تعريفها بأنها نوبات من تفاقم الأعراض أو زيادة شدة المرض، وهي شائعة لدى البالغين المصابين بالمرض، وتتطلب عادة علاجاً أو زيادة وتيرة العلاج، موضحة: "إنَّ تفاقم العلامات والأعراض (على سبيل المثال التوهجات) قد تصبح متكررة وغير متوقعة ومزعجة، وقد يعاني هؤلاء المرضى من هذه العوارض على امتداد نصف أشهر السنة. ويشعر 31% من مرضى الإكزيما المزمنة البالغين بالعجز، و40% منهم بالقلق، و31% بالانزعاج الشديد؛ عندما يفكرون بإمكانية تفاقم مرضٍ جديد.
علاج وإدارة مرض الإكزيما
أكدَّ الخبراء أن علاج مرض الإكزيما لدى البالغين، يمكن أن يشكل تحدياً كبيراً؛ بسبب فوائد/ مخاطر العلاجات الموضعية والجهازية، ما يجعل هذا المرض بمثابة عبءٍ متواصل على المرضى.
وبحسب البروفسور فؤاد السيّد، رئيس الجمعية اللبنانية لأطباء الجلد في لبنان، والذي ترأس الجلسة، فإنَّ: "أكثر من نصف المرضى الذين يعانون من الإكزيما المزمنة متوسطة إلى شديدة الحدّة، يعيشون تحت وطأة مرض غير قابل للسيطرة، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على إنتاجيتهم في العمل ويزيد من ضعف قدرتهم للقيام بمهامهم، لا سيّما خلال تفاقم المرض، وأنَّ تأثير تفاقم المرض على الوقت الذي يخصصونه لعملهم يتراوح بنسبة 10%، مما يتشابه مع ما يعانيه مرضى الصدفية".
كما شرح البروفسور فؤاد السيّد الانخفاض الكبير على مستوى صحة المرضى، فيما يتعلق بجودة الحياة المتعلقة بالصحة (HRQoL)، لاسيّما الأداء الاجتماعي والحالة النفسية عند مرضى الإكزيما المزمنة البالغين حول العالم.
وخلص البروفسور فؤاد السيّد إلى القول: "يرتبط حجم التأثير على جودة الحياة المتعلقة بصحة المرضى HRQoL، ارتباطاً مباشراً مع الأعراض وشدّة المرض. وتُظهر الدراسات تأثيراً مشابهاً أو أكبر على معايير جودة الحياة المتعلقة بالصحة عند المرضى الذين يعانون من الإكزيما المزمنة بالمقارنة مع مرضى داء السكري من النوع الثاني والصدفية. كما تسجل بعض الثغرات في خيارات العلاج الحالية، حيث تشير الدراسات إلى ارتفاع معدلات فشل العلاج في العلاجات الحالية السائدة، إذ لم يُسجل أكثر من 78% من مرضى الإكزيما المزمنة البالغين من الدرجة المتوسطة إلى الشديدة، تحسنٍ ملموس على الرغم من العلاجات الحالية".
وأشار البروفسور فؤاد السيّد إلى أنّ الكورتيزون قد يكون فعّالاً جداً في العلاج، ولا يجب الخوف منه، خصوصاً الموضعي منه بكميات صغيرة وتحت إشراف طبي. ويصاحب الكورتيزون كريمات مرطّبة للجلد، مع الاستعانة في بعض الأحيان بنوع من العلاجات الفموية المثمرة، خصوصاً إذا ما تمَّ تشخيص الإكزيما في وقت مبكر.
أسباب الإكزيما والوقاية
توجد عدة أسباب تفضي إلى الإكزيما المزمنة، منها: العامل الجيني المتزامن مع وسط بيئي ملائم لتطور المرض، ضعف جهاز المناعة الذي يؤدي أنواع من الحساسية والالتهابات، ووجود مشكلة في السدّ أو الحاجز الجلدي الذي يضعف أكثر فأكثر مع الحكة.
لذا، قد يكون من المفيد جداً تشخيص الإكزيما في وقت مبكر؛ أي منذ ظهورها سواء في فترة الطفولة أو المراهقة؛ للحؤول دون تطورها إلى حالة مزمنة؛ لأنَّ المرض ينتقل من مرحلة إلى أخرى أكثر تطوراً، ومن مرحلة عمرية إلى أخرى، علماً بأنَّ حدّة المرض قد تخف في سن المراهقة.
ومن الضروري تثقيف الشباب حول أنواع الصابون والكريمات التي يستخدمونها، مع محاولة التقليل من حدّة الضغط والتوتر النفسي عبر ممارسة الرياضة؛ لأنه يُفاقم الإكزيما.