"""""روان وكنز القياصرة""""""""
بعد عودة روان من رحلتها الأخيرة مع صديق عمرها..تقدم باسم لخطبتها،لكنها لم تجرؤ على الموافقة،رغم ماتكنه له من حب عميق ودفين،ربما لأنها كانت تخشى مفارقة الحياة المترفة والمخملية،والتي هي بعيدة كل البعد عن حياة باسم،الانسان البسيط الذي لا يملك في حياته ما هو أغلى من كرامته -رغم استعداده بمبادلتها ولو بغرام واحد من الذهب-.
لكن باسم..لم يلم غاليته روان على قرارها..فالواقع بقوانينه الصارمة يقول هذا،،واكتفى فقط بصداقتها داخل العمل..وهو -كما لا تعلمون-يعمل في متحف ابيها مشرفا لقسم المخطوطات القديمة،وبينما هو ذات يوم منهمك في عمله بتنظيف المخطوطات،دخلت عليه روان والسعادة بادية كنور الشمس على وجهها.
باسم:انتظري..لا بد انك وجدت فكرة مجنونةوتريدين مني مشاركتك إياها!
روان مبتسمة بجذل:أنت الوحيد الذي يستطيع قراءة أفكاري.
_كفي عن المجاملة..وهاتي ما عندك.
_أهذا يعني أنك موافق؟
_لا.
عقدت روان حاجبيها:ولم؟
حاول أن يرد،لكنه لم يستطع،واكتفى بإشاحة وجهه عنها.
روان:لا زلت غاضبا مني لأني رفضتك.
قال ومن دون ان ينظر إليها:أنا مستغرب كيف وافقتِ لأكون شريكا لك في مغامراتك وأبحاثك،اما حياتك..
نظرت إليه مشفقة،ثم قالت:معك حق.
نظر هو الآخر إليها لوهلة بتعجب ثم ابتسم:ايتها الماكرة،،تحاولين أن تلفتين نظري.
جلست روان على كرسي امام مكتبه..ثم قالت:لا..أنا جادة،من حقك ان تغضب،ولكن..انظر إلينا..لا نجتمع
إلا إذا كان هناك حدث علمي في المتحف،او للإستعداد لرحلة ما،وإن تحدثنا،تحدثنا بكل ماهو له علاقة بالعمل،او التاريخ القديم،واشياء اخرى..لا علاقة لها ولو بشعرة بالحب.
أسرع يجثو على ركبتيه امامها قائلا:وماذا عن الذي حدث بيننا هناك..في مصر؟
_مجرد مشاعر فائضة،لم يكن أبدا سببها الحب.
باسم باستنكار:لم تركتها تفيض علي إذن،لم لم تتركيها تفيض على شخص آخر؟
روان بصرامة:سيد باسم أغلق هذا الموضوع..ودعنا فيما جئتك لأجله.
وقف باسم وجلس على كرسي مقابلها وقال:قبل كل شيئ..هل هناك ذهب في الموضوع؟
ارتسمت على شفتيها ابتسامة عريضة جدا:اطنان من الذهب..ليس طنا واحدا او اثنان..بل اطنان!!
باسم بتهكم:اخشى ان تصبح مجرد اطنان من الرمال..ليس طنا واحدا او اثنان..بل اطنااان!!
_اضمن لك من أن هذا الذهب اصلي ..ولا يملكه احد,فمالكيه قد قضوا نحبهم منذ زمن بعيد.
فكر باسم لبرهة ثم قال:اهو منجم؟
_لا..بل هي مكدسة فوق بعضها على شكل سبائك،وهي مطمورة في مكان ما.
تهللت اسارير باسم..لكنها تلاشت فجأة:ارجوك..لا تقولي بأنه كنز قراصنة،فلا احد يطمر الكنوز سواهم.
_لا..مالذي تقوله-ضحكت قليلا حتى هدأت نفسه-تلك خرافات..اما هذه..كنوز لقياصرة.
غمره الوجوم مجددا:القراصنة اكثر لطفا.
_إنه كنز تركه قياصرة الامبراطورية الروسية القديمة بعد سقوط حكمهم..وقد حاول تهريبه القائد الشهير
الأميرال كولتشاك إبان سقوط حركته.
_اظنه كان مجنونا..اين تركه؟في بنك؟
_لا ادري.
_لا تدرين اين تركه؟ام لا تدرين في اي بنك؟
_كف عن التلكؤ!!
_أنا من يتلكأ أم أنت؟؟ -وبنفَس واحد وإنفعال شديد تابع حديثه-أنت التي تريدين البحث عن كنز طمرته
الثلوج ولاتزال منذ تسعين عاما في مكان ما في تلك الصحراء الثلجية الهائلة المساحة هذا إن كان له وجود
أصلاً!!!!!!!
لهث بعد انتهائه.ليتفاجأ برد روان البارد.
_من يدري..ربما يكون ينتظرنا كل هذه السنين.
هتف متعجبا:إنها تسعون عاما.
نهضت روان وقالت:وإن يكن؟هل تود الذهاب معنا ام لا؟
تأملها تلملم حاجياتها التي احضرتها بدون ان تستفيد منها شيئا.
فقال لها:أعرف محلا يبيع رشفا ومجرفة رخيصتين.
ضحكت باستهبال..ثم قالت:نسيت ان اخبرك،،ان ممول الرحلة هذه المرة ليس ابي،بل البروفسور جون فيليب
،وسيرافقنا ايضا كتيبة من العلماء والعمال الذين يملكون خبرة طويلة في اعمال التنقيب بالأجهزة الحديثة،ومجددا..
من يدري..قد نجد ذاك الكنز الذي يحتوي على 500طن من السبائك الذهبية.ذهب ينطح ذهبا.
راقبها وهي تخرج،فقال:ليتك تنقبين عن عقلك.
************************************************
في صباح احد الأيام،استيقظ باسم على صوت جرس الباب،فنهض بتباطؤ ليفتحه وهو يغمغم:زائر في هذا
الوقت..يعني انها روان.
فتح الباب ليتفجأ برجل كبير في السن فقال:سيد زهير.
.والد روان.
اجلسه باسم على اريكة قديمة،ثم اسرع الى مطبخه الضيق،ليعد له قهوة،ثم قدمها له وجلس،و..انتظره ليتحدث،
_كيف حالك يا باسم.
باسم بارتباك واضح:انا بخير..شكرا لك.
_سأدخل في الموضوع مباشرة..يجب ان ترافق ابنتي في رحلتها.
ابتسم باسم وقال:هل انا مجبر؟
_نعم..والا فستضطر للبحث عن عمل آخر.
باسم بسخرية تكشف عن مدى حنقه مما يحدث معه:رائع..رائع جداً،،انت وابنتك تفعلان بي ما يحلو لكما..كما
لو انني عبد لكما.
_بل لأني ادرك بأن لا أحد قد يعتني بابنتي أفضل منك.
حدق به باسم،فتابع :لقد ارتعبت كثيرا عندما اخبرتني بعدم موافقتك على هذه الرحلة،كما لو كانت ستذهب وحيدة.
_اتعني ..بأن روان ليست هي من ارسلتك؟
_إنها لا تعلم بأني هنا حتى!
صمت باسم،وبدا انه يريد الرفض،فأسرع زهير يقول:ارجوك..يا باسم،أشعر بان هذه الرحلة من اخطر الرحلات
التي ستقوم بها ابنتي،فلم اشعر قط بالخوف عليها بقدر ما أشعر به الآن.. _سيساعدها مرافقوها.
_قد يتخلون عنها في أصعب الظروف،ولن ألومهم على هذا؟؟لكن انت..أنت لن تتركها ابدا خلفك
وإن كان يعني هذا موتك.
لم يدر باسم مالذي سيقوله،فزهير قد اصاب الهدف الذي في قلبه،اصابه مشاعره الحقيقة التي يكنها لروان،نعم،،إنه كما
قال،لن يترك روان خلفه ابدا،
باسم:حسن......متى الرحلة؟
امسك بيده واوقفه قائلا:ستغادر الطائرة بعد أقل من ساعة.
باسم في ذهول وهو يُسحب إلى خارج الشقة:وماذا عن اغراضي؟على الأقل دعني آخذ معطفاً شتوياً,فالبرد قارس
هناك!!
زهير وهو يجره نازلا الدرج:لقد أعددت لك كل شيئ.حقيبتك جاهزة في سيارتي.
حاول باسم سحب يده:دعني أغلق باب شقتي على الأقل!!!!!!!!!!
اوقفه امام سيارته وفتح له الباب ليركب:ليس هناك ما تخشى عليه.
باسم:بلى....خلاطة العصير والتلفزيون!!
_اركب..سأغلقها بنفسي بعد ان اعود من المطار.
تأمله باسم وكأنه لا يصدقه.
:لن أكذب عليك..اركب هيا،فلا زال لدي حديث طويل ومهم اود ان اخبرك به في طريقنا.
************************************************** *
وصل باسم الى المطار مع النداء الأخير لرحلته،فجرى بأقصى سرعته باتجاه البوابة،والقى نظرة اخيرة على والد
روان ،الذي اماء له برأسه،ولوح له مودعا،ولما اصبح داخل الطائرة،التقت عيناه بعيني روان التي تعجبت برؤيته،فهمّ
أن يجلس بجوارها،لكن رجلا ضخما امسك به فجأة،كانت قبضته فولاذية،ناهيك عن جسمه العريض والضخم،
باسم بألم:من الذي ادخل هذه الدبابة الى هنا؟
الرجل:إنه مكاني.
نهضت روان لتفض الشجار قبل ان يحتدم :عقيد هنري،هذا زميلي السيد باسم أشرف،باسم هذا قائد بعثتنا العقيد
هنري شوكوي.
تركه الرجل،فقال له باسم بحنق:كان عليهم ان يضعوك في قسم الشحن.
زمجر الرجل،فقالت روان:عقيد هنري ارجو ان لاتمانع بأن يجلس السيد باسم بجواري ،لأن بيننا مواضيع مهمة علينا
مناقشتها.
رمقه هنري نظرات حاقدة،وهو يرى باسم يجلس بجوار روان،ثم ذهب ليجلس في المقدمة.
روان:انت ماهر في تكوين العداوات!
_إنها مسألة موهبة لا اكثر.
_كنت أعلم أنك لن تقاوم الذهب.
_في الواقع..اردت ان ارى إلى أي مدى سيصل بك جنونك،،
_اعترف انت تريد الذهب.
نظر إليها وقال بثقة:اظنك لا تعلمين بان اطنان الذهب تلك قد عُثر عليها،،،وفــُرقت على دول كبرى كاليابان وامريكا
وبريطانيا،هذا غير ان هذا الأميرال قد أُلقي القبض عليه بعد ان تعرض للخيانة وأُعدم،أي أنه لم يهاجر،ولم يهرّب اي
اطنااان من الذهب..
"لكن هذا ليس صحيحاً".
نظرا معا نحو الرجل الذي قطع كلامه، كان رجلا عجوزا،ذو لحية بيضاء خفيفة،يرتدي بدلة سكرية فاخرة،
روان لباسم:باسم..هذا هو البرفسور جون فيليب ..سيد جون هذا شريكي في الرحلة الأستاذ باسم.
تصافح الاثنان..
جون:اعذرني لمقاطعة حديثك بهذا الشكل،،لكن ما سمعته منك الآن غير صحيح إطلاقا.
_لقد قرأت ذلك في أحد كتب التاريخ امس.
_الكثير من الدجالين يكتبون التاريخ اليوم،كلٌ على هواه،حتى لم يعد احد يميز التاريخ الصحيح من الخاطئ.
ثم نزع نظارته ليمسحها وتابع:واما عن قصة اعدام ذاك الأميرال فقد لفق هذه الرواية أعداؤه،،الذين كانو يريدون
التنكيل به مقابل ما فعله ضدهم،لكنهم لم يجدوه،كما لم يجدو احتياطي الذهب الذي كان يخزنه للاستفادة منه في قيام
حكمه؛لأنهم خرجوا خاليي الوفاض رغم النصر الذي حققوه على ذلك الأميرال .
ثم نظر إلى باسم وتابع:والصحيح أن كولتشاك هاجر بعد سقوط حركته ومعه نحو مليون نسمة،نصفهم كان مكوناً من
الجيش،والنصف الآخر مكون من الطبقة الاسترقراطية وعامة الناس،ومعظمهم كانوا من النساء والاطفال،و قطار
مصفح محمل بسبائك الذهب...لقد كان يريد الوصول الى سواحل المحيط الهادي عبر سيبيريا،،،لكنه لم يفلح.
باسم:وماذا حدث للمليون نسمة؟
جون:قضوا نحبهم جميعا..فقد عثر على جثث ما تبقى منهم متجمدة قرب بحيرة اوركال،،،لقد تجمدوا بالآلآف
دفعة واحدة!
روان :يالها من مأساة.
باسم:الم يعثرو على القطار؟
جون:في الواقع لقد عثروا عليه في مكان يبعد خمسة الآف كيلو عن تلك البحيرة،،لكنه كان خاليا تماما.
باسم:والذهب؟
جون:اعتقد وهذا رأيي الشخصي،بأن كولتشاك استخدم خيول الجيش لسحب الذهب على المزاليج،وذلك بعد أن نفد
وقود القطار،لكن هذه الخيول لم تحتمل برد سبيريا القارس فقضت نحبها الواحد تلو الآخر،حتى اضطر كولتشاك ترك
حمولته في مجاهل سبيريا الغامضة.
باسم:أظنك تريد تكرار الماساة نفسها معنا الآن.
جون:ولم لا؟!إن كنا سنموت في سبيل العلم.
باسم:تقصد في سبيل الذهب.
جون:ربما تريده انت؟اما انا فتكفيني رؤيته،لتأكيد نظريتي.
تأمله باسم،ثم قال:هل يعلم من معك ان رحلتك مبنية على نظريتك الخاصة؟
جون:لا.
باسم وقد بدأ يثير توتر روان:وماذا لو كانت نظريتك خاطئة؟
جون:لا بأس سنعود ادراجنا،ونقول الحقيقة.
باسم:وإن لم نعد؟
روان:باسم كفى!
جون:يبدو ان معنا رجل متشائم في الرحلة.
باسم:بل أنا رجل منطقي.
روان:قلت كفى ياباسم!!سيد جون اعتذر لك نيابة عنه.
جون مبتسماً:لا بأس..كانت الرحلة لتكون مملة من دونه.
وتبادل مع باسم نظرات باردة........يملؤها التحدي.وباسم يتذكر قول زهير له بالسيارة:هناك امر
آخر،،لمّا اخبرتني روان عن دعوة ذاك البروفسور لها لتشاركه رحلته الاستكشافية،طلبت من صديق لي يعمل في
المخابرات الحكومية،ان يأتي لي بمعلومات حوله،كوني اسمع هذا الاسم لأول مرة،ولم اجد عنه الكثير في الأنترنت
سوى بعض المقالات العلمية.
_ومالذي عثر عليه صديقك؟
_اشياء رهيبة،أفظعها أنه مطلوب لعدة حكومات للإشتباه به بخطف مواطنيهم،واستخدامهم كحيوانت تجارب في
مختبراته السرية.
_مالذي يريده من هذه الرحلة برأيك؟
_هذا ما آثار استفهام صديقي،ومديره اللذان شكا من اهداف الرحلة بعد معرفتهم لخلفيته السيئة،فوكلني للقيام
بأمر...لم أجرؤ عليه.
_ما هو؟
_ان اجعل ابنتي تتجسس عليهم،،لكني لم استطع،،لأني....احبها جدا،تعلم لأنها ابنتي الوحيدة.
_ولم تستطع منعها من القيام بالرحلة أيضا.
_كنت لأخبرها بالسر،،لكن تعلم..
_الحمد لله أنك لم تخبرها.كانت لتصر أكثر على الرحلة.
_إنني أطلب منك أن تفعل أنت ما أمره لي الضابط بأن تفعله ابنتي...ان تكتشف ما يريده المدعو
جون،وتمنعه من اتمامها.
_انت تمزح اليس كذلك؟
_ارجوك يا باسم.
ثم ابتسم باسم لجون وقال:حظاً موفقاً.
جون:ولك ايضا سيد باسم.
************************************************** *
وإلى صحراء سيبيريا الثلجية الشاسعة،وفي بلدة اومسك تحديدا*المدينة التي قيل انها كانت نقطة انطلاق هجرة المليون
نسمة*،،وصل فريق البعثة الاستكشافية ..والمكونةتقريبا من مائة شخص،مابين عالم ومنقب،وجندي..إضافة إلى
الشاحنات الضخمة،والتي تجر عربات مصفحة،فكانت البعثة تبدو ككتيبة عسكرية لا علمية.
باسم لروان باستغراب:ماالداعي لحضور هذا الجيش؟
ردت عليه بحماس:لا تقلق..إنهم للحراسة فقط،لا تنس أن لدينا معدات حديثة تفوق قيمتها المليار دولار!!
حدق باسم في الجنود الذي كانوا يضعون اسلحة وزلاجات آلية خاصة بالثلج،فقال:حتى الآن لم ارى جهاز التنقيب
الحراري الذي حدثتني عنه.
روان:لا بد انهم قد شحنوه قبل وصولنا.
باسم:لقد كنا اول الواصلين.
وقف هنري وهتف بنبرة عسكرية:جميعكم..انتبااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااه!!
نظر الكل إليه فقال:انا العقيد هنري شوكوي..وبما أني قائد هذه الرحلة،والبرفسور هنري قائد البعثة،،فعلى الجميع
اتباع اوامرنا دون نقاش،من لا يعجبه الوضع فليغادرنا من الآن.
نظر جون نحو باسم وقال:ألن تقول شيئا سيد باسم؟
باسم:لنأمل أن تكون الرحلة تستحق العناء.
جون:ستكون كذلك سيد باسم،،ستكون كذلك.
هنري:والآن..اترون الاجهزة الصغيرة التي وُزعت عليكم-جهاز مربع صغير يشبه البيجر-إنه جهاز يطلق
ذبذبات كذبذبات الراديو،تعطي اشارة للأقمار الاطصناعية عن مكان تواجد احدكم في حال تاه عن المجموعة،احتفظوا
به جيدا فقد تحتاجون إليه...-ثم استطرد وهو يسير-سيركب كل ثلاثة اشخاص أو اربعة في شاحنة،،وستكون هي
مجموعته طوال الرحلة،ولكل مجموعة شاحنتها الخاصة،المحملة بكامل مستلزمات الرحلة العادية،كالخيام والطعام
والماء،وحتى اكياس النوم والمصابيح،لذا..كونوا فرقكم من الآن..ولننطلق.
خفق قلب روان وباسم معا عند سماعهما هذه الكلمة.
باسم:بالتوفيق.
روان:على بركة الله.
اقتربت منهما امراة،ذات شعر اصهب قصير مائل للبرتقالي،وترتدي نظارة عريضة،وقالت:آنسة روان.
روان:نعم.
صافحتها المرأة بحرارة:تسرني رؤيتك آنستي،اسمي إميليا جيبسون،عالمة آثار مبتدئة،والسكرتيرة الخاصة
للبرو***ور جون،،وأنا معجبة كثيراً بمذكراتك وكتبك الأخرى.
روان:شكرا.
إميليا:هلا سمحت لي ان انضم إلى مجموعتك.
نظرت روان نحو باسم الذي قال:ولم لا،،عالأقل سنجد من يفض شجاراتنا.
روان:هذا زميلي الأستاذ باسم.
صافحها قائلا:ناديني باسم فقط.
بدت المرأة غير مهتمة به،بقدر ما هي مهتمة بروان،كان هذا واضحا من عينيها اللتان لم تفارقا روان ثانية واحدة،حتى
بعد أن ركبوا الشاحنة،لدرجةأن قالت لها روان بألطف العبارات:عزيزتي،ارجو ان لا تغضبي مني،،لكني أكره ان
يحدق بي احد مدة طويلة.
إيمليا:حسن لا بأس.
غمغم باسم بمرح:اظن ان لديك شخصا جديدا لتتشاجري معه.
،ولما اطلق هنري النفير،اعلن بذك بداية الرحلة.
************************************************** *
سارت القافلة مسافة بعيدة عبر الثلوج البيضاء السميكة،كانت رحلتهم تبدأ من بزوغ الشمس،إلى غروبها،حيث يقضون
لياليهم داخل مخيمات مقاومة للبرودة،ويقومون بتحديد مسارهم،ويتناولون عشائهم،وينامون،او يتوقفون في حال حدوث
عاصفة ثلجية شديدة،وذات يوم..وبينما الجميع نيام،كان باسم يقرأ في خيمته على ضوء مصباح يدوي،بينما كانت
الشابتان غارقتان في نوم عميق،ثم تعطل مصباحه،فنظر إليه وقال:يا قليل الوفاء،تذكرت ان تتعطل الآن،لمّا وصلت
إلى أهم جزء في الرواية،، فخرج من خيمته ليحضر أخرى.
ولمّا وصل إلى شاحنته،وهم بأن يفتح الباب من جهة الراكب،سمع صوت أقدام،تسير في الثلج،تماما من الجهة المقابلة
لشاحنته،وبدا من صوتها أنها خطوات حذرة،وكان متأكداً من انها ليست خطوات بشرية،بل كأنها لحيوان يسير على
أربع قوائم،فبدأ يبحث في ملابسه وهو يردد بهلع:سلاحي أين سلاحي،،تبا....لقد تركته في الخيمة.
توقفت الخطوات،،فأغمض عينيه،وارتجف جسده كثيرا ،،ثم فجأة،وبدون إنذار مسبق،هبت عاصف هوجاء،طيرت ثلث
الخيام المنصوبة،وأسرع الناس-الذين كانوا بداخل الخيام التي طارت-باتجاه الشاحنات،ليختبأوا داخلها،ومن بينهم
باسم،الذي قفز الى داخل شاحنته واحكم بابها،ليفزع عندما قام رجل يطرق بابه الثاني بشدة،فأسرع ليفتح له،كان الاثنان
يرتجفان رعبا وبرداً .
الرجل:رباه..وكأن ابواب الجحيم فد فُتحت علينا،إلا انها تنفخ جليدا بدل النار.
نظر باسم عبر زجاج شاحنته الأمامية،فاستدارت عيناه من شدة غرابة ما يراه،كان يرى امرأة فائقة الجمال،بيضاء
البشرة كلون الثلوج حولها،ولها شعر اسود كالفحم،،،طويل ..تلمس اطرافه الأرض،وكثيف لدرجة أنه يغطي جسدها
كدثار ثقيل من الفرو،كانت تنظر إليه هي الأخرى،فاغرة فمها الصغير..الأحمر بلون الدم،وكأنها مندهشة من رؤيته
هي الأخرى..ولم يشعر إلا بزميله يناديه بصوت عالي بسبب صوت العاصفة:باااسم.باااااسم!!
نظر إليه باسم،ثم نظر مجددا وسريعا نحو البقعة التي كانت بها المرأة لكنه لم يرى شيئا،فقال:هل رأيتها؟
رد زميله:وماذا عساني ارى غير الثلوج في هذا المكان ووسط هذه العاصفة؟؟
باسم:لقد كانت هناك،،
ثم تنبه لشيئ ما وقال:روان.
خرج من الشاحنة وجرى وسط العاصفة،وهو يقول في نفسه:سيد زهير،لقد اخترت الرجل الخطأ لحماية ابنتك.
تجمدت عيناه على المرأة ذات الشعر الأسود،والتي كانت تقف على مسافة قريبة منه،كانت تبتسم له هذه المرة.
فهتف:من انت؟هل انت من جنود العقيد هنري..
لم تقل شيئا،ولما لاحظ انها حافية،فأسرع ليغطيها بمعطفه قائلا:هيا بنا..لا بد انك مصدومة من شدة الخوف.
حدقت به،وهي تتحسس المعطف الدافئ،ومنظره وهو يقودها باتجاه احدى الشاحنات،وهو يحتمل برودة الرياح،فرفعت
يدها وانزلتها بنعومة،وإذ بالعاصفة تتوقف فجأة.
ثم نظرت إليه مجدداً، لتراه يحدق بها مرعوباً هذه المرة،لأنه رأى ماصنعت،
باسم:ما انت؟
همت ان تناوله المعطف،فتراجع للخلف قائلا:ابتعدي عني!!
رآها تقترب منه،لكنه انطلق يسابق الريح،بفزع حتى ارتطم بشيئ ضخم وارتد على الأرض بشدة،ليرى هنري يقول
له:على رسلك أيها الجبان ..لقد انتهت العاصفة.
التفت باسم إلى حيث كانت الفتاة،لكنه لم يرى سوى معطفه ملقيا على الأرض.
ثم بدأت المجموعات بالخروج من الخيام والشاحنات لتفقد الأضرار،كانت قد تغطت معظم الشاحنات حتى النصف
بالثلوج،وانقلبت اثنتان،وأكثر ما اخافهم موت ثلاثة أشخاص متجمدين،داخل اكياس نومهم.
روان بحيرة:هذا غريب،كيف ماتوا بهذه الطريقة؟
هنري بلا مبالاة تظهر مدى قسوة قلبه:لابد انهم لم يشعروا بطيران خيمتهم.
جون:علينا ان ندفنهم حالا،قبل ان يراهم الكثير.
سمعت روان صوت باسم يناديها،فردت عليه،وأشارت إلى مكانها،فأسرع إليها وقال:هل أنت بخير؟
أجابته:نعم..وأنت؟
تطلع بالجثث المتجمدة في توتر ملحوظ.فقال جون ساخرا من منظره:ما بالك؟هل هذه اول مرة ترى فيها جثثا ايها
المغامر المغوار؟؟!
رد باسم:قولوا عني ما شئتم،لكن ما حدث لهم ليس طبيعيا..انظروا إليهم ثلاثتهم مازالوا داخل أكياس نومهم
الدافئة،فكيف سيتجمدون بهذ السرعة؟
هنري:ماذا تعني؟
روان:إنه يعني بأنهم كانوا سيتجمدون وهم يركضون عالأقل.
ساد الصمت لبرهة،فقال باسم بارتباك:أظنني...قد رأيت الفاعل،الذي فعل هذا!
حدق الثلاثة به،فتابع:لا ادري إن كانت حقيقية أم كنت اتخيلها وسط تلك العاصفة،،لكني..متأكد من أنها حقيقية.
روان:تتحدث كما لو كان الفاعل امرأة.
باسم:لقد كانت أمرأة.
هنري:اي انسان لا يملك القدرة على التجميد.
باسم:ماذا لو لم تكن انسانا!!
تبادل هنري نظرات ساخرة مع جون وهما يسمعانه يواصل حديثه:إنها ليست إنسانة،،لقد رأيتها وهي توقف العاصفة
بحركة من يدها.
جون:أعتقد أيها العقيد بأن السيد باسم قد فقد رشده بسبب تللك العويصفة القصيرة.
بلع باسم غيظه،ونظر نحو روان،علها تقول شيئا تدافع عنه به،لكنها لم تفعل واكتفت بالابتعاد عنهم.
فنظر باسم نحو جون وقال:لا أعلم مالذي يجعلها تؤيد أقوالك المعوجّة دائما,لكني متأكد تماما من أنها توافقني
الرأي.
جون:إنني ممول الرحلة..وقائدها،ولولاي لما كانت هي هنا الان؛؛؛؛باختصار..إنها مجبرة على تأييدي.
باسم بثقة:لا.. لست ممول هذه الرحلة!
هنري:كفاكما جدالا..لدينا طريق طويل حتى نصل إلى بحيرة بايكال.
باسم لجون:حتى الآن لم أخبر روان بأمرك،لأني أشعر أن لك هدفاً آخر غير ذلك الكنز المزعوم،وعندما اكتشفه
وأخبر به روان،فستنسحب من هذه البعثة طواعية ومن دون أن اجبرها.
تركهما،ولحق بروان.
هنري لجون:ما رأيك؟
جون:اتركه..لا أريد ان نثير شكوك روان،،،،،سنشدد رقابتنا عليه وحسب.
وبعد الدفن،واخراج الشاحنات الأخرى المتبقية من بين ركام الثلوج وتصليحها،اكملوا المشوار،
************************************************** *
وعند بزوغ الفجر وداخل شاحنة الرفاق.
كانت روان تنظر إلى باسم الذي بدا من صمته انه غاضب جدا منها.
وإيمليا تجلس بينهما،وتشعر بذاك التوتر،وكأنه كهرباء ينتقل بينهما عبر جسدها،
روان:كانا سيسخران مني أيضاً لو أيدتك.
لم يرد باسم.
روان:ارجوك يا باسم أن تفهمني،،لا أريد ان يعتقد السيد جون بأني مجـنونـ...بالله عليك لو كنت مكاني وقلت لك
بأن امرأة ما اوقفت عاصفة ثلجية بيدها فهل كنت ستصدقني؟
ومجددا لم يرد عليها.
إيمليا لباسم بصوتها الناعم:ارجوك تحدث يا سيدي..فالطريق مملة من دون صوتك.
رمقها باسم باستغراب،ولم يتمالك نفسه من الإبتسام لها وقال:ومالذي تريدين مني فعله ..أن اصرخ طوال الطريق؟
اجابت :لم لا تغني.
حدق باسم بها ثم بروان التي لم تصدق بأنه تحدث لإميليا وليس لها.
فلاحظ ذلك ايضا لينظر مجددا نحو إيمليا ليغيظ روان وقال:ياله من إقتراح رائع،،من حسن حظك اني احب
الغناء،،سأغني لك الأغنية المفضلة لدي..ثم بدأ يغني:زيديني عشقا زيديني يا أحلى نوبات جنوني.زيديييييني
ثم عاد المقطع..وتبعته إيمليا:وزيديني عشقا زيديني يا أحلى نوبات جنوني.زيديييييني.
،فأشاحت روان بوجهها نحو النافذة،وهي تعض طرف سبابتها بحنق.
وتابع بصوته الذي سلب لب إيمليا،،وقهر لب روان:يا أحلى امرأة بين نساء الكون.......أحبيني
يااا من أحببتك حتى احترق الحب ............أحبيني
إن كنتِ تريدين السكنى أسكنتك في ضووء عيوووني
حبكِ خارطتي..
حبكِ خارطتي ما عادت خارطة العالم تعنيني
أنا أقدم عاصمة للحزن...
وجرحي نقش فرعوونييي..
وجعي يمتدُّ..
كسرب حمام من بغدادَ إلى الصيييييين
ثم غنيا معا باسم وإيمليا:زيديني عشقا زيديني يا أحلى نوبات جنوني زيدييييييني.
وزيديني عشقا زيديني يا أحلى نوبات جنوني زيدييييييييييييني.
فقال باسم بإنفعال:صوتك جميل جدا.
ضحكت إيمليا وقالت:وأنت أيضاً.
وأكملا الغناء.
************************************************** *
مر اسبوعان على بداية الرحلة الطويلة،حتى وصلوا إلى بلدة صغيرة اسمها"توباكسيم"،فتوقفوا هناك بسبب هبوب
عاصفة ثلجية شديدة،وتوزعوا على مجموعات في فنادقها القليلة الضيقة،وباتت مجموعة روان مع مجموعة البروفسور
جون،الذي يضم معه العقيد هنري،ومستكشف شاب يدعى غاس.
نزلت روان إلى بهو الفندق،وهناك عثرت على جون .كان ينظر في خريطة،وبجواره طاولة صغيرة عليها قدح قهوة
ساخنة،فجلست مقابله وقالت:مرحبا.
نظر جون إليها وقد بدا سعيدا جدا برؤيتها،:آنسة روان..أهلا بك.. ألم تنامي بعد؟
_لقدازعجتني صوت العاصفة،،،،،،،كما أني أشعر ببرد شديد!
_سأطلب لك كأس قهوة ساخنة،سيشعرك هذا بالدفء.
_شكرا لك.
نادى جون النادل،وطلب منه احضار االقهوة،ثم نظر بعد ان ابتعد النادل وقال لروان:كنت سأطلب شوكلاتة
ساخنه،ولكنها غير متوفرة هنا.
روان:مالذي تفعله بالخريطة؟
_اعيد ترتيب رحلتنا.
روان باستغراب:ولم؟
_إنني احاول ان اكتشف طرقا مختصرة.
_كم نبعد الآن عن بحيرة بايكال؟
_لا زال امامنا 1200كيلو متر تقريبا.
_مسافة طويلة جداً.
جاءت القهوة،وشكرت النادل،ثم سألت جون:قل لي يا بروفسور،لم لم نسافر بالقطار إلى هناك؟إنها طريقة سريعة
وآمنة،،كما انها الطريق نفسها التي عبرها كولتشاك..أليس كذلك؟
جون:نعم..لكن لا تنسي أنه وبعد تعطل القطار،اضطر كولتشاك ومن معه متابعة الهجرة مشيا على الأقدام ،وقد
انحرفو عن مسارهم دون ان يعلموا،فقد عُثر على جثثهم متجمدة حول مدينة صغيرة اسمها "ثوفونيكولا***ك"،وهي
تقع جنوب البحيرة،بينما هم كانوا يقصدون الشرق.
روان:انت تعرف أشياء غريبة حول هذا الموضوع
،ارجوك احكي لي المزيد.
************************************************** *
وفي الغرفة التي ينام فيها الرجال،كان هنري العاري الصدر يمارس رياضة الضغط،ومن يرى العرق الذي يتصبب
منه يظن انهم في موسم الصيف،اما غاس فقد اشغل نفسه بقراءة مجلة خاصة بالسيارات،بينما كان باسم يتأمل
العاصفة،التي ذكرته بتلك المرأة ذات الشعر الأسود الكثيف.
توقف هنري عن العد عند الرقم ثلاثمئة وخمسين،ثم نهض واخذ منشفته وهو ينظر إلى باسم،فقال:ألا تخجل من
نفسك؟رجل بمثل حجمك يخشى من امرأة؟
غاس:لقد مشينا مسافة بعيدة،لا اظنها قد تمكنت من اللحاق بنا.
باسم:إنها ليست بشرية.
غاس:وكيف عرفت أيها الذكي؟
باسم:لأن البشر لا يستطيعون السير على الثلج وهم حفاة الـ...
توقف عن الكلام عندما رآها تجلس على جذع شجرة مقابلة لنافذته،وتنظر إليه ،كانت تجلس القرفصاء،مسندة ظهرها
على الجذع،وقد ظهر جانبها الأيمن العاري،بعد أن تدلى شعرها الطويل إلى الأسفل.
استدار باسم سريعا نحوهم وبخوف شديد قال:إنها ليست حافية القدمين فحسب!!!
حدقا به غاس وهنري،ومن نظرات الخوف التي تملأ عينيه عرفا بانه يراها،فتسابقا إلى النافذة،لكنهم لم يروا شيئاً.
غاس:اين هي؟!
باسم :إنها على غصت تلك الشجرة.
غاس:اية شجرة.
استدرا باسم قائلا:كم شجرة امامك أيها...
حدق بالشجرة الوحيدة في المكان،والتي لم يكن عليها احد،
باسم بتوتر:لقد كانت هناك اقسم لكما.
همس غاس لهنري:ما رأيك؟
هنري:سنلحق بها،فلا اظنها قد ابتعدت كثيرا.
أسرع الاثنان الى الخارج،وتركوا باسم المرعوب وحيدا في الغرفة،،فاسرع هو الآخر يرتدي معطفه بهلع وهو
يقول:ستنال مني ،ستنال مني لأني صرت وحدي.
فُتحت النافذة،،،ولم يشعر المسكين إلا بالهواء البارد يتغلغل في جسده ورأسه من الخلف،فتجمدت الدماء في عروقه،ولم
يلبث أن رأى المراة تقف أمامه،تنظر إليه بعينيها الرماديتين،وقبل ان يحدث أي شيء،جرى باتجاه الباب،لكنها وبطرفة
عين،وقفت امامه مانعة إياه من الوصول إليه،فحدق بالمخرج الوحيد الذي بقي له..النافذة..
المرأة:لست بهذه الدرجة من الغباء..إيه؟!
باسم:احزري مجدداً.
جرى وقفز مباشرة منها كما يقفز السباحون الى الماء،،لينزلق على اسطح الفندق المائلة،قبل أن يسقط على الأرض
فوق الثلج الكثيف،ثم نهض مجددا ,وجرى الى باب الفندق وأوصده بإحكام،كان يلهث من شدة ما اصابه من رعب
وتعب،ثم لاحظ ان كل من حوله يحدقون به بتعجب،ومن بينهم جون وروان،فأسرع إليهما.
فغمغم جون بضيق:رباه..ماعساه سيقول لنا الآن؟!
سمع باسم جملته الأخيرة،ثم رأى روان وهي تشير له بسبابتها-لباسم- بأن يصمت.
فشعر بغصة في حلقه من شدة القهر،.
جون:مرحبا سيد باسم،،تبدو بحالة مريعة،،هل كل شي على ما يرام؟
جلس باسم وقال:نعم،،لقد سقطت بينما..........انزلقت وحسب!!
عاد هنري وغاس من الخارج،وتوجها نحو الرفاق،
غاس:لم نجد شيئا يا باسم.
هنري:ولا آثار أقدامها حتى.
جون:ماهو؟
جلس هنري بجوار جون وقال له:إنه يدعي بأنه قد رآى المرأة الثلجية مجدداً قبل قليل.
نظرت روان نحو باسم،وكأنها نقول:هل هذا صحيح؟
باسم لهنري:لقد كانت عندي.
رأى روان تضرب جبينها براحة يدها في ضيق شديد،لكنه لم يكترث وتابع:ولم تجدا الأثر،لأنها كانت تطيير.
كانت روان تستمع محرجة وتتمنى لو انه يسكت.
جون:وهذه الرياح العاصفة اتظن انها هي التي احدثتهاهذه المرة كي تحتجزنا هنا؟
باسم:لا ،هذه العاصفة ليست كتلك التي واجهناها قبل ايام في الطريق..هذه العاصفة تبدو طبيعية.
غاس ضاحكا:اتقصد ان هناك رياح اصطناعية؟..قل لي أيها الذكي..كيف يمكن لأحد ان يصنع ريحا؟!!
هنري:انا اعرف.
اخرج لسانه واصدر صوتاً جعل الجميع ينفجر ضاحكاً عدا ه،ثم رأى الحنق والغضب في عيني باسم،
هنري وكأنه لم يقصد ان يهزأ به:ماذا؟جميعنا يصاب بالإنتفاخات من حين لآخر!
دوت صرخة حادة في المكان،فقال جون بتوتر:إنه صوت إيمليا.
أسرع الجميع إلى غرفتها،واقتحم هنري بابها الموصد،ليجدوا إيمليا تبكي مذعورة في احدى زوايا الغرفة،ولما رأت
باسم أسرعت ترمي بنفسها بين ذراعيه،وتجهش بالبكاء على صدره،تفاجأ من ردة فعلها في البداية،ثم مسح رأسها برقة
وقال:لا عليك،أنت بخير الآن.
قالت باكية:لقد رأيتها..كانت هنا.
جون:من تكون عزيزتي إيمليا؟
نظرت إليه:سيدة الثلج.
باسم:صرنا اثنان.
غاس:نعم اثنان من غريبا الأطوار،،انتم تليقان ببعضكما.
خرج جون وهويقول:لا بد انهما قد اتفقا على هذه المسرحية الفاشلة.
لحق به غاس،ثم هنري الذي قال:عليك ان تعمل في هوليود.
ثم لحقت بهم روان لكن باسم استوقفها بقوله:انت تصدقينني أليس كذلك.
كان الاثنان يقفان خلف بعضهما،ولم يجرؤ احدهم على الاستدارة لرؤية الآخر،وغادرت روان الغرفة دون ان تقول
شيئا.فتهند باسم ونظر إلى إيمليا مبتسما:يبدو..اننا وحدنا الآن.
بقي باسم معها في غرفتها،حتى انهما تناولا العشاء معا،بعد ان رفضت مغادرة الغرفة من فرط الخوف.
وبينما باسم يشاهد التلفاز،جائت إيمليا وتعمدت المرور من امامه،وهي ترتدي ملابس نوم خفيفة ،تكشف مفاتن جسدها
الجميل المتناسق-وكأن الجو ليس باردا بما يكفي ليجعلها ترتدي ملابس دافئة-فكبح باسم جماحه،وحاول ان يجعل
عينيه تثبتان على شاشة التلفاز.
فجلست بجواره،وقالت:تبدو خائفا.
باسم وعيناه تسترقان نظرات خاطفة من وجهها وجسدها:لا..لا .
وضعت يدها على وجنته بحنان،كانت يدها باردة جدا،لدرجة اقشعر بدنه منها،وخرج البخار من فمه،وهمت بأن
تقبله،لكنه امتنع عن ذلك وقال:لا استطيع أنا آسف.
اسرع يغادر الغرفة،وتركها وحيدة،فنهضت لتقف امام المرآة،ثم تطلعت إلى جسدها وشعرها،وقالت:ربما كنت لا تحب
هذا الوجه.
************************************************** *
في صباح اليوم التالي،توقفت العاصفة،وتأهب الفريق استعدادا لإكمال الرحلة،كانت روان تنتظرقرب شاحنتها،فوقف
باسم بجوارها وقال:ألم يأت حبيبك بعد؟
روان بتهكم:هل تغار من جون؟
باسم:ولم أغار؟؟!انه رجل عجوز في النهاية.
نظرت إليه روان وقالت:لعلمك.. النساء لا يفتنّ بوسامة الرجل او بماله او حتى سنّه،بقدر ما يُفتنّ بحسن
اخلاقه.
ابتسم باسم:هذا يعني أنك لا زلت مفتونة بي.
ضحكت طويلا ثم ضحك معها،ولما رأتهما إيمليا من نافذة غرفتها بتلك الحال قالت:ليتني افهم طريقة تفكيرهم!
باسم:اخبريني مالذي يجري؟
روان:اخبرني انت مالذي يجري..انت الذي قابلت الشبح وليس انا؟
باسم:افهم من كلامك انك تصدقينني!
روان:باسم..لقد رأينا معاً أشياء أسوأ من تلك الشبحة،لذا نعم انا اصدقك.
باسم بحنق:إذن لم تعامليني بازدراء امامهم وكأنني مجنون يتفوه بالحماقات؟؟!...لعلمك هم لم يأتوا إلى هنا
بغرض البحث عن كنزك المزعوم!
روان:اخفض صوتك كي لا يسمعك احد.
باسم:دعيهم يعلمون بأني أعلم،في الواقع هم يعلمون.!!
وضعت يدها على فمه لتخرسه،ثم أخذته جانبا إلى خلف شاحنة،وقالت بخفوت لا تخلو من العصبية:وانا ايضا
أعلم..لذا إهدأ!!!!!
حدق بها لبرهة وقال:وكيف تعرفين هذا؟
روان:أخبرني أنت اولا؟
باسم:حسن،لقد اخبرني والدك.
روان باستغراب:والدي؟!لهذا كان يعارض سفري.
باسم:..وأنت من اخبرك؟
روان:لا احد،لقد اكتشفت ذلك بنفسي مصادفة.حدث ذلك في اليلة التي مات بها اولئك الثلاثة.
((تذكرت سماعها جدالا حادا بالخارج،فخرجت بهدوء،وسارت بحذر شديد نحو الخيمة التي كان يصدر منها صوت
الجدال .
فسمعت صوت غاس وقد بدا انه مرتعب:إن تلك اللعينة تحاول قتلنا قبل ان نتمكن من اصطيادها!!!!!انا نتاكد
بأنها هي.
جون بصوته الهادئ المعهود:كل شيء وارد..أنا أتعجب فقط كيف استطاع باسم رؤيتها،وتركته دون أن تؤذيه؟
روان في نفسها بحيرة:عم يتحدثان؟
سمعت جون:علينا ان نحرص على ان لا تصدقه الانسة روان،لأنها ان فعلت ،فستفضحنا حتماً،وستوقع حكومتنا في
ورطة كبيرة إن هي افشت السر.
غاس:ما كان يجب علينا احضارها معنا منذ البداية.
هنري:عمليتنا هذه بالغة الحساسية والسرية،وكنا بحاجة للتغطية على أهدافنا،فلم نجد افضل من تلك المعتدة بنفسها.
شعرت رون بحنق وغضب شديدين.
ثم سمعت جون:غاس،عليك ان تمحو فكرة "يجب أن نعود ادراجنا"نهائياً من رأسك،وما حدث اليوم وما رآه ذلك
الرجل يؤكد لنا اننا نسير بالإتجاه الصحيح،إنها قوية وقاسية،ولا تعرف الرحمة،وحدها ستهزم جيشا،وإن نجحنا في
ترويضها،فستكون الجندي المثالي والفريد من نوعه في العالم.ولم يتبق علينا سوى نصب فخ للقبض عليها حية.
وتذكروا لا اخطاء.))
باسم بغيظ:تبا،،وطوال الوقت كانوا يصفونني بالمجنون!!
روان:أظن أنهم في قرارة أنفسهم يشعرون بالقهر لأنك قد تمكنت من رؤيتها مرتين،دون ان تصاب بأذى.
باسم:صدقيني لست فخوراً بهذا،إنني أموت في اليوم الف مرة،عندما افكر فيها.ثم استطرد:يجب أن نجد طريقة
نهرب فيها من المعسكر دون أن يُكشف امرنا.
روان:لا،لن اغادر المعسكر.
باسم:لكن الرحلة الآن لم تعد متعلقة بالبحث عن الذهب.
روان:اعلم،،،باسم لن أترك تلك.....التي لا أعرف ما تكون....تقع في أيدي أولئك الأشرار.
باسم :يبدو لي أنها تجيد حماية نفسها.
روان:انا أعلم بأنها تجيد حماية نفسها،لكن من يحمينا نحن منها،او بمعنى أصح من يحمي العالم منها.
لم يشعرا بأن إيمليا كانت تراقبهما،فقالت:حسن،انت حجرة في طريقي يا روان،ويجب ان ازيحك.
************************************************** *
وخلال تعمق البعثة في صحراء سيبيريا الثلجية،عثروا بالمصادفة على قبيلة من قبائل التتار،ذوي الملامح، المنغولية
الشهيرة،والذين يشبهون البدو عندنا في كل شيئ، عدا انهم يرعون حيوان الرنة بدلا من الجمال والمواشي،
كان الجميع مسرورن بضيافة اولئك الناس البدائيين البسطاء،ولحسن حظ المجموعة ان غاس يجيد لغة "الكيبجاك"
وترجمتها.
وفي المساء وبعد أن نام معظم المستكشفين وافراد من قبيلة التتر،،لم يتبق سوى باسم وروان وجون وغاس،وأربعتهم
كانوا متحلقين حول النار يتسامرون مع عائلة صغيرة من التتر،حيث كانت الزوجة تخيط جلدا لحيوان الرنة،والرجل
ينحت قرنه،وامرأة كبيرة في السن كانت تروي لهم قصصا عن وحش الثلج الأبيض الذي يتصيد فرائسه،ؤيمزقها
بذراعيه قبل أن يلتهمها.
ضحك جون قليلاً وقال:يالها من خرافة،إنه كأسطورة"بيغ فوت"الذي يعيش في غاباتنا.
باسم:هل أنت متأكد؟
_كل التأكيد.
_مثل ما أنت متأكد من وجود الكنز المفقود؟
_أنت تحاول احباطي منذ بداية الرحلة،ولكنك لم ولن تستطيع ذلك.
تحدثت المرأة مع غاس،وكأنها تريد معرفة ما يجري مع جون وباسم،فلما أخبرها،تغيرت ملامح وجهها وبدت غاضبة
وقالت جملة ما بصوت صارم لروبرت،لم يفهمها احد سوى غاس.
باسم:ماذا قالت؟
غاس:إنها غاضبة.
روان:من حقها أن تغضب،فأنتما تتشاجران امامها بلا ادب ولا احترام.
غاس:بل هي غاضبة لأننا نقوم بهذه الرحلة.
روان:ما كان عليك أن تخبرها.
بدأت تسترسل بحديثها وغاس يترجمه ببراعة:إنها تقول أن حول ذاك الكنز حراس من الأشباح،وكل من يقترب منه
او يحاول سرقته ولو بكمية قليلة،فهم لا يتركونه إلا بعد أن يقضوا عليه،فهم لا يريدون ان يبوح احد بمكان كنزهم
الثمين.إنها تريد منا ان نعود ادراجنا وننسى كل هذا.
جون بتهكم:خرافة أخرى!!
باسم:اما انا فمقتنع تماما من صدقها،واقترح بأن ننفذ ما طلبته منا.
روان:باسم.. أتعلم ماذا يعني حديثها ذاك؟..الذهب موجود..وبحثنا لن يذهب سدى.
باسم:انتي تريدين مواصلة الرحلة؟!
_نعم.
_رغم ما قالته هذه العجوز؟
_نعم.
ضحكت والرجل والمرأة من رد فعل باسم وقال الرجل كلاما ترجمه غاس على الفور:يقول أن ذاك الجبان يبدو اشد
حكمة من الجميع.
ضحك الجميع عدا باسم،الذي قال:لا بأس بالجبن إن كان سيبقيني حياً.
ناول الرجل روان قرني الرنة،والذي كان يشحذ احدها على الصخرة،كانا ذا شكل مخروطي طويل،ورأسين مسننين
وحادين كإبرة عريضة،فقالت بسرور:شكرا لك،،إنهما تحفة رائعة!!
اما باسم فقال:قل للعجوز بأني رأيت قبل ايام،امرأة بيضاء،لها شعر اسود كثيف يغطي جسمها العاري..
غاس :هل انت جاد؟
باسم:نعم!!!قد تعرف عنها شيئا!
نفذ غاس مطلب باسم،ففزعت المرأة الكبيرة،،وكذلك الرجل وزوجته،وبدأوا يتلون ترنيمة ما،،
روان:أوووه،إنها تعرف شيئا عنها بكل تأكيد!!وشيئا غير رائع ايضاً!
نظرت المرأة نحو باسم وتحدثت إليه بصوت خافت وكأنها تخشى أن يسمع احد صوتها وغاس يترجم له:تقول ان
عليك أن تشكر الله لأنك رأيتها وبقيت حياً،،فلا أحد يرى سيدة الثلج وينجو..لا أحد.
قال جون بغضب لروان:لقد اكتفيت من هراء زميلك آنسة روان،،إن لم تخرسيه فسأخرسه بنفسي.
باسم بسخرية:انظروا من الذي فقد حس الفكاهة فجأة!-ثم مال نحوه-اعترف..انت غاضب لأني كنت محقا.
روان بحدة:يكفي يا باسم.
سمع الجميع صوت إيمليا:سيد باسم.
نظر الكل إليها فشعرت بالحرج،فطأطأت رأسها وقالت:أريد ...أريد منك..أن تأتي معي،،أريد ان اقضي
حاجتي.
انفجر غاس ضاحكا،مم زاد من حرج إيمليا،
وقال جون بخفوت:لطالما قلت بانها غريبة الأطور ..تلك المرأة.
نظر باسم إلى روان وهمس:اذهبي معها أنت.
روان بكل برود:ولم ؟
باسم:لأنك امرأة مثلها.
روان:إنها تريدك أنت..................أيها العاشق؟
قالت الكلمة الأخيرة بنبرة استفزازية،فوقف وقال:حسن.
وقف ثم أخذ نفسا عميقا،
غاس وهو لا يزال يضحك:بربك يا رجل،أنت لن تذهب معها إلى غرفة النوم!!
باسم:سخييف!!
ثم سار ومر بجوار إيمليا قائلا:هيا بنا.
اوقفهما احد الجنود وقال:إلى أين؟
باسم:مهمةخاصة،
اطلق الرجل صفيرا طويلا،فقال باسم:لا تفرح إنها ليست من ذاك النوع من المهمات.
تركهما الجندي يمران باتجاه الغابة،
فلما اقتربا من شجرة ضخمة قال:سانتظرك هنا.
اقتربت من الشجرة،
هتف لها:إيمليا.
نظرت إليه فوجدته يشير لها بأن عليها الجلوس خلف الشجرة،فابتسمت وقالت:كم أنت لطيف.
اختفت خلف الشجرة،فغمغم:إنها فعلا غريبة الاطوار!
قالت إيمليا وهي لا تزال خلف الشجرة:أنت تحبها ..أليس كذلك؟
_من؟
_روان.
_نعم،،إنني أحبها من كل قلبي.
_يبدو لي انها لا تبادلك نفس الشعور.
_وكيف تعرفين هذا؟
_إنها تعاملك بجفاء.
_بعض المحبين يستخدم هذا الأسلوب،كي يكرهه حبيبه ويتركه.
_هذا جنون.
_ومن قال ان الحب زينة العقول.
_انا لا اريد ان يتركني حبيبي،او ان يكرهني.
_وإن فعل؟!
خرجت وقالت:هذا غير وارد عندي.
_لا يا عزيزتي،يجب ان يكون وارد عندك،لأن ليس كل قصص الحب تنتهي نهاية سعيدة.
_قل لي انت ماذا تفعل لو هجرتك حبيبتك؟
_سأتمنى لها السعادة بقية حياتها،وستبقى ذكرى أيامنا الجميلة في قلبي لن يمحوها إلا الموت.
حدقت به بإعجاب كبير.ثم قالت:أنت مجنون!!
ابتسم وقال:هكذا هو الحب..لا يدفعنا إلا للجنون.
************************************************** *
نام الجميع ولم يتبق سوى غاس وروان،التي كانت تلعب بالنار بواسطة عود طويل،فاقترب منها غاس بحذر كي لا
تشعر به.
روان:مالذي تريده يا غاس.
غاس بإرتباك واضح:حسن،انا اتمنى لو نكون صديقين.
نظرت إليه وقالت:ألسنا كذلك؟
غاس:أقصد صديقين حميمين.
روان:اذهب إلى النوم غاس،فقد فات موعد نومك.
غاس:أرجوك،،لا تعلمين إلى أي مدى انا معجب بك.
دوى فجأة صوت اطلاق نار كثيف ممزوجة بأصوات صرخات الهلع،وصوت آخر مخيف،وصلت إلى مسامع باسم عند
الغابة،فانتفض وقال:روان!
وقفت إيمليا امامه،وقالت:اشششش.
هتف بغضب:هناك شيء ما يحدث في المخيم.
وضعت اصبعها السبابة على شفتيه،فتفاجأ بالبرودة الشديدة التي تخرج منها،وفزع عندما تجلدت شفتيه وصارتا
ملتصقتين ببعضهما،فلم يعد يستطيع التكلم،واكثر ما ارعبه..ان شعرها الناري القصير بدأ يطول ويتحول تدريجيا
إلى اللون الأسود،وعيناها يتحولان من اللون الأزرق إلى اللون الرمادي الصافي،وإذ به يقف وجها لوجه امام سيدة
الثلج،،اسوأ كوابيسه.
وفي المعسكر رأى غاس وروان مجموعة من الجنود يطيرون في الهواء،سقط أحدهم امامهما وعلى عنقه جروح مميتة
احدثتها مخالب حادة، .ثم تجمدت اعينهما على ذلك الجسد الضخم الذي يبلغ ارتفاعه اكثر من ثلاثة أمتار،ومكسو
تماما بشعر ابيض سميك،ويقف على قائمتيه كالدب.
غاس برعب:إنه وحش.
التفت الوحش نحوهما فجأة،وجحظت أعين الرفيقان لما رأياه يهبط ليقف على قوائمه الأربع،ثم ينقض عليهما،وخرجت
العجوز من بينهما،وهي تمسك بنبل كبير وسهم،صوبته مباشرة باتجاه الوحش بشجاعة أذهلتهما،واطلقت سهمها لتصيب
جبينه اصابة مباشرة،وخر الوحش صريعا عند أقدامهم.
تطلعت روان بإعجاب بالعجوز التي كانت تتحدث مع غاس.
فجاء جون وكان خائفا جدا،وقال لغاس:ماذا قالت؟
غاس:تقول أن هناك غيره،وقد يأتون في أية لحظة.
شاهدا ان جماعتها قد اسيتقظوا وتسلحوا،ويقومون الآن بتوضيب خيامهم استعدادا للرحيل.
فهتفت روان بحزم:ومالذي نفعله نحن؟؟هيا...لنغادر المكان فوراً!!
وفي طرف الغابة،شعر باسم بالدماء تتجمد في عروقه-وأنا أعني هذا حرفيا-واصاب جسده خدر شديد بسبب
الإنخفاض في درجة حرارة جسمه،وسيدة الثلج لاتزال،قربه،ثابتة لا تتحرك،وبينما هما على تلك الحال،رأى وحشا
ثلجيا أبيض يخرج من الغابة خلفها،ثم يمر منهما بمسافة غير يعيدة،دون ان ينتبه لوجودهما،ولما صار بعيدا،مدت سيدة
الثلج يدها فجأةباتجاهه،لتخرج عاصفة ثلجية،حملته في الهواء ،ثم قذفت به بعيدا إلى ما وراء الغابة الكبيرة.
ونظرت إلى باسم المرعوب منها.
سيدة الثلج بصوت عذب:اصغ إلي جيدا،لا اريدك ان تهلع مني لأني لن أؤذيك،،والآن سأذيب الثلج عنك،وستدعني
أنفخ داخل فيك،،،بهذه الطريقة يمكنني أن اعيد الدفء إلى جسدك،هل انت معي.
اماء رأسه بصعوبة،بأنه موافق.
نفخت سيدة الثلج نفسها في فم باسم،فدبت الدفء في جسده،وعادت إليه الحركة مجددا،وختمت فعلتها بقبلة رقيقة.
فابتعد باسم عنها وقال:ابقي بعيدة عني ارجوك.
ثم هرول مسرعا باتجاه المعسكر.
فلحقت به قائلة:انتظرني.
باسم:قلت ابتعدي عني،
سيدة الثلج:لا أستطيع..انا احبك.
هتف:اما انا فلا.
السيدة مستغربة وقد صارت تهرول إلى جواره:لماذا؟
باسم:لأنك قد تقتلينني كما فعلت باولئك.
سيدة الثلج:ولكني لست الفاعلة.
باسم:لا يهمني.
طارت ووقفت امامه،فتوقف فزعا ثم قال محاولا غخفاء خوفه منها:لم أعد أشعر بالخوف منك.والآن ابتعدي،،علي
ان اساعد روان.
مر بجوارها،فقالت:لا بد ان وحوش الثلج التي أرسلتُها قد اكلتها الآن.
توقف ونظر إليها قائلا بحنق:ماذا فعلت؟
ابتسمت بمكر:كان علي ان ازيحها من طريقي.. كي تراني.
باسم:لأرى ماذا،امرأة انانية،تمتلك قلبا أقسى من الحديد،وتقتل بدم أبرد من الثلج،
نظرت إليه بحزن،وتابع:اتعلمين..إن ماتت روان فلن يكون الخطأ خطؤك،بل خطأ روان نفسها،لأنها قررت البقاء
لأجل ان تمنع اولئك من أذيتك.
تركها وابتعد.
كان ما تبقى من أفراد البعثة،يجمعون اشيائهم،في رعب وخوف،ثم جرت روان إلى احد الجنود الذي كانوا يحرسون
المكان فهتفت:هل عاد باسم وإيمليا؟!!!
رد عليها:لا!!
شعرت بالقلق،:من أي جهة ذهبا؟
اجابها:ذهبا باتجاه تلك الغابة،،
همت بالذهاب لكن الجندي امسك بيدها وقال:آسف يا سيدتي لن اسمح لك ،،لأن واجبي أن احمي افراد المخيم.
روان:ارجوك دعني اذهب ،قد يكون بحاجة للمساعدة.
جرها خلفه بيده القوي:لا أستطيع.
انقض وحش عليهما من الخلف،وامسك بالرجل وتقلبا معا،ثم انتصب الوحش على قائمتيه وهو يمسك بالرجل من
ذراعيه، ويقطعهما بوحشية تامة امام روان،،التي فقدت وعيها على الفور من شدة وفظاعة وهول المنظر.
************************************************** *
فتحت روان عيناها،،،والتفت يمينا لتسمع باسم يقول:أنت اروع امرأة وقعت عليها عيناي.
فنظرت إلى التي يتحدث معها،وارتاعت عندما رأت شعرها الأسود الكثيف والطويل وهي تبعد بعضا من خصله عن
وجهها بدلال،ثم تذكرت باسم وهو يشرح صفات سيدة الثلج لغاس،عيناها الرماديتان،،وجمالها الذي لا يضاهيه اي
جمال،
روان:باسم..!
اسرع باسم إليها وقال بحماس:رواني عزيزتي.
حدقت روان بفزع إلى سيدة الثلج التي كانت تسير إليها .
فابتسم باسم وقال:لا تقلقي،إنها لن تؤذينا،،،لقد اتضح انها مسالمة بعكس ما قيل لنا.
روان:وهل صدقتها؟
تحولت المرأة إلى ضباب ثم اتجهت نحوها،لتلتقي بها وجها لوجه قائلة:لو كنت اعض،،،،لعضضتك منذ اول يوم
ركبت فيه معك.
تاملتها روان مندهشة ولم تفهم ما تعنيه،فقال باسم:لقد كانت تتقمص شخصية إيمليا.
مدت السيدة يدها لتصافحها:بالمناسبة اسمي يوكي.
لم تصافحها روان،وقالت:إذن لا توجد امراءة اسمها إيمليا.
يوكي:بل توجد..لكني تقمصت شخصيتها بعد موتها.
روان بغضب:يالك من متوحشة،لتتكلمي هكذا عنها وبعد ان قتلتها!!
يوكي:على رسلك انا لم أقتلها،بل شيء آخر فعل ذلك.
باسم:إنه نفسه الذي يقتل افراد البعثة.
روان:تتحدث كما لو انك قد رأيته هو الاخر؟
باسم:اشعر بأنها تقول الحقيقة.
روان:اما انا فلا.
يوكي:المهم هو رأي باسم،وليس رأيك.
باسم:روان..انظري كيف تتحدثين معها،،لو كانت شريرة كما روت تلك العجوز،برأيك هل كنا قد بقينا أحياء إلى
هذه اللحظة.؟!
روان:ربما كانت تنتظر اللحظة المناسبة.
يوكي:نعم انا انتظر اللحظة المناسبة،،هل يريحك هذا؟
روان:نعم.
يوكي:فلتحترقي في الجحيم.
روان:وانت ايضا.
كادت الم