| البراهين ليست علمية فقط بل هناك إثباتات منطقية وعقلية وهي جزء من الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، لأن المنطق علم مثله مثل بقية العلوم الكونية والإنسانية.... |
القرآن مليء بالأحداث التي وقعت وسجلها القرآن بدقة، ولم يعترض عليها المشركين الذي كانوا ينتظرون أي خطأ أو خلل، ليتخذوه حجة في تكذيب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم. فعندما نزلت سورة المسد التي وعد الله فيها أبا لهب بنار جهنم: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ) [المسد: 1-3]. هذه السورة صريحة في تحديد مصير أبي لهب، وأنه سيصلى ناراً ذات لهب، وقد نزلت في بدايات الدعوة، وكان من الممكن أن يعلن أبو لهب توبته (ولو كذباً) ويقول للناس إني آمنتُ بالله، وهذا محمد يعدني بالنار!
ولو حدث ذلك فسوف يؤثر على عقيدة المؤمنين، ولكنه لم يحدث، لماذا؟ لأن منزل هذه السورة هو الله تبارك وتعالى وليس محمداً صلى الله عليه وسلم؟ فالله يعلم يقيناً أن أيا لهب سيموت كافراً فحدّد مصيره بشكل مسبق أنه سيصلى ناراً ذات لهب. ولو كان القرآن من تأليف محمد عليه الصلاة والسلام، لكان الأجدر به أن يتقرب من أبي لهب كونه من كبار القوم، ويعده بالجنة، ولكن هذه السورة تشهد على صدق قائلها... إنه الله تعالى.
ولو تأملنا آيات القرآن نرى كثيراً من الآيات تتحدث عن أشياء لم يعارضها المشركون، ولن يستطيع معارضتها أحد إلى يوم القيامة، ومنها انشقاق القمر. فقد أخبر القرآن عن حقيقة وقعت زمن نزوله – أي قبل أربعة عشر قرناً – يقول تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) [القمر: 1-3].
الآيات الكريمات تحدد حقيقة كونية في قوله تعالى: (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)، ولو لم يحدث انشقاق القمر ولم يره الناس في ذلك الزمن لكان من السهل على المشركين أن يكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم، ويقولوا له: إنك تكذب؟ ولكن هذا لم يحدث، بل قالوا (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)، والكافر عندما يرى شيئاً خارقاً للعادة يصفه بالسحر، كما حدث مع فرعون عندما رأى العصا تتحول إلى ثعبان مبين فقال: (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) [الأعراف: 71].
ولذلك فإن المشركين رأوا انشقاق القمر ولم يستطيعوا القول بأن محمداً كذب عليهم وأن القمر لم ينشق، بل قالوا هذا سحر مبين. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن المؤمنين الذين عاصروا هذه الآيات، لو لم يحدث انشقاق القمر أمامهم، والنبي يحدثهم أنه انشق، إذاً لتسرَّب الشك إلى قلوبهم، وتزعزعت عقيدتهم، وطلبوا الدليل على ذلك.
ومن المعروف أن المؤمنين من الصحابة الكرام كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شيء! عن معاني الآيات وعن أحداث يوم القيامة وعن تاريخ الأمم السابقة... ولذلك وبما أن الكفار لم يعترضوا، والمؤمنين لم يشكّوا.. فهذا دليل منطقي على أن الحادثة قد وقعت، وأن القمر قد انشق وستبقى هذه المعجزة قائمة إلى يوم القيامة، وقد تكشف الأيام أسرار هذا الانشقاق علمياً!
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
شعار مجموعة نرقى ليرقى منتدانا